تحقيقاتصحيفة البعث

للمواءمة بين التحديات والضوابط الصيدلة في اللاذقية.. أولوية البحث عن تعديل القوانين.. وتكثيف الجهود النقابية لتطوير واقع العمل

 

ما بين التحدي المهني المتشعب والمتشابك والمتداخل مع قطاعات عدة، والرقابة على تداول المنتج الدوائي وتوزيعه، يجد الصيدلي نفسه كالقابض على الجمر في مزاولة مهنة تستدعي منه المواءمة بين عدة حلقات مهنية، وصحية، ورقابية، وتوزيعية تتلاقى بنهاية المطاف في صيدليته التي تتكشف فيها مؤشرات تفاعل هذه الحلقات تركيباً، وتحليلاً، وبالمقابل تماماً لا تخلو هذه المهنة من منغصات وهواجس وصعاب يفنّدها مزاولوها كصك براءة من شكاوى وملاحظات على حالات خلل ومخالفات لا تشفع لها المبررات والظروف والمسببات على كثرتها، لأن الخطأ أياً كان حجمه مرفوض في قطاع لصيق بالسلامة الصحية، أما عندما تكون الشكوى حاضرة في أروقة القائمين على هذا القطاع، فإن التفاعل يأخذ مداه الأوسع للكشف عن الملابسات تحت مظلة القانون الذي يقيم الحد على المخالف بالإحالة إلى التأديب، وربما ينتهي حسب المخالفة إلى التشميع، مع إجراءات قانونية واضحة النص وضوح الشمس.

أولويات مهنية
وفي حضرة الصيادلة تتكثف الأولويات المهنية المستعجلة، ومنها ملاحقة وضبط الأدوية غير الممهورة بالختم الليزري لوزارة الصحة، والإسراع بإحداث هيئة الغذاء والدواء للإشراف على التراخيص الممنوحة، والإسراع أيضاً بتعديل بعض القوانين بما يلائم الاحتياجات المستجدة للعمل الصيدلي، وتعديل هامش الربح بما ينعكس على تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي للصيادلة، وتأمين مقسم أرض لتشييد مساكن للأعضاء، وتفعيل جميع اللجان المشتركة بين وزارة الصحة، ونقابة صيادلة سورية، والمجلس العلمي للصناعات الدوائية، والسعي لرفع رواتب الصيادلة المتعاقدين مع وزارة الصحة، والتأكيد على إحداث هيئة الغذاء والدواء لتكون مهمتها المراقبة والإشراف على التراخيص الممنوحة للأدوية والأغذية الوطنية والمستوردة.

أعباء المهنة
كما تطفو على السطح الصعوبات التي تواجه المهنة مثل تعذر تأمين بعض الأدوية النوعية والعادية في بعض الأحيان، والانقطاع المتكرر في توفر بعضها الآخر، وعدم استقرار العائد المادي للصيدلاني نتيجة عدم استقرار سعر الصرف، وارتفاع الضرائب، وبدلات الكهرباء، والمياه، والإيجار، وأولوية السعي لتطوير المهنة، وإحداث مركز تأهيل وتدريب صيدلاني أكاديمي، والعمل الجاد لمكافحة تهريب الأدوية، ومنع انتشار غير النظامية منها.

التحقق المستمر
وللوقوف المباشر على الواقع المجرد والدقيق للعمل الصيدلي بكل شؤونه وشجونه، وآلية متابعته، وأولويات تطويره، زارت “البعث” مبنى فرع نقابة صيادلة اللاذقية، والتقت رئيس مجلس فرع نقابة صيادلة اللاذقية الدكتور محمود شبّار حول قضايا مهنية ورقابية ودوائية ونقابية عديدة، حيث قال في مستهل اللقاء: يقوم فرع نقابة الصيادلة في اللاذقية بجولات دورية منتظمة على كافة الصيدليات المرخّصة ضمن محافظة اللاذقية عبر لجان مشتركة مع مديرية الصحة من خلال اللجنة 29/ب، إضافة إلى لجان خاصة بالنقابة، وهي: لجنة شؤون الصيدليات، ولجنة مراقبة دوام الصيدلي والتزامه، ومهمة هذه اللجان إجراء جولات وزيارات متتابعة إلى الصيدليات للتحقق من كافة الشروط والأمور الناظمة لممارسة مهنة الصيدلة بكل شؤونها وجوانبها من حيث تواجد الصيدلي في صيدليته، وإعطاء الدواء، وتسجيل جميع الأدوية ضمن سجلات الأدوية النفسية والمخدّرة، وتقيّد الصيدلي بالأسعار المتوافق عليها من قبل وزارة الصحة، واستيفاء وتطبيق كافة الشروط الصحية والمهنية، كما تقوم النقابة، إضافة إلى عملها في اللجنة المشتركة مع مديرية الصحة، بضبط ومخالفة أية صيدلية تخل بشروط مزاولة المهنة وشؤونها.

ضبط المخالفات
وأوضح الدكتور شبّار أن فرع النقابة ضبط العديد من المخالفات إثر جولاته الرقابية المستمرة، حيث قارب عدد الضبوط المسجّلة والموثّقة خلال الشهرين الماضيين الـ / 100/ ضبط، وهي محاضر زيارات إلى الصيدليات، وكانت ضبوطاً نظامية، حيث لا وجود لمخالفات، وبالمقابل كانت هناك مخالفات تم ضبطها، وعلى إثرها تمت إحالة الصيادلة المخالفين بموجب الضبوط المسطّرة الموثّقة إلى مجالس تأديب من خلال إجراءات اتخذتها النقابة قانوناً بهذا الصدد، حيث لدى النقابة قاض منتدب من وزارة العدل بخصوص الإحالة إلى مجلس التأديب، وقد أحيل عدد من الصيادلة إلى مجلس التأديب، وتم اتخاذ قرارات بشأن تشميع صيدليات بموجب قرار قضائي، وبيّن د. شبّار أنه تم تنظيم 20 مخالفة استوجبت إحالة إلى مجلس التأديب، وتشميع صيدليتين، واتخاذ عقوبات رادعة تشمل عدم الالتزام بصرف الأدوية النفسية، وعدم تواجد الصيدلي على رأس عمله في صيدليته، إضافة إلى مخالفات بالأسعار، ومخالفات أخرى، لافتاً إلى أن هناك لجاناً تعمل على مدار الساعة، واستدعاءات لأجل التأكد من سلامة كافة الأمور والضوابط الناظمة للعمل المهني من كافة الجوانب كالأسعار، والالتزام بالتواجد، والوصفة، وغيرها.

الزمر الدوائية
يؤكد نقيب صيادلة اللاذقية أنه لا يوجد نقص في الزمر والأصناف الدوائية، وأن التعافي الدوائي يسجّل نسبة عالية جداً في ظل عودة قسم كبير من معامل تصنيع الدواء للعمل، وتغطية الاحتياجات من مختلف الزمر الدوائية، وهي متوفرة بمجملها بالتوازي مع إنشاء معامل لتوفير الزمر الدوائية التي لا يتوفر تصنيعها حالياً، ومن شأن هذه المعامل أن تدعم الاكتفاء الدوائي المحلي، والحد ما أمكن من الاستيراد، وحول تغطية الخدمة الدوائية في مناطق السياحة والاستجمام بيّن د. شبّار أن هذه المناطق مخدمة من خلال الصيدليات المتواجدة، ولاسيما في مناطق الشاطىء الأزرق، ورأس شمرا، وصلنفة، وكسب، والبسيط، وقيام النقابة باتخاذ قرار المناوبة 24 ساعة للصيدلية المركزية العائدة للنقابة في منطقة مارتقلا بمدينة اللاذقية، بما يسمح بالحصول على الدواء ليلاً نهاراً، وبشأن شرط المسافة بين الصيدليات.

عقد عمل لصيدلي إضافي
أوضح رئيس فرع النقابة أن شرط المسافة محدد من قبل وزارة الصحة، ويبلغ في اللاذقية (50) متراً، وهو الحد الأدنى، وهناك قرار متخذ من فرع النقابة بالسماح للصيادلة بعقد عمل لصيدلي إضافي ضمن الصيدلية المفتتحة، وذلك كخطوة تبنّتها النقابة لفتح فرص عمل للصيادلة، إذ بات بإمكان الصيدلي بموجب هذا القرار استيعاب زميلين في صيدليته، وهذه ضمن عدة خطوات تتابعها النقابة لاستيعاب الصيادلة الجدد، ومنها أيضاً السماح للصيادلة باستمرار العمل في فترة الظهيرة بهدف خلق فرص عمل جديدة بشرط وجود صيدلي إضافي وقت الظهيرة، ولأجل ذلك تقوم النقابة حالياً بدراسة هذه الخطوة من كافة جوانبها وحيثياتها ليتم اعتماد الخطوة بالشكل الأمثل والأفضل، بما ينعكس إيجاباً على الزملاء الصيادلة، والنهوض بالمهنة، والارتقاء بكفاءة مزاولتها.

مشروع قائم
ويطمئن نقيب صيادلة اللاذقية أن مشروع إنشاء معمل التصنيع الدوائي في اللاذقية لنقابة الصيادلة لايزال قائماً ومدرجاً في خطة عمل النقابة، وموضع متابعة حثيثة مع الجهات المعنية لاستكمال الإجراءات الأولية إيذاناً بالإقلاع في المشروع حين إنجاز الملف التنظيمي للموقع العام للمشروع، وأوضح الدكتور شبّار أن معمل التصنيع الدوائي من أولويات خطة عمل فرع النقابة، ولم يؤثر التأخير في الإجراءات الخارجة عن إرادة النقابة على أهميته، وإدراجه في الخطة، وأولويته كمشروع حيوي هام، بل يتم حالياً العمل الحثيث على تذليل الصعوبات بالتنسيق مع مجلس مدينة اللاذقية بإشراف ومتابعة من السيد محافظ اللاذقية إبراهيم خضر السالم لتمكين فرع النقابة من إنجاز إضبارة استملاك موقع إنشاء معمل التصنيع الدوائي في المنطقة الصناعية بمدينة اللاذقية، مضيفاً أنه تم تخصيص فرع النقابة بقطعة أرض في المنطقة الصناعية الجديدة، ويجري حالياً استكمال الإجراءات القانونية والتنظيمية التي قاربت مراحلها الأخيرة، وعندما تستلم النقابة ملف تخصيص الأرض واستملاك الموقع فإنها جاهزة للإقلاع باتخاذ الخيار الأفضل والإجراء الأنسب لإنشاء معمل التصنيع الدوائي العائد لفرع نقابة الصيادلة، مع إمكانية اللجوء إلى فتح خيارات مشاركة النقابة المركزية، وطرح أسهم الاكتتاب أمام الزملاء الصيادلة، وكل خيار يدعم انطلاقة المشروع بأفضل جدوى ممكنة، وهذا كله سيأخذ مساره للتنفيذ بعد الانتهاء من تعديل الصفة التنظيمية للموقع المحدد لإنشاء المشروع، وبعد صدور قرار اللجنة الإقليمية، وهذا يأخذ وقتاً، إلا أن هناك اهتماماً من الجهات المعنية في محافظة اللاذقية، ومجلس مدينة اللاذقية للإسراع باستكمال الإجراءات، وهناك جهود مبذولة في هذا الإطار.

عدة خيارات ودراسات
وأكد أن لدى النقابة عدة خيارات ودراسات لإنشاء وتمويل وتجهيز المشروع بما يوازي أهميته، والحاجة لمثل هذه المشروعات في تلبية الاحتياجات المحلية، كما أنه يندرج ضمن سلسلة خطوات هادفة لدعم الصناعة الدوائية الوطنية، والاستفادة من خبرات الكوادر الصيدلانية والمخبرية، ويهدف المشروع إلى دعم احتياجات المحافظة من المنتجات الدوائية، ويعد المصنع الدوائي المرتقب مشروعاً حيوياً بالغ الأهمية من الناحية الطبية والصحية، حيث يفتح فرص عمل للزملاء الصيادلة، ويستوعب العديد من الاختصاصات، إضافة إلى تشغيل اليد العاملة في مختلف حلقات التصنيع والتوزيع، كما أن تمويل المشروع متاح من خلال النقابة، ويدعم هذا المشروع تطبيق التشاركية في التصنيع، والاستثمار، والاكتتاب.

البطاقة التأمينية
وبما يخص خدمة التأمين في الصيدليات أكد د. شبّار أن معظم صيدليات محافظة اللاذقية تتعامل بالبطاقة التأمينية، وأن الموضوع اختياري، وليست هناك صيغة ملزمة للصيدليات للتعامل مع بطاقات التأمين، وإنما يتوقف الموضوع على العلاقة بين الصيدلي نفسه وشركة التأمين، فيمكن أن يتعذر على بعض الصيادلة توفير القدرة المادية لإعطاء شركة التأمين المبالغ المستحقة لهذا الموضوع، فقد لا تكون لدى البعض القدرة المادية خلال الفترة الزمنية المحددة، وقد لا يستطيعون تغطية النفقات المطلوبة المستحقة، إلا أن غالبية الزملاء الصيادلة يتعاملون بالبطاقة التأمينية في محافظة اللاذقية، ويضاف إلى هذا أن الصيدلية المركزية بصدد التعامل مع البطاقة التأمينية قريباً، وأكد أن جميع الصيدليات المفتتحة في مختلف القطاعات والجهات والمشافي الخاصة وغيرها تخضع للمتابعة والرقابة كغيرها من الصيدليات كونها صيدليات مرخّصة أصولاً، وتطبّق على هذه الصيدليات أسس وشروط مزاولة العمل المهني نفسها، وعند ورود أية شكوى من أي مواطن يتم التحقق منها أصولاً، ولو كانت الصيدلية ضمن مشفى خاص، لأن المسؤولية تقع هنا على الصيدلي نفسه في حال وجود مخالفة، ولا يمكن التهاون مطلقاً في ضبط أية مخالفة أياً كانت سواء في السعر أو غيره.
التقيد بالمناوبة
وحول انتظام مناوبة الصيدليات، والتقيّد بالمناوبة، يؤكد د. شبّار أنها من أهم الأولويات التي تجري متابعتها بشكل دقيق، ولفت إلى وجود نشرات يجري تعميمها على أوسع نطاق لتمكين الجميع من الاطلاع على الصيدليات المناوبة من خلال صفحة فرع النقابة على شبكات التواصل الاجتماعي، كما يتم نشر جداول المناوبات أمام الصيدليات، لأنه قد لا يكون هناك لدى بعض الناس سبيل أو وقت أو إمكانية لاستخدام الشبكات الالكترونية وغيرها، ما يدفع النقابة نحو توزيع جداول النقابة بعدة طرق، وأيضاً كما ذكرت– يضيف نقيب الصيادلة– هناك الصيدلية المركزية التي يجري العمل لتناوب 24 ساعة، وهذا ما سيخفف كثيراً من الأعباء، وإضافة إلى ذلك يجري العمل على تفعيل العمل بالرقم الهاتفي الرباعي بالتعاون مع مؤسسة الاتصالات، وقد كان هذا الرقم في الخدمة، إلا أن المشكلة قيد المعالجة بالتعاون مع المؤسسة لتشغيله قريباً بما يقدم خدمة ميسّرة للمواطن.

فاعلية التركيب الدوائي
وعن فاعلية تركيب المستحضر الدوائي على حساب سعره يؤكد نقيب صيادلة اللاذقية أن الدواء السوري معروف بجودته عالمياً، وأن كل مستحضر دوائي يخضع بالضرورة المطلقة للاختبار الدقيق في مختبرات وزارة الصحة قبل طرحه بهدف التثبت التام من مطابقة المعايير والمواصفات، وللتأكد من سلامة المنتج الدوائي.

رقابة دوائية عالية
ويشير إلى أن الرقابة الدوائية في هذا المجال عالية جداً، كما أن لوزارتي الصحة والاقتصاد إجراءات دقيقة ومتناهية في الدقة بخصوص الأدوية المستوردة، مبيّناً أن جميع المستحضرات الدوائية تخضع لأدق الاختبارات والتحاليل في مختبرات متطورة لدى وزارة الصحة، وهذا أمر معروف لدى القاصي والداني، كما أن هناك لجاناً تقوم بشكل دوري ومستمر ومتتابع بسحب عينات للتثبت من شروط الجودة والمواصفة كإجراءات متكاملة، ويؤكد أن التركيب الدوائي ثابت، وأن الدواء السوري مشهود له بالجودة، ويصدّر إلى العديد من دول العالم، رغم ظروف الحرب، والأزمة، وآثار الحصار الغربي الجائر، ويشدّد شبّار على تميّز الدواء السوري بجودته وفاعليته ودقة سلامة نسب تركيبه، وأن الدواء السوري يضاهي الكثير من الأصناف الدوائية التي تدخل البلد، لأن الدواء السوري مراقب بأعلى درجة من الدقة، وبشكل مستمر، وبالعينة العشوائية التي يتم إرسالها دورياً إلى مختبرات وزارة الصحة.

سحب الصنف المخالف
وأوضح أن أي خلل أياً كان ضئيلاً ومحدوداً يستوجب سحب الصنف المخالف ضماناً لشروط السلامة الصحية التي هي من الأولويات المشغول عليها في كل الخطط والبرامج والإجراءات من خلال برنامج عمل النقابة التي تشرف على أكثر من 900 صيدلية في محافظة اللاذقية، بالتوازي مع إجراءات عدة يجري العمل عليها لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الصيادلة، وخلق فرص عمل جديدة بالتعاون مع كافة الجهات المعنية عبر وضع الحلول والتصورات والدراسات التي تحقق الارتقاء المستمر بكفاءة مزاولة مهنة الصيدلة، بما يدعم ويعزز مساهمة المهنة في تعزيز السلامة الصحية.

مروان حويجة