أخبارصحيفة البعث

اشتدي أزمةُ… تنفجري!…

 

د. مهدي دخل الله

قالت العرب: اشتدي أزمةُ… تنفرجي. ولما كان الشرق الأوسط ساحة «العجائب» في الأحداث، من المنطق الحديث هنا عن مقولة أخرى: اشتدي أزمةُ… تنفجري!…
فلا شك في أن الصراع بين المقاومين ومحورهم من جهة، والصهيونية وداعميها من جهة أخرى انتقل مؤخراً إلى مرحلة جديدة لها منطقها ومضامينها..
الحديث هنا عن ثلاثة عناوين، تحرير خان شيخون كحدث استراتيجي وجيوسياسي مهم، والعدوان «الالكتروني» (أي من المعادل الثالث) الإسرائيلي على دمشق وبيروت، وأخيراً مواقف ترامب الجديدة التي أعلنها في باريس على هامش قمة الدول السبع الكبرى..
ويبدو أن مصطلح «قواعد اشتباك جديدة» في الصراع تعريف مهم بالتطورات ونتائجها، لكنه مصطلح تقني، وما يهمني هنا المضامين الاستراتيجية والجيوسياسية لهذه التطورات…
* تحرير خان شيخون له أهمية نوعية من ثلاث زوايا منطقية، أولاً: هو نصر عسكري خالص ومبين دون مفاوضات ومصالحات وحلول تفاهمية، ثانياً: هو مفتاح سلسلة من الانتصارات اللاحقة بسبب الموقع الاستراتيجي المميز لخان شيخون، وكذلك البعد الجيوسياسي، آخذين بعين الاعتبار العلاقات في إطار «الدول الضامنة»، ثالثاً: وهذا هو الأهم أنه درس لأردوغان على أن صبر سورية ليس ضعفاً وإنما حكمة، هدفها فضح نواياه، وعدم التزامه بتوقيعه (سوتشي)، كما أنها حكمة هدفها، أولاً وأخيراً، حماية أرواح جنودنا البواسل والمدنيين إذا كان من الممكن التحرير تفاهمياً..
* العدوان الإسرائيلي كانت له، على ما يبدو، أهداف عدة، أهمها توجيه رسالة للإرهابيين بأن إسرائيل مازالت جاهزة لدعمهم، إضافة إلى تسخين الأوضاع أمام شعور نتنياهو بتراجع ترامب عن لغته الحادة ضد إيران، ناهيك عن استغلال فرصة انعقاد قمة “السبعة الكبار” في باريس لتذكيرهم بدعم إسرائيل..
* أما تصريحات ترامب في باريس، فهي تأكيد – عن غير قصد – على صمود محور المقاومة أمام الهجمة الكبرى التي ازدادت حدة في الشهور الأخيرة. لعله نوع من الواقعية المفروضة على الرئيس الأمريكي عندما أبدى استعداده لعقد قمة مع روحاني«في ظروف مناسبة» – كما قال- أي أنه تراجع عن «الشروط»، كما أن اعترافه بأن إيران: «شعب عظيم ودولة عظيمة» (انتبهوا إلى مصطلح دولة) هو نوع من الاعتراف بأن أسنانه التعبة لم تستطع كسر الجوزة الإيرانية، على الرغم من أن هذه الأسنان مصنوعة من الفولاذ الصلب مدعومة «بلعاب نووي» وحنجرة تزمجر باستمرار عبر وسائل الإعلام والتواصل.
هي تحولات نوعية حصلت، لكن هذا لا يعني أبداً أننا وصلنا إلى نهاية المطاف… بالعكس تماماً، تؤكد الأحداث أن عدونا مازال قوياً وشرساً، ولم يتنازل بعد عن أهدافه..

mahdidakhlala@gmail.com