تحقيقاتصحيفة البعث

مشاهد العنف التلفزيوني والحياتي انعكاس سلبي على السلوك الطفولي

أحداث العنف تترك أثرها الأكبر على الأطفال من فئة الأعمار الصغيرة عموماً، وستنعكس بشكل سلبي وشبه دائم على نفسيتهم، كما أفاد الدكتور محمد عبد الرحمن، الاختصاصي بالأمراض النفسية والعصبية، وأضاف بأن العنف الذي يتجلى بأصوات القذائف، أو المشاهد المرعبة، أو الأحاديث التي يتداولها الناس عن جرائم ترتكب هنا وهناك، سوف تتراكم مع الوقت، وتشكّل مخزوناً سلبياً في ذاكرة الأطفال، وأن ما نسمعه يومياً ونشاهده على شاشات التلفاز يعتبر حدثاً فاجعاً ومرهقاً لنا جميعاً، فكيف هو للأطفال، فالطفل يجب أن يتربى على الهدوء والطمأنينة والسكينة، ونزرع فيه الأمل والثقة والسلام، وهو في هذه الأحداث يفقد كل تلك الأشياء، وتحل محلها أحداث مرعبة سوف تؤثر على حياته بشكل كبير، وستتجلى تلك التأثيرات بالخوف، اضطرابات النوم، التخلف الدراسي، الفشل المتكرر في اكتساب أية مهارات جديدة، وسوف يصاب بالخوف من كل أفراد المجتمع، ويفقد الثقة بنفسه وبالآخرين، وستتكون لديه سلوكيات عدوانية تنعكس على تصرفاته مع رفاقه، أو أقاربه، أو أي شخص آخر، وستستمر معه طيلة حياته، كما قد يتعرّض الأطفال لأمراض نفسية تنشأ في هذه الحالات مثل: (العصاب القلق- الاكتئاب)، كما يجب أن نضع باعتبارنا، كما يقول د. عبد الرحمن، أن سلوك أولئك الأطفال سيكون غائباً عنه احترام القانون، وسيفقد الطفل احترام القيم الاجتماعية التي نشأ عليها، وسترتسم في ذهنه مشاهد جديدة للحياة تتسم بالعنف، والقتل، وغياب الرحمة والشفقة، وعدم احترام الآخرين، ولاسيما الأكبر سناً كالمدرّسين أو الإدارة، أو حتى في الوظائف عندما سيدخلون سوق العمل فيما بعد، ويمكن القول هنا بأن كل ما سبق ينبىء بارتفاع في نسبة الجريمة في المستقبل، وسنصادف الكثير من الحالات النفسية كما شاهدنا عند الأطفال العراقيين الذين أتوا إلى سورية في فترة من الفترات.

صور الرعب

إذا أردنا أن نخفف من وطأة الأحداث الأليمة على الأطفال، يؤكد د. عبد الرحمن على ضرورة التخفيف قدر المستطاع من مشاهدة الفضائيات التي تبث صور الرعب والقتال والدمار والدم، كما يجب عدم الإكثار من الأحاديث التي تدور حول السياسة والمجازر والاعتداءات، سواء في منطقة أو أخرى، وزرع الطمأنينة في نفوس الأطفال، وأن نشرح لهم باستمرار أن الكثير من هذه الأشياء والصور مبالغ بها، وأنها ليست من قيمنا، وبعيدة عنا كل البعد، وقد ترتكب في أماكن أخرى، فنحن كأهل ومجتمع يمكننا أن نداري الأطفال من تلك الأحداث، مع التأكيد على أننا لا نستطيع أن نغفل أو نخبىء كل شيء عنهم، كما يجب أن نضع خطة مستقبلية لأطفالنا الذين تعرّضوا لأعمال عنف في المناطق الساخنة، وفي هذا الإطار تعكف الصحة النفسية في وزارة الصحة حالياً على وضع آلية لمساعدة هذه الفئات التي مرت بظروف قاسية في المناطق الساخنة، أو العائلات التي نزحت من مناطق سكنها، حيث ستواجه مشاكل كبيرة أيضاً بعد أن كانت تعيش في بيوت مستقلة، وبشكل مريح أصبحت تعيش بشكل صعب جداً في أماكن عامة مكتظة كالمدارس، أو في مجتمعات مضطربة، وتتضمن الخطة توعية نفسية يقوم بها أطباء مختصون، وجلسات مساندة لمساعدتهم في التغلب على هذه الظروف المعقدة التي لا نعرف متى ستنتهي زمنياً.

رسائل إيجابية

إن رؤية الأطفال لمربيهم وهم متماسكون يوصل لهم رسائل إيجابية، فهم يتعلّمون ضبط انفعالاتهم كذلك، والأهم أن يظهر مربوهم بموقع القوة والمسيطر على الأمور، فغالباً ما يعطي الشخص المنفعل صورة للأطفال بأنه خارج السيطرة، وهنا تصبح الأمور أشد تعقيداً، ولا ضير بأن نترك للطفل مساحة للحديث عما يجول بخاطره، وأن نجيبه عن تساؤلاته بالشكل الذي يترك لديه انطباعاً إيجابياً، ويعطيه بريق الأمل.

التحقيقات