أخبارزواياصحيفة البعث

نقطة على حروف ” الخطوط الحمر”

د. مهدي دخل الله

هذا النص الموجز، هدفه الإسهام في قراءة ما جرى بين المقاومة والعدو الصهيوني، وهو أمر واضح، لكن في بعض الأحيان توضيح الواضح ليس أسهل من توضيح المبهم!.

لاشك في أن ضربة المقاومة للعدو حدث صغير، إذا قيس بحجم الذل والإهانة التي نتحمّلها نحن العرب منذ عام 1948، وخاصة نحن الجزء العربي في بلاد الشام ومصر، لكن لمّا كان للرموز في ثقافة العرب ونفسيتهم العامة مكان مؤثر، وهذا طبع الثقافات العريقة، لأن الثقافة “علم الرمز”، فإن الحدث مفصل مهم في مسار هذا الصراع المُضني!.

إنه اختراق نوعي لخطوط الصهاينة الحمر، وأهميته في أنه جاء في توقيت يتهافت فيه “النظام العربي” راجياً إسرائيل أن تطبّع معه بعد أن استطاعت الصهيونية رفع علمها على النيل في قلب القاهرة “المقهورة بهذا العلم” قبل حوالي أربعين عاماً..

وجاء هذا الاختراق في وقت “تخترق” فيه سورية بمعجزة مدهشة “الخط الأحمر” المعادي للإنسانية كلها، “وتعالج” فيه رأس الأفعى الذي تسلل إلى جسدها!.

“قلنا لهم انضبوا… فهربوا” قالها نصر الله… اعترف أحد الصهاينة أمام الإعلام: “اليوم بدأت أشعر إننا فعلاً شبكة عنكبوت”. لا… لستم شبكة عنكبوت، إنه مجرد مصطلح تشجيعي وتعبوي. أنتم مركز الإرهاب العالمي المُركّز “الإصنص” أنتم أقوياء، وتمثلون بؤرة القوى المعادية للبشر مجتمعة، وهذا هو التفسير الوحيد.

إننا لم نستطع أن نزيلكم من خاصرة الشام القريبة على قلبها النابض حتى اليوم، لكننا مصممون على مواجهتكم، فالأقوياء لا يواجههم إلا أقوياء. نحن لا نواجه عناكب، وإنما نعمل على إعادة توجيه مسار التاريخ نحو ما يخدم الوجود الذي يليق بالإنسان، وعدونا قوي جداً، إنها أكبر معركة شهدتها هذه المنطقة منذ فجر التاريخ، لذلك فهي مضنية وطويلة… لكن “تصفية السرطان” في النهاية ستستفيد منها الشعوب جميعها.

اختراق المقاومة “للخط الأحمر” الصهيوني يمثّل عودة لمسار الصراع إلى “طبيعته”، واستكمالاً لاختراقات الخطوط الحمر التي نفّذها الجيش الوطني العروبي السوري منذ عشرات السنين، وما يزال!.

هل نذكر مصفاة حيفا التي قصفها الشهيد البطل الطيار فايز منصور؟؟.. أم نذكر “ما بعد حيفا” في البحر عندما هاجم جيشنا من أرض لبنان “أمريكا نفسها” عبر قصف البارجة الحربية “نيوجرسي” عام 1983، وهي موجودة اليوم في المتحف في أمريكا؟؟..

أم نذكر إسقاط دفاعاتنا الجوية الطائرة الحربية الأمريكية وأسر قائدها الأسمر بعد مقتل زميله، وقد سلّمته سورية للمبعوث الأمريكي الأسمر جيسي جاكسون في بادرة إنسانية لا مثيل لها؟؟..

أم نذكر بطولات جنودنا وشهدائه الذين أوقفوا حرب الإخوة في لبنان، وحموا استقلاله ووحدة أراضيه وسيادته، وأوجدوا بيئة مناسبة لنشوء أفضل ظاهرة عربية معاصرة… المقاومة؟؟.

لاشك في أن اختراق “الخط الأحمر” الإسرائيلي في لبنان يؤكد أمراً واحداً، هو أننا مازلنا واقفين على الرغم من أن عدونا “اخترق” أرض العرب وكرامتهم، وأذلهم أية مذلة. سورية والمقاومة شيء آخر… ربما كان هذا الخطاب في الماضي مجرد خطاب إنشائي يعبّر عن الرغبات لا عن الوقائع!.. اليوم لم يعد الأمر كذلك، فحرب متوحشة لأكثر من ثماني سنوات، أليست وقائع؟ وصمود هذا البلد على الرغم من آلامه أليس وقائع؟…

mahdidakhlala@gmail.com