زواياصحيفة البعثمحليات

 عُدنا.. بدفاترنا..!

أمّا وقد عاد نحو 3.7 ملايين طالب وطالبة إلى مقاعد الدّراسة، يحدوهم الأمل باستحواذ أفضل ما يمكن من أدوات المستقبل ومفرداته، بعيونٍ تشخص هامسةً: هل أولينا العملية التربوية ما تستحقّ من عنايةٍ وتخطيط، وحصّنّاها بما يكفل عدم بقاء التّعليم عملية روتينيّة تفتقر إلى الإبداع والابتكار في عالم يضجّ في كلّ لحظةٍ بجديد؟

عالمٌ تتجسّد فيه المدرسة كحاضنةٍ تربويةٍ، تضطلع فيه إلى جانب عملية التّعليم والتعلُّم، بمهمّة تشكيل الوعي الثقافي والحضاري والبناء الفكري للأجيال؛ ما يُحتّم على القيّمين عليها إدراك أنَّ دورها البنيويّ لم يعُد مقتصراً على مُجرد الإسهام في رَفع مستوى الطالب معرفيّاً؛ بل يتعدَّى ذلك إلى ما وراء المعرفة، كمؤسَّسة فاعلة تخطِّط لأن تمتدَّ أنشطتها إلى الطلاب خارج نطاق المفهوم الضيّق والتقليدي للمنهج المدرسي، عبر إكسابهم الخبرات والمهارات الحياتيّة بألوانها كافّة، ووضعها موضع التّطبيق، ويتأتّى ذلك من خلال استحداث برامج تربويّة نوعيّة تُسهم في إعداد مُتعلّمِين دائمي التّعلّم، مُتلهّفين للعمل وتحقيق الذّات، مُتعايشين مع غيرهم على اختلافاتهم، مُواكبين لتطورات العصر من حولهم؛ مُنفتحين على العالم، مسكونين بالمبادرة والابتكار!

في المقابل؛ يتوجّب علينا كأولياء أمور؛ تحمُّل مسؤولياتنا بأمانة، ووضع خطّة واضحة لمتابعة وتوجيه أبنائنا؛ إذ إنّ الجهود المدرسيّة من دون المتابعة الأسريّة تغدو قليلة الجدوى، ومن غير المبرّر أن نجد بيننا من لا يُبالون، أو لا يدرون في أيِّ من الصّفوف يدرس أبناؤهم، وما العلوم التي يتلقّونها، أو التّحديات التي تعترض طريقهم، وأين مَواطن الضَّعف والقوَّة لديهم، بحجَّة أنَّ السَّعي وراء الرّزق يستنزفهم ويلتهم أوقاتهم، ولا يُتيح لهم فرصة التّلاقي وتخصيص وقت للأبناء؟!

علينا أن نُجرّب الجلوسَ مع أبنائنا، ومواكبة استعدادهم للعام الدّراسي الجديد، لنشجِّعهم على الاجتهاد والتفوُّق، ولنغرس فيهم حبّ العلم والمعلّم والمدرسة والوطن.

فالمسؤوليّة ههنا: تكامليّة تبادليّة، تقوم على التّعاون الأسريّ والمدرسيّ وكذا المجتمعي، في تهيئة الطلبة للولوج في العام الجديد بشغفٍ، عمادها التّفاعل الخلّاق، لتحقيق التّغذية الفكريّة المعرفيّة والسّلوكيّة، استثماراً في الإنسان!

ولبُناة الأجيال نقول: لديكم الكثير من المسؤوليّات والأعباء، ولكن هذا لا يعفيكم من تذكّر أنّكم أصحابُ رسالة؛ ولا بدّ دونها من القيام بالدّور المنوط بكم على أكمل وجه، كما لا بدّ لكم من تطوير أدواتكم، واستراتيجياتكم التّعليمية، تحقيقاً للذّات وتحصيناً لها، فقنوات المعرفة وفضاءاتها باتت أكثر من أن تحصى في عالم اليوم!

والحال أنّه لا بدّ من ترسيخ ثقافة الحوار الأبويّ الحاني بين الآباء والأبناء، وجلسات النّقاش الخالية من الاستبداد والإلزام بين المعلِّمين والطّلاب، وتنمية دور مجالس أولياء الأمور، وتجاوز الصُّورة النّمطية لها، إلى فعاليّاتٍ ومشاركاتٍ تُؤصِّل في نفوس الطّلاب حقيقة  أنَّ المدرسة والبيت وجهان لعُملة واحدة؛ تتكامل أدوارهما وتتعاضد لتحقيق الاستثمار الأمثل في الإنسان!

أيمن علي

Aymanali66@Hotmail.com