تحقيقاتصحيفة البعث

الرسائل وصلت معرض دمشق الدولي.. ملتقى اقتصادي وتجاري واستعادة للعلاقات التبادلية مع العالم

 

 

التحدي، والفرح، والنصر الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي، رسائل يحملها معرض دمشق الدولي في دورته الحادية والستين تحت شعار: “من دمشق إلى العالم”، بمشاركة 1700 شركة محلية وخارجية من القطاعين العام والخاص، تمثّل 38 دولة عربية وأجنبية، وبحجوزات تجاوزت مساحتها 100 ألف متر مربع لأول مرة في تاريخ المعرض الذي يسجل تزايداً واضحاً في عدد الدول المشاركة به عاماً تلو الآخر، ما يدل على قوة سورية، وقدرتها على استعادة دورها المحوري والمركزي، كما يجسّد المعرض الإرادة القوية، والعزيمة لشعب لا يلين، ويثبت تصميمه على إعادة الإعمار لوطن يستحق أفضل حياة.

ثقة كبيرة
الأستاذ الدكتور محمد ديوب، عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرطوس، تحدث قائلاً: إن للمعرض أهمية كبيرة من عدة نواح، حيث لفت بداية إلى أن المعرض من الناحية الاقتصادية يؤكد أن الأمور بدأت تعود إلى ما كانت عليه سابقاً، ولاسيما أنه حاز ثقة كبيرة من قبل الشركات المحلية، وبعض الدول العربية والأجنبية، والدليل على ذلك تزايد عدد الدول المشاركة في المعرض، وعدد الشركات، ونوعيتها، وأنواع السلع المعروضة.

تشجيع المعرض
ومن المعروف أن المعرض ملتقى اقتصادي هام، وتجاري للدول والشركات، وخاصة أنه يتم عرض أحدث المنتجات والأجهزة والسلع في المعارض، وهنا يبيّن ديوب أن كل شركة تحاول أن تعرض أفضل ما لديها، إضافة إلى أنه في المعارض يتم عادة توقيع صفقات تجارية كبرى، ومن خلال المتابعة فقد تم توقيع عدة صفقات بين الشركات السورية والعربية والأجنبية، وتحاول الحكومة تشجيع المعرض من خلال الحسومات التي تمنحها للمصدرين، وتخفيض تذاكر السفر طيلة أيام المعرض.

نقطة جذب سياحي
وتتجلى أهمية المعرض من الناحية السياحية، حسب الدكتور ديوب، في أنه يعتبر نقطة التقاء هامة لعدد كبير جداً من المواطنين من عدة دول، كما أنه نقطة جذب سياحي مهمة، وهذا تبلور من خلال زيارة عدد القادمين إلى القطر من الدول العربية والأجنبية، وزيارتهم لأجنحة المعرض، إضافة إلى الأماكن السياحية في المحافظات الآمنة، وهذا بدا واضحاً من خلال نسبة إشغال الفنادق التي وصلت في بعضها إلى 100%، وكذلك الحفلات الفنية والمسرحيات التي تقام على أرض المعرض، وهذا يعطي انطباعاً بأن الوضع الأمني جيد جداً، ما يولّد لدى المواطن السوري والأجنبي عموماً ثقة عالية بالوضع الأمني.

تحسن العلاقات
ويرى عميد كلية الاقتصاد أن للمعرض أهمية سياسية تكمن بأن انطلاقته خلال هذه الفترة تعني للمواطن السوري بأن الأمور السياسية والأمنية في الوطن استقرت، والدليل على ذلك الرحلات، والعدد الكبير جداً من جميع المحافظات الذين يزورون المعرض كل يوم، أما بالنسبة للعالم العربي والأجنبي فإن في مشاركة عدد من الشركات العربية والأجنبية دليلاً على تحسن العلاقات السياسية مع تلك الدول، رغم أنه توجد بعض الشركات لدول لا توجد علاقات دبلوماسية معها حالياً.
رديف لانتصارات جيشنا
وأضاف ديوب: إقامة المعرض خلال فترة الحرب تدل على أن القيادة السياسية على علم ودراية بالرؤية الاستراتيجية، وأننا أصبحنا في وضع استقرار سياسي، وكل ما يشاع من الخارج هو كذب وافتراء، ولولا صمود الجيش العربي السوري، والقيادة السياسية الحكيمة، والانتصارات المتلاحقة للجيش، وآخرها تحرير خان شيخون وريفها، لما كان بالإمكان إقامة هذا المعرض في هذه الفترة، وجميع المتابعين والمهتمين، وحتى المواطن العادي يدركون أن الجيش قادر، كما أن لديه القوة على إعادة كامل الأراضي الواقعة تحت سيطرة العصابات الإرهابية، والأمر هو مسألة وقت حتى تطهير الأراضي المتبقية من العصابات الإرهابية.

نقطة التقاء
وبرأي الدكتورة نسرين عبد الرحمن، فإن انطلاقة المعرض تشكّل نقطة التقاء المنتج بالمستهلك، وتلعب دوراً في تنشيط المبيعات، ويتعرف المواطن السوري بالتالي على المنتج المحلي ومواصفاته، ويعرف المنتجين المنافسين لهم في المجال نفسه، فالمعرض دليل حياة لمدينة دمشق، ولكل سورية، رغم أن الحياة لم تغادرنا، ولكن في مرحلة صعبة نعترف بوجودها، وبدأنا بالتعافي من مفرزاتها الصعبة، ومن كافة الجوانب السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.

وفق متطلبات السوق
وأردفت عبد الرحمن: المعرض ينعش ذاكرة السوريين، إضافة إلى أنه يعطي تصوراً حول تطور المنتج السوري، ويفتح آفاق جدل تطوير المنتج، ما يساعد المنتجين بالتعرف على آراء وردود فعل المواطنين المستهلكين للمنتجات، ومدى تقييمهم لجودتها، ويسمح لهم بتطوير منتجهم، ومعرفة القدرات الشرائية الحقيقية عند السوريين، وبالتالي تكييف المنتج السوري وفق متطلبات السوق السورية.

الاستمرار بالحياة
إصرارنا على الحياة واضح من بداية الحرب، كما أن إصرارنا على التطور لم يتراجع، حيث تؤكد عبد الرحمن أننا دفعنا ضريبة الحرب، وكانت غالية، ولكن لم تمنعنا من أن نستمر للأمام، وهذا جزء من التراث الثقافي للسوريين، فكل الأطراف المعنية بالمعرض تعطي صورة على إصرار جميع أبناء الوطن على الاستمرار بالحياة، مضيفة: إن مشاركة دول وشركات عدة محلية وأجنبية في المعرض دليل على عودة الثقة بسورية، وتدل على طموح تلك الدول والشركات للدخول والتواجد في السوق السورية، ما يعكس إدراكهم لأهمية المعرض، وشعورهم بعودة الأمان لسورية.

دعم المشروعات الصغيرة
واقترحت عبد الرحمن أن يتم التركيز في جزء وجانب من المعرض على مشروعات صغيرة كالمنتجات التراثية، والنسيجية، والأعمال اليدوية لدعمها، وبالتالي حل مشاكل كثيرة نعاني منها كمجتمع، فيتم توفير فرص عمل، وإعطاء نقطة تميز بالمنتجات التي فيها خبرة كبيرة.

انطلاقة نحو المستقبل
المعارض هي تجسيد وانعكاس للاستقرار السياسي والاقتصادي في وقت محدد، كما تشكّل انطلاقة نحو المستقبل من خلال تلاقي الإنجازات التي تقدمها الشركات والمؤسسات والمنظمات في مجالاتها المتنوعة لتعريف المهتمين بهذه المجالات، وفق ما أشار إليه الدكتور علي شاهين، مؤكداً أن المعارض ساحة لتسويق الأفكار والمشاريع التي تعتمدها تلك الشركات، وترتقي إليها في المستقبل.
ويتابع شاهين: من خلال الزيارات التي يقوم بها الأفراد والشركات يمكن التعرف على الجديد في عالم الصناعة، والتجارة، والخدمات لإبرام العقود والصفقات والاتفاقيات المستقبلية، باعتبار أن المعرض نقطة تلاق بين المنتجين ممثّلين بالشركات والمؤسسات والمستهلكين من أفراد وشركات للتعرف على الواقع الاقتصادي، والصناعي، والإنتاجي.

بيئة مشجعة للاستثمار
ومن دمشق ترسل سورية رسالة للعالم أجمع تفيد بأن البيئة الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والاستثمارية في سورية وفي كل المجالات هي بيئة مشجعة للاستثمار، وجذب الرساميل، ورجال الأعمال، وخاصة السوريين الذين غادروا القطر في سنوات سابقة للعودة والمشاركة في بناء سورية المتجددة.
دارين حسن