تحقيقاتصحيفة البعث

مع حالة التعافي السياحة.. تحضيرات لإعادة الحياة للعمل السياحي وإجراءات متسارعة لتقديم الخدمات الأفضل

مع بدء تعافي البلاد من خطر الإرهاب، يبرز إلى الواجهة موضوع السياحة، والرغبة في إعادتها لمكانتها، فما هي الخطط للمواكبة بعد طول انقطاع؟ وهل سيتم تقديم الأفضل وبالسعر الأنسب للسائح مع تراجع وفقدان بعض المواد؟ وكيف تدعم “وزارة السياحة” السياحة الشعبية؟ وهل سيساهم تفعيل السياحة في امتصاص نسب البطالة المخيفة بين شباننا؟ وماذا عن وضع المكاتب السياحية بعد توقف وسحب ترخيص الكثير منها مؤخراً؟.

أسواق جديدة للتقليدية

المهندسة رمزية أوطه باشي، مديرة الخدمات والمؤسسات السياحية، وزارة السياحة، أكدت أنه بدأ العمل الحثيث من قبل مديرية الخدمات في الوزارة لتنشيط وإعادة تنظيم كل ما يتعلق بعمل: مكاتب السياحة، مكاتب العمرة، مؤسسات تنظيم الرحلات السياحية، وكالات السفر، غرف السياحة، وأسواق الصناعات التقليدية التابعة للوزارة، كما أكدت أوطه باشي عزم الوزارة على افتتاح أسواق جديدة للصناعات التقليدية في كافة المحافظات من خلال توفير متاجر، وتأجيرها لأصحاب هذه الصناعات بأسعار رمزية جداً بهدف الترويج، والتشجيع للصناعات التقليدية التراثية، واستمرار بقائها حفاظاً على الوجه التراثي، ولكونها من أبرز عوامل الجذب السياحي في القطر، إضافة لحل المشكلات المؤدية لتوقف العديد من مكاتب السياحة، والسفر، والعمرة خلال الأزمة التي أدت لخروج 75 مكتباً من العمل في القطاع السياحي مثل عدم تمكنهم من إيجاد مقرات لهم ضمن مراكز المدن، والتي تعرف بغلاء أجورها حالياً، واستغلال أصحاب المحال لهذا الأمر، فعملت الوزارة ابتداء من عام 2019 على تخفيض المساحة المطلوبة لافتتاح المكاتب السياحية إلى 25 متراً، والاكتفاء بعقد إيجار لموقع المكتب لمدة سنة، سواء كان قابلاً للتجديد أم لا، والاستغناء عن موظف العمرة من كادر المكتب نتيجة توقف العمرة حالياً، والقيام بدورات لتأهيل الكوادر الإدارية التي انخفض عددها نتيجة الأحداث، ويتم حالياً إجراء دورات لتجديد ترخيص الأدلاء السياحيين بعد توقف معظمهم عن العمل، وتزويدهم بكافة المعلومات الجغرافية، والإدارية، والسياسية، والاقتصادية، والمواقع الأثرية التي أصبحت خارج الخدمة بفعل الأزمة، وتجديد ترخيص 350 دليلاً سياحياً، والاستفادة من خبراتهم كون الوزارة عازمة على استقدام مجموعات سياحية إلى القطر، وإقامة مجموعة من ورشات العمل الهادفة لتشجيع السياحة الشعبية في كافة مناطق القطر، وخلال كافة فصول السنة، وعدم جعلها تقتصر على مكان واحد، أو فصل الصيف لوحده.

ستخفف البطالة

المهندس فيصل نجاتي، مدير الهيئة العامة للتدريب والتأهيل السياحي، أكد أن الوزارة قامت بوضع خطط متكاملة قصيرة ومتوسطة وطويلة تبدأ من هذا العام وتستمر حتى عام 2030 لإعادة إنعاش قطاع السياحة بعد الأزمة، وتطويره عبر عدة محاور هي: محور الجودة، محور الاستثمار، محور الترويج، محور التدريب والتأهيل، محور الخدمات، ويعد التدريب والتأهيل محوراً أساسياً، وسيتم عبر المنشآت التعليمية المؤلفة من سبعة معاهد تقانية للعلوم السياحية والفندقية، وأربع عشرة مدرسة ثانوية مهنية فندقية، ومركز دمر للتدريب السياحي والفندقي، بالإضافة إلى 25 مركزاً تعليمياً “قطاع خاص”، وتتضمن اختصاصات مختلفة سياحية وفندقية، والدبلوم التخصصي، ودبلوم التسويق السياحي، ويعد توافر الكفاءة لدى جميع الخريجين من أهم أولويات الهيئة العامة للتدريب السياحي، ونوّه نجاتي إلى أن الطلب على اليد العاملة المدربة والجاهزة لاستلام العمل قد تزايد مؤخراً بعد عودة وافتتاح العديد من المنشآت السياحية التي كانت متوقفة جراء الأزمة، وحالياً يوجد نقص باليد العاملة، وخاصة بعد هجرة أعداد كبيرة من خريجي المنشآت التعليمية السياحية، ونتيجة لذلك وضعت الهيئة خطة لتلافي النقص من خلال تطوير المناهج الموجودة كأولوية في كافة المنشآت التعليمية التابعة للوزارة، وخاصة المواد التقانية، سواء من ناحية المحتوى، أو من ناحية الإخراج، أو من ناحية طرق وأساليب التدريب، وإدخال وسائل تفاعلية بصرية (كمقاطع الفيديو) بالتعاون مع المنظمات الدولية السياحية لدعم الدروس النظرية لمجاراة التطور الحاصل في صناعة السياحة عالمياً، وقد شارفت اللجنة التخصصية لتطوير مناهج المعاهد التقانية على إنهاء العمل، وهناك لجنة أخرى في معهد دمر للتدريب السياحي أيضاً أنجزت الجزء الأكبر من أعمالها، ويتم التركيز على اللغة الانكليزية وتقويتها لدى جميع الطلاب، وتزويدهم بكافة مصطلحاتها اللازمة لممارسة اختصاصاتهم، كما تجتهد الوزارة حالياً على موضوع الدورات التدريبية القصيرة، وتكثيفها في جميع المحافظات بالتعاون مع الجمعيات، والمنظمات كالأمانة السورية، والهادفة لاكتساب المزيد من الخبرات، والمهارات لتمكين الخريجين من دخول سوق العمل مباشرة، وتمكين العامل من تطوير نفسه لمرحلة (الستاندرد)، أو المعايير الدولية السياحية، كما تعمل الوزارة على الترويج للتأهيل، والتدريب من خلال المشاركة في المعارض، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو المشاركة في النشاطات السياحية المحلية لإبراز أهمية القطاع السياحي، وجذب الراغبين بالعمل ضمنه، وتشجيع الأهل لتوجيه أبنائهم للدراسة ضمن هذا القطاع، وحالياً بدأ العمل على استثمار أجزاء من المنشآت التعليمية السياحية: (إنشاء كافيتيرات، أو نواد اجتماعية سياحية) لتشغيل الطلاب ضمنها بهدف زيادة مهاراتهم، وتحقيق عائدات لدعم هذه المنشآت، وأكد نجاتي على التعاون وتبادل الخبرات العلمية مع كليات السياحة الثلاث الموجودة في القطر، وأوضح أن هذه الكليات تعاني من مشكلة الضعف في الجانب التدريبي العملي كونها تخضع لنظام الكليات النظرية، وبالتالي تؤمن الهيئة لجميع الراغبين من طلابها كل ما هو لازم في الاطلاع على التدريب العملي في المعاهد السياحية، ونوّه نجاتي إلى أنه بالرغم من هجرة عدد كبير من كوادر السياحة فإن هؤلاء عكسوا السمعة الطيبة، والفخر لقطاع السياحة السوري من خلال تبوئهم مراتب عالية في قطاعات ومشاريع السياحة العربية، والعالمية، أما بالنسبة لتذليل الصعوبات القانونية التي تواجه عمل الهيئة فقد أكد نجاتي أن القانون الذي يحكم عملها يعود لعام 1979، ويجري العمل على استبداله بقانون جديد لتطوير عمل الهيئة، وتوسيع مهامها، وتحديد الجهات التي ستخضع لإشرافها، وضمان استقلاليتها بشكل سيؤدي إلى نقلة نوعية في مجال التدريب، والتأهيل السياحي والفندقي، وقد تم إقرار القانون في مجلس الشعب منذ شهر حزيران الماضي، ورفعه للجهات الوصائية، كما يجري العمل على دراسة تطوير الأنظمة النافذة في الهيئة، وشدد نجاتي على أهمية السياحة في الحد من نسب البطالة الموجودة في سوق العمل، خاصة أنها تبوأت المركز الثاني في تشغيل اليد العاملة بعد القطاع الزراعي  قبل الأزمة، وستعود أدراجها مع التوسع الأفقي الكبير للسياحة بعد تعافي مختلف مناطق قطرنا الذي يملك كافة المقومات السياحية.

أسعار منافسة

المهندس زياد البلخي، مدير الجودة، وزارة السياحة، أكد عزم الوزارة وتوجهها للمحافظة على الجودة في كل منشآت الإطعام والإقامة وفقاً للسوية والتصنيف الذي تتمتع به تلك المنشآت، أما فيما يتعلق بارتفاع الأسعار فقد بيّن البلخي أنه حدث نتيجة لارتفاع تكاليف تشغيل المنشآت السياحية كأجور العمال، وارتفاع التكاليف الاستثمارية للمنشأة، وسعر مصادر الطاقة، وسعر المواد، ما دفع الوزارة في نهاية عام 2016 لتصدير قوائم أسعار تتناسب مع هذه المتغيرات، ونوّه إلى أن الوزارة لا تقوم برفع الأسعار، وإنما تقوم بتصحيحها من خلال دراسة سوية السعر في معظم المفاصل السياحية، وتحديد السعر المناسب الذي يحقق تكاليف تشغيل المنشأة، وسعر المواد، وهامش الربح المدروس، وتعمل الوزارة على إزالة الفوارق بين أسعار المنشآت من خلال إنهاء حالات المخالفات مهما كانت بسيطة لعدم فتح باب مخالفة القانون من قبل بقية المنشآت، كما تحرص الوزارة على توفر النظافة، والشروط الصحية، والتكييف، وجودة الأثاث في الفنادق حتى لو كانت شعبية، وحول سؤالنا عن شكوى بعض أصحاب الفنادق الشعبية من ضعف الخدمات المقدمة لهم بيّن البلخي أن تقديم خدمات لهذه الفنادق ليس مسؤولية الوزارة، وأوضح أن ذلك من اختصاص الجهات الخدمية، وأن الوزارة تدعم هذه الفنادق، وغيرها من المنشآت السياحية من خلال خطط الترويج للسياحة بكافة أنواعها للمناطق الموجودة فيها هذه المنشآت، وحول موضوع المخالفات المضبوطة من قبل الوزارة أكد البلخي أن معظمها يتمحور حول عدم الإعلان عن الأسعار، وأن الوزارة تتخذ كافة الإجراءات القانونية بحق المخالفين، ولا تتهاون نهائياً في المخالفات الجسيمة كالمتعلقة بمخالفة الشروط الصحية، والنظافة التي تمس سلامة وصحة المواطن، وتأتي نسبة “مخالفة البيع بأسعار أعلى” في المرتبة الثانية، ولكن عادة لا يتم اكتشافها إلا من خلال شكاوى المواطنين التي تتلقاها الوزارة على رقم الهاتف الثابت 137، وعلى رقم الواتس آب 0934137137، وتتعامل الوزارة مع الشكاوى على الفور بعد حصولها على الفاتورة من المواطن، وحول سؤالنا عما يثيره بعض منتقدي الأسعار من دول الجوار عبر مقاطع فيديو ترويجية على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفها بأنها مساوية للأسعار في المنشآت السياحية في بلادهم، فقد أوضح البلخي أن هذه المعلومات غير دقيقة، فالأسعار في منشآتنا السياحية مازالت منافسة جداً، ومضبوطة، والأرخص بين دول الجوار التي تعتمد الأسعار المحررة، فتسعيرة فنادق ومطاعم الأربع نجوم في سورية لا تعادل تسعيرة النجمتين في دول الجوار، وشدد البلخي على تشجيع ثقافة الشكوى لدى جميع المواطنين لدى ملاحظتهم أية مخالفات محقة لتفعيل دور مديرية الجودة ومساعدتها في ضبط المخالفات.

 

الدعم من مجالس المدن

فايز منصور، مدير عام الشركة السورية للنقل والتسويق السياحي، أكد أن المديرية تسعى لتحقيق توجهات وزارة السياحة بجعل السياحة حقاً لجميع المواطنين، وعدم اقتصارها على سياحة الخمس نجوم، أو الطبقات الغنية، وتعزيز فكرة السياحة الشعبية التي بدأ تنفيذها هذا العام، وبتقييم جيد من وجهة نظره، وتم إنشاء العديد من المواقع السياحية مثّلت تدخلاً إيجابياً في سوق السياحة، وتطوير السياحة الداخلية وتشجيعها، بحيث لا يضطر المواطن للسفر إلى الخارج لإجراء سياحة، وبتكاليف عالية جداً، ونوّه منصور إلى أن فكرة السياحة الشعبية لا تعني تقديم الخدمات السيئة، أو التغاضي عن معايير الجودة، فمثلاً منتجع “بلوبي” على شاطىء الأحلام في طرطوس منشأة ثلاث نجوم، إلا أنه يستثمر من قبل “الشركة”، ويقدم خدماته بأسعار شعبية تناسب الجميع، كما أن مجلس مدينة الدريكيش قدم للشركة فندق روزماري، وتم استثماره لتقديم الخدمات بعيداً عن الربحية، ولتحقيق التدخل الإيجابي بهدف تطوير مدينة الدريكيش، بالرغم من أنه فندق ثلاث نجوم، إضافة إلى المشروع الغني عن التعريف المتمثّل بالشواطىء المفتوحة، وكان أولها شاطىء لابلاج في وادي قنديل المزود بـ 25 شاليهاً خشبياً تستوعب 100 شخص، ومرافق للسباحة أيضاً تستوعب حوالي 1000 شخص، وستطلق الشركة شاطئاً مفتوحاً آخر في الرمل الجنوبي في اللاذقية مخصصاً للسباحة ليوم واحد، ولا يحتوي شاليهات للمنامة، كما أكد منصور عزم الوزارة على تنفيذ المزيد من الشواطىء الشعبية، ولكنها تنتظر تقديم الشواطىء لها من مجالس المدن في طرطوس واللاذقية، أما بالنسبة للقنيطرة فسيتم إنشاء متنزه شعبي قرب سد المنطرة، وتشجيع الرحلات السياحية إلى القنيطرة، وشدد منصور على أن مشاريع السياحة الشعبية، بالرغم من تلقيها الدعم الكبير من وزارة السياحة، تحتاج الدعم، وتقديم الأراضي والمنشآت من كافة الجهات لإنجاحها.

بشار محي الدين المحمد