صحيفة البعثمحليات

قروض ترويجية والمواطن ليس ممنوناً بغياب الجودة واقع “السورية للتجارة” مغاير للتصريحات ..والخطوة عجز وهروب إلى الإمام

 

لا يختلف اثنان على دور مؤسسات التدخل الإيجابي في توفير السلع وبأسعار منافسة، لتكون صالات المؤسسة السورية للتجارة ملجأ لشريحة كبيرة من المواطنين وخاصة مع افتتاح المدارس وانشغال الأهالي بتأمين مستلزمات شهر “المونة” مع تحدي المدارس ومازوت التدفئة في ظل غلاء الأسعار وجشع التجار ولعبة الدولار وفلتان الأسواق، لتكون صالات السورية للتجارة الرهان الوحيد من أجل التغلب على صعوبة الحياة المعيشية، ليأتي طرح الحكومة بمنح قرض للعاملين في الدولة بشرط استجرار مواد أساسية وغذائية بقيمته من صالات المؤسسة، لعله يشكل حلاً للغلاء الحاصل في الأسواق، علماً أن القرض من دون فائدة.

تساؤلات واستغراب
الطرح الحكومي ترك تساؤلات واستغرابا لدى الكثير من الخبراء الاقتصاديين والمتابعين والمواطنين، حيث اعتبر متابعون أن المقترح جاء نتيجة عجز الحكومة ممثلة بوزارة “حماية المستهلك” عن ضبط الأسعار في الأسواق وقمع ظاهرة الاستغلال وغلاء الأسعار، إضافة إلى عدم وضوح فكرة القرض، ولاسيما بعد غزارة العناوين الإعلامية التي تزامنت مع هذا المقترح والتي شكلت لبساً عند المواطن، عندما ركزت تلك العنوانين على “قرض بلا فائدة”، ليكتشف المواطن أنه ليس قرضاً بمعنى القرض المعهود، بل مواد يتم شراؤها من السورية للتجارة بقيمة القرض.
ويستغرب مواطنون التقيناهم من هكذا حلول متسائلين: هل أصبح تأمين الحاجات الأساسية اليومية بحاجة إلى قروض؟ إلى أين وصلنا؟! وماذا تركنا لتأمين الحياة المستقبلية للمواطن كتأمين المنزل والزواج وبناء أسرة.
أسئلة كثيرة تفتح نوافذ التشكيك بمصداقية ونوايا الحكومية بإيجاد الحلول الناجعة حسب رأي المختصين الذين أكدوا عدم جدوى هذه القروض كونها تفرض على المواطن شراء مواد حصرياً من المؤسسة، متسائلين كم هي القدرة أو الحاجة الفعلية للمواطن من المواد المستجرة من صالات المؤسسة.؟ فهل من النجاعة شراء كميات كبيرة من السكر والأرز والسمون والزيوت والمعلبات وغيرها من الغذائيات ليكدسها المواطن في منزله؟ أليس نوعاً من الأحتكار أم المطلوب تصريف مواد المؤسسة على حساب المواطن المسكين، علماً أن أغلب المواد في صالات السورية للتجارية ليست بمواصفات جيدة كالمواد الموجودة في الأسواق.

دور ظاهري
ويعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب أن الفارق السعري بسيط بين المؤسسة والسوق كونه يعتمد على تاريخية المخزون أو نوعية البضاعة، وكيف لا وطالما قلنا إن لم تستجر هذه المؤسسة سلعها وبضاعتها عن طريق مؤسسة التجارة الخارجية بل تستوردها مباشرة، مشيراً إلى عدم قدرتها على ممارسة الدور المنوط بها بشكل حقيقي وإنما بشكل ظاهري غير مؤثر، فكيف تستطيع التأثير وهي تستجر عبر موردي السوق ومحتكري السلع والبضائع؛ فتكون هوامش المناورة قليلة. ولفت ديب إلى أن التركيز على المؤسسة السورية للتجارة هو الهروب من سوء أداء مديريات التجارة الداخلية اتجاه الأسعار التي يلعب بها التجار كيفما شاؤوا من دون أي رادع.
ويرى ديب أن فكرة القرض الحالي تسويقية وترويجية للمؤسسة على حساب فرض سلع وبضائع قد لا يحتاجها المواطن، مطالباً بعرض أكثر من شريحة اختيارية بدءاً من ٥٠ ألفاً ولغاية ٣٠٠ ألف، مع الاتفاق على عرض كافة البضائع والسلع ذات المواصفات الجيدة. ويؤكد مدير عام “السورية للتجارة” أحمد نجم لـ”البعث” أن القرض غايته تخفيف الأعباء على المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار في الأسواق، ولاسيما أن المؤسسة لم تتأثر بهذا الارتفاع ولم تطرأ أي ارتفاعات على أسعار المواد، ولا ليرة واحدة، لافتاً إلى أن المؤسسة تحاول ضمن توجهات عملها زيادة عدد الصالات للوصول إلى أكبر شريحة للمواطنين.

تفاصيل القرض
وأوضح نجم أنه تم الاتفاق مع إدارة مصرف التسليف الشعبي على منح قرض للسلع “المعمرة” (براد- غسالة- مكيف) من صالات السورية للتجارة حصراً، على أن يمنح من المصرف بمعدل 500 ألف ليرة، وبين نجم أن قرض المواد الغذائية “الأساسية” بقيمة 300 ألف ليرة يصرف بمعدل 50 ألفاً شهرياً، ولمدة ستة أشهر، بدون فوائد وذلك خلال 4 سنوات. وأكد أن القرض يمنح من خلال جميع المصارف الحكومية، بهدف تمكين المواطنين من الحصول على الحاجات الأساسية من المواد الغذائية من صالات السورية للتجارة.

واقع مغاير
وفي رده على سؤالنا عن جودة المواد في صالات المؤسسة وأسعارها مقارنة بالأسواق بين نجم أن أسعار المؤسسة تنافسية، مطالباً بالنزول إلى الصالات ومشاهدة الأسعار والاطلاع على عمليات البيع. “البعث” قامت بناء على طلب مدير المؤسسة بجولة على بعض صالات المؤسسة في دمشق وريفها، وللأمانة الإعلامية هناك مواد أسعارها أقل من السوق، ولكن ما لفت انتباهنا أسعار الخضراوات والفواكه؛ فهي تزيد عن أسعار الموجودة في كافة الأسواق، حيث أكد من التقيناهم على ارتفاع ملحوظ في أسعار الخضراوات والفواكه مقارنة بالأسواق، إضافة إلى غياب الجودة في المواد الأخرى إلا أنها أرخص من الأسواق.

فروقات سعرية
وحسب ما شاهدناه على سبيل المثال سعر كيلو العنب 600 ليرة، في حين في الأسواق يراوح بين 400 و500ليرة، والدراق المخملي 850 ليرة في حين في الأسواق بين 600 و700 ليرة. والتفاح من النوع الثاني 500 ليرة وفي الأسواق من 300 إلى 400 ليرة، والباذنجان 200 ليرة وفي الأسواق بين 120 إلى 150 ليرة. كما كان هناك مشهد مستغرب وهو وجود بائع خارج إحدى الصالات يبيع بأسعار أرخص من داخل الصالة، علماً أن بضاعته تستند إلى جدار الصالة؟ فمن المسؤول ومن سمح له؟!
وحول فكرة القرض لم يك هناك أي معلومة لدى القائمين على الصالات ولا حتى المواطنين الذين لم يعنيهم الموضوع، معتبرين أن القرض المطروح حسب ما سمعوه وشاهدوه في وسائل الإعلام لايلبي الطموح، وليس هناك حاجة للمواطن استجرار كميات كبيرة من المؤسسة وتخزينها في المنازل وخاصة متطلبات المواطن اليومية هي مواد غذائية صلاحيتها محدودة.
والجدير ذكره أن لغاية يوم السبت الفائت لم تصدر أي تعليمات حول كيفية منح القرض، وذلك حسب تأكيدات مدير السورية للتجارة في ريف دمشق أحمد حناوي.
علي حسون