أخبارصحيفة البعث

هل يمنع التطبيع الخراب الثالث؟!

 

تسابق الصهيونية العالمية الزمن في سبيل الحصول على أيّ نوع من الضمانات التي تساعد على إنعاش كيانها المصطنع “إسرائيل” وإبقائه أطول فترة من الزمن.
وتشير أغلب الدراسات التي أجرتها مراكز الدراسات الغربية عامة والصهيونية خاصة، إلى أن دويلة “إسرائيل” لا يمكنها الاستمرار في محيط يكرهها ولا يستطيع التعايش معها، ولا نقصد هنا بالمحيط الحكومات وإنما نقصد الشعوب، لذلك تحاول بعض الحكومات العميلة في المنطقة جاهدة صناعة تطبيع شعبي مع هذا الكيان بشتى الوسائل الممكنة، لأنها تعلم أن أيّ عمل تطبيعي مع “إسرائيل” على المستوى الرسمي لن يُكتب له النجاح، إذا لم يكن هذا التطبيع مدعوماً برغبة شعبية، ولذلك نشاهد بين الفينة والأخرى زيارات يقوم بها بعض الأفراد في الخليج مثلاً، وخاصة السعودية والبحرين، إلى كيان الاحتلال بتوجيه من حكومات النظامين، في محاولة لصناعة حالة من التطبيع على المستوى الشعبي. ولكن هل تستطيع هذه الحكومات صناعة رأي شعبي عام يوافق على التطبيع مع كيان الاحتلال بعد نحو قرن من الشعارات المعادية له والمنادية بإزالته بوصفه كياناً عدوانياً مغتصباً، وهل يمكنها تغيير المزاج الشعبي بمجرّد التسويق لذلك إعلامياً؟.
في هذا الإطار شاهدنا محمد بن سلمان يحاول من خلال تسويق مشروع “نيوم” القول: إنه قاطرة كبيرة للاقتصاد السعودي، محاولاً إقناع الداخل بأن حالة التدهور التي يعانيها الاقتصاد لا يمكن التخلص منها إلا عبر هذا المشروع الذي هو عبارة عن تطبيع اقتصادي مع العدو الصهيوني عبر الأردن، ومحاولة لربط الكيان بدول الخليج اقتصادياً عبر شبكة من السكك الحديدية، وبالتالي ربط المجتمع الخليجي بالكامل معه، الأمر الذي يؤدّي بنظره إلى صناعة رأي عام شعبي يقبل بوجود “إسرائيل” كياناً طبيعياً في المنطقة.
ولكن كل محاولات سماسرة التطبيع العرب الوصول إلى هذه الحالة في المجتمع العربي تصطدم بالمحصلة بمحور كبير في المنطقة لا يمكن تجاهله وهو محور المقاومة، الذي يمتلك رصيداً شعبياً هائلاً يناهض الوجود الصهيوني، وبالتالي فإن الفشل في إخضاع هذا المحور عبر الحروب الطويلة التي شنّت عليه اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً وفكرياً وحتى إعلامياً، سيؤدّي في النتيجة إلى إسقاط هذه المشاريع، كما أن المجتمع الهجين الذي تمّت صناعته وجلبه من جميع أصقاع العالم ليكون نواة ما تسمّى “دولة إسرائيل” يحمل بذور انفجاره في داخله، وقد شاهدنا مؤخراً أعمال العنف التي وقعت في كيان الاحتلال بسبب اضطهاد يهود الفلاشا، فضلاً عن الفوارق الطبقية التي تنتشر في المجتمع الصهيوني.
إذاً، لا سبيل مطلقاً لإنعاش هذا الكيان من جديد عبر إضعاف الجوار، لأن القوة التي بات يمتلكها محور المقاومة في المنطقة أظهرت جيداً حجم الضعف الذي يعانيه هذا الكيان، وخاصة بعد عملية المقاومة اللبنانية الأخيرة في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48.
ولكن السؤال المطروح.. هل سيأتي الخراب الثالث بحرب مباشرة، أم سيكون نتيجة طبيعية لحالة الضعف التي بدأت تظهر بشكل واضح في هذا الكيان، وخاصة أنه لم يعُد ممكناً له شنُّ حروب مضمونة النتائج في المنطقة، ما دفعه إلى التعويض عن ذلك بضمّ أراضٍ جديدة؟.
طلال الزعبي