ثقافةصحيفة البعث

في رحاب مئة رواية عالمية وعربية

 

في “رحاب الرواية.. قراءات في مئة رواية عالمية وعربية” كتاب بجزأين من الكتب الصادرة حديثاً عن مؤسسة سوريانا للإنتاج الإعلامي قام مؤلفاه ريم بزال وعماد عبيد بتوقيعه ضمن فعاليات معرض الكتاب الدولي، وفيه يقدمان على مغامرة حقيقية في التصدي لحوالي مئة عمل روائي لروائيين من العالم والوطن العربي انطلاقاً من مكانة الفن الروائي وقيمته بين الأجناس الأدبية، ويؤكد المؤلفان أنهما في هذا الكتاب لم يدخلا إلى عالم الرواية من باب النقد الفني، ذلك أن النقد فن اختصاصي على جانب كبير من المسؤولية، يتكل على أدوات احترافية تقوم بالتفكيك وإعادة التركيب وفق قواعد علمية منهجية، لا يتحرج من إعمال مشارطه في جسد النص والإشارة لمكمن الداء، مثلما عليه أن يكون مزيناً بمواطن الجمال ويدل عليها.

قراءات انطباعية
ويشير المؤلفان إلى أن قراءاتهما للروايات المنتقاة في هذا الكتاب جاءت كقراءات انطباعية محضة وفق المفهوم الاصطلاحي لهذ العبارة، فهي تتجاوز حد العرض الصحفي ولا تبحر في لج النقد التحليلي، وقد جاءت الفكرة بعد أن قام كل منهما على انفراد بكتابة تقارير على شكل مقالات انطباعية عن بعض الأعمال الأدبية بمختلف أجناسها نشرت في الصحافة الورقية والالكترونية ولاقت استحساناً من المتابعين والمهتمين، فتطورت الفكرة واتجهت نحو ضمها بين دفتي كتاب يخصص للأعمال الروائية حصراً، عازفين عن النشر المبعثر، مؤثرين تجميعها لتكون بين أيدي المهتمين والمتابعين حيث تم اختيار النصوص فيه استناداً إلى أهمية الكتاب أو الكاتب، كما احتكما إلى ذائقتهما الشخصية بعد الاطلاع على وجهات نظر الصحافة والإعلام، وهذا ما جعل العمل برأيهما شاقاً لما تطلبه من وقت وجهد وتركيز، فالقراءة الاطلاعية لمئة رواية تحتاج إلى فترة تزيد عن السنتين بمعدل خمس ساعات قراءة يومياً، إضافة إلى الوقت الذي تأخذه كتابة الانطباعات بعد استطلاع الآراء المختلفة التي عبرت عن وجهة نظرها في هذه الأعمال وإجراء التقاطعات بينها والعودة للنقاش حولها.
أربعون صفحة
ويبين بزال وعبيد أن هذا الكتاب اقتضى قراءة حوالي أربعين ألف صفحة بين الأعمال التي قرأها وما كتب حولها، وقد فضلا أن يستقل كل منهما بكتابة قراءته الانطباعية عن الرواية التي يختارها بحرية مطلقة دون تدخل من الآخر، رغم أن الروايات المطروقة في هذا العمل تمت قراءتها من كليهما، مؤكدين على أن القراءات كانت انطباعية تمثل وجهة نظر شخصية، لكنها لم تتم من العدم، فقد استعانا بآراء النقاد وأفكار ذوي الشأن من الباحثين والمهتمين وكتاب هذا الجنس، وتركا لنفسيهما حرية الصياغة والكتابة والتعبير وفق الانطباع الذي ارتكس لديهما، وما تركته تلك الأعمال من آثار في مخيلتهما، فقاما بتخصيص قراءة لكل عمل روائي متناولين الإطار العام للأحداث والتلميح إلى هيكلية البناء الفني والرؤى الفكرية والمعرفية التي ينضح بها، مع الإشارة إلى وقع العمل وما قيل عنه وتقديم بطاقة تعريفية (بيبلوغرافيا) تتعلق بكاتب العمل، مستندين إلى مصادر عدة جاء أكثرها من الشبكة العنكبوتية.

الانتقائية
وحول معايير اختيارهما للأعمال في هذا الكتاب أشار المؤلفان إلى أنه تم بشكل انتقائي ولم يعتمدا معياراَ ثابتاً، فآثرا أعمالاً للكتاب العالمين، محاولين الابتعاد عن الرائج والمشهور من أعمالهم، مسلطين الضوء على أعمال أخرى غابت عن ساحة الاهتمام، وكذلك التركيز على نصوص اشتهرت في بلادها وبقيت مغمورة لدى القارئ العربي دون أن ينسيا الروايات العربية الحديثة الفائزة بجائزة البوكر، مع محاولة الإحاطة بنماذج من القارات الخمس والوطن العربي، حيث اختارا عملاً من كل بلد، مع الأخذ بعين الاعتبار التنوع في تناول الروايات بمختلف الأغراض، ونوه بزال وعبيد إلى أن الغاية من الكتاب لم تكن الاستعراض والقراءة لمجرد الحضور في المشهد الثقافي ولا الترويج لأعمال معينة أو التهليل لروائي محدد بل كانت الغاية معرفية، الهدف منها التوجه إلى قارئ الرواية وتحفيز همة المتابعة لديه وتسهيل الاختيار عليه في محاولة لتشجيع الاطلاع والحث على إبقاء القراءة حاضرة بعد أن خسرت الكثيرين من هواتها.
أمينة عباس