زواياصحيفة البعثمحليات

المعاهد والدّروس..!؟

 

 

مع انطلاقة العام الدّراسي؛ عادت ظاهرة الدّروس الخصوصيّة إلى سوق التّداول الشّعبي، بما لها من موجباتٍ ومبرّرات، وبما عليها من مثالب وملاحظات، تقتضي وضعها على بساط البحث، والنّقاش الهادف الهادئ والمراجعة البنّاءة، بما هي من قضية مُؤرِّقة تُثقل كاهل نسبةٍ لا بأس بها من الأُسر، المثقلة أصلاً بأعباء المعيشة وأوزارها، ولا سيّما بعد أن تفشّت، وباتت في جانبٍ من جوانبها: تجارةً رائجةً رابحةً؛ لا تراعي الواقع المعيشي لعموم الأسر!؟ فهل هي مخرجاتُ نقصٍ وخللٍ في أداء المعلّمين والمدرّسين لواجبهم في القطاع العام.؟ أم تقصيرٌ من المدارس.؟ أم ثمّة فجوات وضعف في المستوى المعرفي للطلاب.؟ أم هي ثقافة أسريّة ارتداديّة ناجمة عن تحليق معدّلات القبول الجامعيّ، وما يرافقها من استنفار أسريّ لخوض حرب: أجزاء العلامة؛ لمصيريّتها في تحديد مستقبل الطّالب؟ فضلاً عن ذرائع صعوبة المناهج وكثافتها.؟
لعلّ الأسباب السّابقة مُجتمعةً؛ جعلت منها واقعاً لا محيد عنه، وبات من البديهيّ أن نجد كثيراً من الطلاب يتخفّفون من التزامهم المدرسيّ، ويعتمدون كليّاً أو جزئيّاً على هذه الدّروس الخصوصيّة..!
وإذ يُسجّل أكاديميّون متخصّصون تحفظّاتهم على هذي الدّروس باعتبارها تعطّل مهارات التّفكير والابتكار، وتُحيل كُليّاً أو جزئيّاً إلى الاتّكاليّة؛ والأنكى أنّها سلّعت بعض المدرّسين، وحوّلتهم إلى شكلٍ من أشكال العرض والطّلب، في سباقٍ محمومٍ في مضمار استعراض الإمكانات والمقدرات، لاستقطاب أكبر عددٍ ممكنٍ من الطلاب، في هذي الدّروس، وبأساليب لا تليق البتّة بالرّسالة التّربوية ونُبلها؛ فإنّ الكثير من المعاهد الخاصّة المُرخّصة، بشكلٍ مخالف للقوانين النّاظمة، تظهر إلى حيّز الوجود؛ على التّوازي من ذلك؛ وتقوم باستقبال مدرّسي وطلاب المدارس العامة في صفوفها، خلافاً للقانون، إضافةً إلى حشرها أعداداً ضخمة من الطّلاب في قاعاتٍ صفيّة غير مستوفية أساساً لشروط التّرخيص، بشهيّةٍ تجاريّة مفتوحة، لتلتقط اللّحظة، وتركب الموجة بجشعٍ سافرٍ وغاياتٍ ربحيّة؛ بكلّ ما تنطوي عليه من إساءاتٍ عميقةٍ، ومخالفاتٍ جسيمة للعملية التّربوية وسموّ أهدافها..!؟ على مرأى ومسمع من دوائر التّعليم الخاص، ودوائر الرّقابة في مديريات التّربية، المنوط بها قانوناً السّهر على حسن سير العمليّة التّربويّة، والتي بات بعضها شريكاً بكلّ أسفٍ لهؤلاء المؤتمنين عليها..!؟
والحال أنّ وزارة التّربية باتت مطالبةً أكثر من أيّ وقت مضى؛ بوضع ضوابط وأسسٍ للحدّ من تفشّي ظاهرة الدّروس الخصوصيّة، والتّشدّد في تطبيق القوانين النّاظمة للمعاهد الخاصّة ومراقبة الالتزام بها، واجتراح البدائل الموضوعيّة لهذي الدّروس؛ كإقامة دورات تعليميّة رسميّة في مجموعاتٍ وحلقاتٍ قليلة العدد، لتحقيق الفائدة القصوى للطّلبة، بالتّعاون مع نقابة المعلّمين، واتحاد شبيبة الثّورة، وبما يناسب الواقع الاقتصادي لشرائح الطّلاب كافّة، وبما يحفظ هيبة المعلم ورصانته، ويغطّي حاجته، ويُمكّنه من تأدية واجبه ورسالته بالوجه الأمثل..!
أيمن علي
Aymanali66@hotmail.com