دراساتصحيفة البعث

الطائرات المسّيرة السلاح المفضل في الشرق الأوسط

 

ترجمة وإعداد: هناء شروف

بعد انتهاء المعارك الكبرى، والقضاء على تنظيم “داعش” عسكرياً في سورية والعراق، بدأت تتكشف ملامح الأسلوب الجديد لرعاة الإرهاب والثورات الملونة في تغيير قواعد الاشتباك المتمثلة بحرب الطائرات المسيرة، فالمنطقة تشهد حركة تهريب لأسلحة رخيصة وذكية من مصادر غير موثوقة للجماعات الإرهابية التي تستخدمها للتجسس وتدمير الأهداف الموضوعة لهم من قبل مشغليهم.
لقد شاع استخدام الطائرات المسيرة، التي تعرف أيضا باسم “الدرون” خلال السنوات القليلة الماضية فقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة هذه الطائرات في شن هجوم عسكري على أفغانستان عام 2001 إذ جرى استخدامها في الهجوم على رتل لحركة طالبان التي كانت تسيطر على أفغانستان وقتها. وتعتبر الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي من المنتجين الأوائل لهذه الطائرات المستخدمة لأغراض عسكرية، وسرعان ما دخلت الصين في السباق من حيث الإنتاج والبيع.
استخدمت واشنطن طائرات مسيرة من طراز “ريبر وبريديتور” في ضرب أهداف في اليمن وسورية وليبيا والعراق منذ فترة طويلة. وتتميز الطائرة المسيرة الأمريكية “أم كيو-9 ريبر” بأنها أكبر حجماً وأكثر قدرة من طائرة “بريديتور” حيث تستطيع حمل أسلحة أكثر وقادرة على التحليق لمسافة طويلة جداً من دون توقف.
أما الكيان الإسرائيلي، والنظام التركي فيصنعان طائراتهما المسيرة محلياً. ويعتبر الكيان الإسرائيلي الأكثر إنتاجاً للطائرات المسيرة وتصديرها إلى العديد من الدول حول العالم منذ أمد بعيد. وتشير التقديرات إلى أن الكيان الإسرائيلي يستحوذ على 60 في المئة من سوق هذه الطائرات في العالم المخصصة لأغراض التجسس والاستطلاع والمراقبة لتنفيذ الهجمات. والنماذج التي يستخدمها الكيان الصهيوني في عمليات الهجوم هي “هيرون وهيرمز 450 ” و “هيرمز 900 ” وهي نماذج ليست للبيع بل لاستخدامات الكيان الصهيوني وحده. أما النظام التركي فقد أخفق في الحصول على طائرات مسيرة من الولايات المتحدة مما اضطرها إلى البدء في إنتاجها محلياً واستخدمتها في ضرب أهداف في العراق وسورية.
الكل يعلم أن منطقة الشرق الأوسط تقع في قلب الحرب العالمية على الإرهاب من الناحية الجغرافية، وهي تمر في مرحلة اضطرابات وتوتر وانقسام، وقد جذبت هذه الحرب عدداً من الدول المتقدمة تقنياً مثل الولايات المتحدة لتنفيذ عمليات في إطار حملتها المزعومة على تنظيمي “القاعدة و داعش”، لكن تكشف لاحقاً أن الجماعات الإرهابية في سورية استخدمت أسراباً من هذه الطائرات في شن هجمات على أهداف حكومية، ومن بين أهم الأهداف التي حاولت هذه الجماعات الوصول إليها عبر هذه الطائرات قاعدة حميميم الجوية.
وحتى الآن لا يوجد تقنيات كافية لصد هجوم الطيران المسير، لأن الرادارات والكاميرات والميكروفونات وتكنولوجيا المسح اللاسلكي للترددات والتدابير المضادة والتكنولوجيا مكلفة للغاية ولا تستطيع وقف الطائرات المسيرة، لأن تثبيت النظام الدفاعي أمر معقد للغاية بسبب التقدم المستمر في تكنولوجيا هذه الطائرات وتكاليف هذه الدفاعات التي تتفاقم بسبب ندرتها، إذ تعتبر البنية التحتية الدفاعية المضادة للطائرات بدون طيار باهظة الثمن بما في ذلك التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) للتشويش على تحليق الطائرات بدون طيار، والبحث وتتبع المنشآت لتحديد الطائرات بدون طيار، والصواريخ الموجهة بالرادار لتدميرها.
تشكل تكنولوجيا الطائرات من دون طيار سلاحاً غير تقليدي، وغير مكلف نسبياً، وذو مدى طويل، ويمكن استخدامه كصواريخ صغيرة تستطيع تفادي الكثير من الدفاعات الأرضية كبطاريات باتريوت و تمكنها تجنب الرادارات والدفاعات الجوية .
لقد أصبحت الطائرات المسيرة السلاح المفضل في الشرق الأوسط خصوصاً أنها رخيصة الثمن وخفيفة الحركة يسهل عليها الإفلات من أجهزة المراقبة، لذلك فهي تشكل تحدياً كبيراً لدول المنطقة لا يمكن تجاهله. وبالمقابل فإن أنظمة الدفاع المضادة للطائرات المسيرة باهظة الثمن، وتتطلب برامج تشويش جوي، وبرامج تحديد مواقع الطائرات ثم صواريخ لتدميرها في الجو، كما أن نصب هذه الأنظمة عملية معقدة ويصعب تجديدها مع التطور المستمر لتكنولوجيا هذه الطائرات وما يمكن أن تفعله.
ومع كل ما تتسبب به الطائرات المسيرة من أضرار بالمنشآت وخسائر بالأرواح، يتوجب على المجتمع الدولي القيام بدور أكبر يتمثل في لجم كباح الدول التي تستغل هذه الطائرات المسيرة بمظلة حازمة من القوانين والعقوبات الدولية.