الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

تصاعد الاقتتال على “الغنائم” بين المجموعات الإرهابية في إدلب دفعة ثانية من المهجّرين تعود إلى القصير: سنعيد إعمارها لتعود أفضل مما كانت

عادت مئات الأسر المهجّرة إلى منازلها في بلدة القصير بريف حمص الجنوبي الغربي، أمس، وذلك بعد إعادة تأهيل المنازل والمؤسسات الخدمية في البلدة، في إطار الجهود التي تبذلها الدولة لإعادة المهجّرين إلى مناطقهم المطهرة من الإرهاب، وتمكينهم من الاستقرار فيها، وإعادة الحياة الطبيعية إليها، فيما واصل تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي والمجموعات المنضوية تحت زعامته في إدلب منع الأهالي من الخروج إلى المناطق الآمنة عبر ممر أبو الضهور، لليوم العشرين على التوالي، لاتخاذهم دروعاً بشرية، وسط مخاوف على حياة المدنيين في مناطق انتشار الإرهابيين، بعد تصاعد الاقتتال على “الغنائم” بين تلك التنظيمات.

فقد عادت دفعة ثانية من المهجّرين، تقدّر بنحو 1800 شخص، إلى بلدة القصير، بعد أن قامت الورشات الفنية والدوائر الخدمية بإعادة تأهيل البنى التحتية والخدمات من هاتف وكهرباء ومياه وصرف صحي لتأمين ظروف إقامة مناسبة تمكّنهم من الاستقرار في منازلهم، فيما من المقرّر عودة دفعة أخرى تقدّر بنحو ألفي شخص اليوم إلى منازلهم في البلدة، وبيّنت مصادر أن محافظة حمص أمّنت نقل المهجّرين العائدين عبر حافلات إلى منازلهم في البلدة، التي تمّ تحريرها من الإرهاب في الخامس من شهر حزيران من العام 2013.

وعادت في السابع من شهر تموز الماضي الدفعة الأولى من عشرات الأسر المهجّرة إلى منازلها في بلدة القصير.

وأشار رئيس مجلس مدينة القصير، عبد الكافي الخطيب، أن المدينة تشهد اليوم عودة الدفعة الثانية من أبنائها ليصبح عدد العائدين نحو 3600 شخص، لافتاً إلى أن البنى التحتية مؤمّنة من صرف صحي ومياه وكهرباء وهاتف، فيما أكد محمد عصفور، المشرف على المجمع التربوي في المدينة، جاهزية المدارس لاستقبال جميع الطلبة العائدين إليها، موضحاً أن المدينة تضم حالياً 3 مدارس ابتدائية، فيها 40 شعبة صفية، وتستوعب نحو 300 تلميذ وتلميذة، وهي قادرة على استيعاب ما يقارب الألف، إضافة إلى وجود إعدادية وثانوية، بالتزامن مع ترميم الطابق الثالث في الثانوية، مع إمكانية اللجوء إلى العمل بنظام الدوامين في حال ازداد عدد الطلبة العائدين.

ومن داخل منزله، الذي هجّره منه الإرهابيون لنحو ست سنوات، يقول ماجد مصرة، وهو أب لخمسة أولاد: “نحمد الله على عودتنا من جديد إلى منازلنا، وسنبدأ اعتباراً من الأسبوع القادم بأعمال الترميم والصيانة في المنزل”.

وفي صورة تعبّر عن عشقه لأرضه وبيته، الذي أرغم على مغادرته قسراً بفعل جرائم الإرهابيين التكفيريين، ركع خالد المرعي على ركبتيه، وقبّل تراب مدينة القصير، قائلاً وفي نبرة تحمل معاني التحدي والإصرار: “سنعود ونفلح ونزرع أرضنا، وسنعمّر المدينة أفضل مما كانت عليه”، ووجّه الشكر لأبطال الجيش العربي السوري الذين كان لهم الفضل الأكبر في إعادتهم إلى منازلهم.

“شعور لا يوصف وفرحة لا يمكن التعبير عنها”، بهذه الكلمات عبّرت حميدة سويد أم عمر عن فرحتها بعودتها إلى منزلها.

وهي من العائلات التي عادت قبل نحو شهرين، وقامت بترميم وصيانة منزلها.

الشابة غنوة مطاوع عبّرت عن سعادتها بالعودة إلى مدينتها بعد غياب ثماني سنوات، مشيرة إلى أنها كانت في الصف الثاني عند مغادرتها لمنزلها بسبب الإرهاب.

المحامي أيمن سويد أشار إلى أنه يعود إلى منزله بعد دحر الإرهاب بفضل أبطال الجيش العربي السوري، وهو كغيره من أبناء المدينة سيعمل على إصلاح وترميم ما خربه الإرهاب.

الطفلة آية سويد بالصف الخامس عبّرت عن سعادتها بالعودة إلى بيتها ومدرستها وأصدقائها، في حين عبّرت رغد الزهوري في الصف السابع عن حبها لسورية وشوقها وشغفها للعودة إلى بيتها، مؤكدة أن اليوم هو يوم مميّز بالنسبة لها.

عائدة طماس، أم الشهيد فؤاد طربوش، قالت: “قدّمت ابني الوحيد فداء لسورية، واليوم عدت إلى قريتي وبيتي لأعيد بناءه بعد غياب عنه لسنوات”.

رجاء محمود مطر، أم الشهيد عدنان مطر، أشارت إلى أنها وأسرتها سيعيدون تأهيل منزلهم، لافتة إلى سعادتها بهذه اللحظة التي طالما انتظرتها طويلاً، وهذا ما أكده أحمد عبد الكريم مطر، الذي قضى ثماني سنوات بعيداً عن بلدته ومنزله، مبيناً أنه والد شهيد، وولده الآخر يخدم بكل عزة وفخر في صفوف الجيش العربي السوري، فسورية تستحق كل غال.

في الأثناء، وبعد مرور عشرين يوماً، لم يشهد ممر أبو الضهور خروج أي مدني من المناطق التي تنتشر فيها التنظيمات الإرهابية، وأشار مراسل سانا إلى أن الجهات المعنية على استعداد لاستقبال الراغبين بالخروج إلى المناطق الآمنة، حيث جهّزت عيادة متنقلة وسيارات إسعاف مع طواقمها وحافلات نقل ومواد غذائية وغيرها.

وجهّزت الجهات المعنية، بالتعاون مع وحدات الجيش، ممر أبو الضهور بكل الاحتياجات لتأمين خروج المدنيين من مناطق انتشار التنظيمات الإرهابية في محافظة إدلب ونقلهم إلى مراكز الإقامة المؤقتة المزودة بجميع لوازم الإقامة.

بالتوازي، أكدت مصادر أهلية وإعلامية متطابقة أن الأيام الأخيرة شهدت خلافات عميقة بين المجموعات الإرهابية على اختلاف ولاءاتها، وخاصة في مدينة إدلب، وتطوّرت لتصل إلى اقتتال بين بعض فصائلها، سقط خلالها العديد من القتلى، ولفتت إلى أن الاقتتال سببه عمليات الخطف والقتل المتبادل بين مجموعاتها، بعد اختلاف عدد من متزعمي المجموعات الإرهابية حول تقاسم أموال الأتاوات التي فرضوها على الأهالي منذ فترة طويلة، والأموال التي تأتيهم من مشغليهم، إضافة إلى الاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة ونهبها وتهريبها عبر الحدود التركية تمهيداً لفرارهم إلى الخارج، مع تأكيد الجيش العربي السوري على تطهير ما تبقى من بؤر الإرهاب في إدلب.

وفي براغ، أكدت الصحفية التشيكية يانا كوشيتنكوفا أن الوعود التي يطلقها رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان لا تساوي حتى ثمن الورق الذي تدون عليه، مشدّدة على أنه “شخص فاقد للمصداقية، ولا يمكن التفاوض معه سوى من موقع القوة”، وذلك في إشارة إلى اتفاق الاتحاد الأوروبي وتركيا عام 2016 بشأن اللاجئين، وأضافت: “إن أردوغان يثير السخرية حين يتحدّث عما يسمى “المنطقة الآمنة” في شمال سورية، لأنه ينسى أن هذه المنطقة هي أرض سورية، وليس لتركيا أي علاقة بها، وحذّرت من أنه في حال نشوء هذه المنطقة فإنها لن تكون آمنة أبداً، وستؤدي إلى حدوث تغييرات ديموغرافية وعمليات تطهير عرقي وقتل وتعذيب، كما تمّ في مناطق أخرى من سورية توجد فيها قوات الاحتلال التركي، لافتة إلى أن “زعم أردوغان بأن إنشاء هذه المنطقة سيكون الطريق لوقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا والتخفيف من معاناتهم لا يمكن أن يصدّقه سوى المخدوعين”.