تحقيقاتصحيفة البعث

مشروع التحول للري الحديث في اللاذقية انطلاقة متجددة وحزمة تسهيلات لتحقيق التوسع في الشبكات والمساحات

عاد مشروع التحول للري الحديث إلى واجهة الاهتمام مجدداً بعد أن كادت سنوات توقفه الطويلة تجعله في طور النسيان، لتعود معه ذاكرة مزاياه ومنعكساته الإيجابية على الإنتاج الزراعي الذي يواجه تحديات عدة، من أهمها التحدي المناخي المائي، وبكل الأحوال فإن معاودة الانطلاقة القوية المتصورة ليست بالأمر السهل كما يتخيل البعض بعكس الانطلاقة الأولى للمشروع قبل أكثر من عشر سنوات، حيث قطع المشروع حينها شوطاً كبيراً في المساحات والمؤشرات، واستجابة المزارعين معه، والتقيد بتعليماته وإرشاداته الفنية والتقنية والإروائية، والأهم من ذلك كله أن ثقافة الترشيد في الري من خلال الأساليب الإروائية الحديثة كانت في مداها الواسع بعد تنفيذ خطة عمل ميدانية واسعة في هذا المجال تحديداً، ولأن وزارة الزراعة عازمة على تحقيق انطلاقة متجددة وملموسة في هذا المجال، فإنها تعيد العمل بهذا المشروع من خلال حزمة تسهيلات محفّزة لتسريع وتيرة الانطلاقة المتجددة على أوسع نطاق في ظل التحديات المائية التي تواجه زراعتنا التي لم تعد بمنأى عن متغيرات مناخية واضحة تتجلى في تباين مؤشرات الوارد المائي، ومعدلات الهاطل المطري.

جاهزية تامة

لاستيضاح مجمل القضايا والمسائل والإجراءات المتعلقة بإطلاق العمل بمشروع التحول  للري الحديث، زارت “البعث” موقع فرع المشروع، والتقت المهندس قاسم قصريني مدير فرع المشروع الوطني للتحول للري الحديث في محافظة اللاذقية الذي أكد في مستهل الحوار أن جميع الإجراءات اللازمة لمعاودة انطلاقة العمل تم اتخاذها بالتنسيق والتعاون مع اتحاد فلاحي المحافظة، ومديرية الزراعة، وفرع المصرف الزراعي التعاوني لتمكين الإخوة الفلاحين من تمويل شبكات الري الحديث تطبيقاً للتعليمات الصادرة عن وزارة الزراعة بشأن تحديد آليات تمويل الشبكات الممدة نقداً من صندوق تمويل المشروع الوطني للتحول للري الحديث في حال رغبة الفلاحين بذلك، أو لعدم تمكنهم من تأمين الضمانات والكفالات المصرفية اللازمة للحصول على القرض، فهناك مبلغ قرض حتى مليون ليرة من خلال ضمانة شخصية، أو مصرفية، أو عقارية حسب شروط الضمانات المنصوص عليها في نظام عمل المصرف وتعليماته التطبيقية، وأكثر من مليون ليرة بموجب ضمانة عقارية حصراً.

القروض نوعان

ولفت إلى أن القروض نوعان: نقدي دون قرض، وهناك قرض لخمس سنوات دون فائدة، وبسنتين راحة دون تسديد خلال السنتين، حيث يدفع المزارع 50 بالمئة، وأول سنتين بعد التركيب راحة، وبالنسبة للنقدي يدفع المزارع 40 بالمئة من قيمة الشبكة، ويتكفل المشروع بدفع 60 بالمئة إلى المصرف الزراعي بعد تقديم وثائق الملكية، حيث يتم قبول أية وثيقة تثبت أن الفلاح يعمل في هذا الحقل، سواء كان عاملاً، أو عقد إيجار، أو أية وثيقة تثبت أن الأرض المحددة بالطلب يعمل فيها الفلاح، وليست هناك أية إشكالية في هذا المجال، ويتم قبول ضمانات عينية حتى مبلغ مليون ليرة، أما فوق المليون ليرة فهناك كفالات شخصية، وعقارات، وسيارات، وما شابه ذلك.

تكلفة الإنشاء

وأشار قصريني إلى أنه يتم حالياً ومن خلال التعاون مع اتحاد الفلاحين، ومديرية الزراعة إيصال هذه المعلومات إلى الإخوة الفلاحين حول إعادة العمل بمشروع الري الحديث، والجاهزية التامة لدراسة المشاريع الممكن التقدم بها للدعم والتمويل، وقد تم رصد الأموال اللازمة في المصرف الزراعي، وذلك بانتظار عودة الإخوة الفلاحين للعمل، والاستفادة من المشروع، ورغم أن موسم الري يشارف على الانتهاء مع اقتراب نهاية موسم الري، وتوقف عمليات الري، وتركيب الشبكات،  إلا أن هذا لا يمنع من تقديم الطلبات لإجراء الدراسات، بحيث تكون الدراسة جاهزة، والإجراءات مستكملة تماماً مع بداية موسم الري القادم إيذاناً بتركيب الشبكات، حيث يمكن للمزارع أن يتقدم بالطلب إلى مديرية فرع المشروع، ويتضمن الطلب وثيقة ملكية، وموافقة مديرية الموارد المائية مع طابع إعادة الإعمار، وطابع مالي، مؤكداً أن قيمة القرض تحددها كلفة الإنشاء، ومهما كانت المساحة، وذلك تبعاً للتسعيرة الموجودة، ولا توجد مشكلة مطلقاً في سقف التمويل، وقيمة القرض، مع الاستعداد التام لتقديم المشورات الفنية.

خطوة نوعية

وأوضح المهندس قصريني أن عودة الري الحديث خطوة نوعية بالغة الأهمية لما للري الحديث من مساهمة في الحصول على منتج زراعي نظيف وآمن عبر الوسائل التقنية المستخدمة في عملية الري، وإمكانية استخدامها في كل الأراضي الزراعية مهما كانت طبيعتها التضريسية على كامل المساحة الزراعية، ويتيح المشروع تمويل جميع أنواع المزروعات والمحاصيل بكل الأصناف، ويعوّل المزارعون أهمية كبيرة على إعادة إطلاق مشروع التحول للري الحديث، أهمها التوفير في استهلاك المياه بنسبة تصل إلى  50 بالمئة مقارنة بطرق الري التقليدية، وتوفير استهلاك الطاقة المكلفة جداً  والضرورية لضخ المياه لري المحاصيل بطرق الري التقليدية، وتخفيض تكاليف الإنتاج، ورفع الإنتاجية، وتحسين صنف ونوع المنتجات، وبالتالي زيادة دخل ومردود المزارعين، وتحسين مؤشرات الريعية الاقتصادية والاجتماعية.

آلية العمل الجديدة

وأضاف المهندس قصريني أنه انطلاقاً من أهمية ترشيد استعمال المياه باتباع طرق الري الحديثة والمثلى، والابتعاد عن طرق الري غير العقلاني للأراضي الزراعية من أجل المحافظة على المياه، وضمان ديمومتها، حدد المشروع الوطني للتحول للري الحديث آلية العمل الجديدة، وشروط منح قروض شبكات الري الحديث نقداً وتقسيطاً للفلاحين الراغبين بالتحول للري الحديث، والذين يحققون شروط منح القرض، وبيّن المهندس  قصريني  أهمية عودة الإقراض للمزارعين ضمن المشروع من حيث ترشيد استهلاك المياه، والحفاظ على المعادن الموجودة بالتربة، وزيادة الإنتاج الزراعي وتحسينه كماً ونوعاً، موضحاً أن صندوق تمويل المشروع الوطني للتحول للري الحديث أصدر قرارين حول عملية الإقراض رقم 2569 للتقسيط، و2570 نقداً بتاريخ 16-7-2019، وذلك بعد توقف ثمانية أعوام.

تقديم الوثائق

وأضاف قصريني أنه ينبغي على الراغب بالحصول على شبكة ري حديث تقسيطاً تقديم طلب اكتتاب إلى فرع المشروع بالمحافظة مرفق بجميع الوثائق المطلوبة، ويقوم فريق فني بالكشف الميداني على أرض المكتتب، وإجراء المسح الحقلي وفق البرنامج الزمني المعد من قبل الفرع، وإعداد الدراسة الفنية وتدقيقها حسب الأصول، لافتاً إلى أن نسبة الدعم بآلية الإقراض المسددة تقسيطاً تبلغ 50 بالمئة من قيمة الشبكة، ويسدد المستفيد نسبة 50 بالمئة المتبقية كقرض دون فائدة على خمسة أعوام دفعة كل عام بعد راحة سنتين.

تدقيق الطلبات وتحديد الضمانات

وأوضح قصريني أن المصرف الزراعي المختص يستلم الطلبات المقدمة إليه ويدققها، ويتأكد من صحتها ليتم تنظيم طلب قرض بضمانات شخصية، أو مصرفية، أو عقارية حسب قيمة القرض، ففي حال تجاوز المليون يحتاج المستفيد لضمانة عقارية حصراً، أما بالنسبة لشبكات الري الحديث المسددة نقداً بموجب القرار فبيّن قصريني أن التمويل يكون من الصندوق في حال رغبة الفلاحين، أو لعدم تمكنهم من تأمين الضمانات والكفالات المصرفية اللازمة للحصول على القرض وفق شروط، منها تقديم طلب اكتتاب من آلية الإقراض لفرع المشروع الوطني، ويرفق بجميع الوثائق المطلوبة، وتبلغ نسبة تمويل آلية الإقراض المسدد نقداً 60 بالمئة من قيمة الشبكة، وأن يقوم المستفيد بإيداع 40 بالمئة من القيمة الإجمالية للشبكة لدى المصرف الزراعي ضمن مجال عمله، وبعد صدور قرار المنح يعطي فرع المشروع أمر المباشرة للشركة المنفذة، وفي حال ثبوت عدم التزام المستفيد بشروط المنحة بتطبيق الري الحديث في أرضه، أو التصرف بالشبكة خلال مدة سبع سنوات، يغرم بقيمة 60 بالمئة من قيمة الشبكة، وتطبق بحقه العقوبات الواردة في المادة رقم 7 من القانون رقم 20.

دراسات اقتصادية

وكشف قصريني أن الدراسات الاقتصادية لمياه الري بيّنت أن المنطقة ستعاني من عجز مائي كبير في السنوات القادمة إذا لم يتم إيجاد حلول سريعة للمياه، وخاصة في الزراعة التي تستهلك 89 بالمئة من الموارد المائية، لذلك فإن التوفير في استهلاك المياه في المجالات الزراعية يعتبر ضرورة ملحة في الوقت الراهن، وبالتالي لابد لتحقيق ذلك من التحول للري الحديث بدل الري التقليدي لما له من فوائد كثيرة كتوفير المياه بنسبة تصل إلى 50 بالمئة، وخفض تكاليف الإنتاج، والتوسع برقعة المساحات الزراعية المروية، بزيادة تصل إلى 100 بالمئة، وزيادة الإنتاج والمردود، والدخل السنوي للمزارع، وضمان ديمومة المياه.

التوسع بالمساحة المروية

مما لا شك فيه أن إدخال مساحات جديدة في الخطة الإروائية التقليدية التي تنفذها مديرية الموارد المائية من خلال خططها ومشروعاتها وبرامج عملها  المتتابعة يسهم في دعم الإنتاج الزراعي، وفي الوقت نفسه يشكّل ضرورة لاستثمار الوارد المائي في القطاع الزراعي من خلال شبكات ومنشآت الري الحكومية، حيث تم وضع مساحات جديدة من الأراضي الزراعية في الاستثمار تقارب خمسة آلاف هكتار خلال المواسم الماضية، كما تم إدخال كامل المساحة المشمولة بالاستثمار في مشروع ري هضبة عين البيضا، وتتجاوز مساحتها 4950 هكتاراً، حيث أصبحت هذه المساحات في الاستثمار التجريبي، لتصل المساحة الإجمالية المروية في المحافظة لغاية تاريخه 43065 هكتاراً، يغطيها 14 سداً منفّذاً ومستثمراً، ويتم تجهيز خطة استكمال تنفيذ مشروع سد برادون بحجم تخزين 140 مليون متر مكعب في منطقة اللاذقية، ويهدف إلى تنظيم جريان النهر، وإرواء مساحة 7500 هكتار، كما يجري تنفيذ مشروع سد فاقي حسن بموجب العقد المبرم مع مؤسسة الإسكان العسكرية بحجم تخزين 1,776 مليون متر مكعب، ويهدف إلى تأمين مياه الشرب للتجمعات السكانية، وإرواء مساحة 300 هكتار مع تنفيذ شبكات ري إضافية في منطقة قصيبة علي بمساحة 120 هكتاراً، مع تنفيذ محطة الضخ، وحالياً تعكف المديرية على تركيب تجهيزات المحطة، كما تم الانتهاء من تنفيذ شبكة ري خربة هيشون مع محطة الضخ وتجهيزاتها لإرواء مساحة 100 هكتار، وتنفيذ مشروع تحويل إرواء 2200 هكتار من شبكات سد الثورة إلى سد 16 تشرين من خلال شركة المشاريع المائية، وتوسيع خزان التوازن العلوي للمحطة في الصمنديل ضمن شبكات سد الثورة بعقد مبرم مع مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية، بالتوازي مع إنجاز مشروعات هامة في مجال الحصاد المائي من خلال السدات المائية، والأحواض التخزينية، حيث تم الانتهاء من تنفيذ سدة القلعة بحجم تخزين 40,6 ألف متر مكعب، وتنفيذ سدة خرائب سالم بحجم تخزين 14 ألف متر مكعب، إضافة إلى أن هناك سدات مائية جديدة قيد التنفيذ هي سدات: بعمرين- الدفلة- الخارون-  شرق حطين- بخاسون، وقد تم تسليم موقع العمل لتنفيذ المشروع، إضافة إلى سدات مائية قيد الدراسة والتدقيق في العيسوية، والزهراء، والمرّان.

مروان حويجة