دراساتصحيفة البعث

الصين تنين نائم.. لا توقظوه!

 

ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع ذا نيو يوركر 6/10/2019

ذات مرة قال نابليون بونابرت: “الصين تنين نائم، لا توقظوه، لأنه عندما يستيقظ سيهتزّ العالم”. إمبراطور فرنسا صاحب هذه المقولة لم يعاصر الصين الحالية، لكنه كان يتمتّع بالفطنة لفهم قوتها الهائلة الكامنة وأهميتها المستقبلية. وقد أثبتت الصين بعد قرنين من هذا التوقع صحة النبوءة.

في الأيام القليلة الماضية، احتفلت الصين بالذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. لقد كان مهرجاناً احتفالياً للقوة العسكرية والاجتماعية للدولة. يقول كاتب المقال إنه يتذكر مشاهدته للاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس الصين في هونغ كونغ، وتساءل عن مدى التقدم المدهش الذي حقّقته الصين منذ زيارته لها في أوائل الثمانينات.
كانت الصين حينها بلداً شاسعاً مليئاً بالفقر والمعاناة والظروف البدائية، كلّ شيء كان كئيباً، متخلفاً وبدائياً. أما اليوم، فإن “القفزة الهائلة للأمام” التي تنبّأ بها الرئيس ماو تسي تونغ، ونظمها دينغ شياو بينغ، وزو إنلاي، قد حوّلت الصين إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وقوة في مصاف القوى العسكرية العالمية.
منذ ما يزيد على عقد من الزمن، أشار الكاتب في كتابه الذي حمل عنوان “الحرب على قمة العالم”، إلى أن أكبر تحدٍّ جغرافي سياسي لأمريكا سيكون التفاوض على انسحاب سلمي من البر الرئيسي لشمال آسيا، وتوقع ألا تسمح الصين أبداً للولايات المتحدة بمواصلة سيطرتها الكاملة على غرب المحيط الهادئ، وستصبح الكوريتان واليابان وسلسلة الجزر الممتدة جنوباً ساحات القتال الرئيسية بين الولايات المتحدة والصين، وسيكون هناك نزاع بشأن الأراضي المشتركة بين الهند والصين حول أجزاء من جبال الهيمالايا وبورما.
أظهرت الصين في الآونة الأخيرة قوة عسكرية هائلة، ويبدو أن القوات البرية الصينية تتمتّع بتقنيات وفعالية عالية. والأهم من ذلك، يبدو أن الطيران العسكري الصيني متطور للغاية. ويسري ذلك بشكل خاص على البحرية الصينية المتوسّعة في المياه الزرقاء والتي سوف تتحدى يوماً ما البحرية الأمريكية القوية. في الحرب البحرية، تعدّ الخبرة والمعرفة التقليدية ذات أهمية قصوى، فقد هزمت البحرية الأمريكية بحرية الإمبراطورية اليابانية الشجاعة المدرّبة جيداً في معارك عملاقة عبر المحيط الهادئ. رغم أن القوات البحرية الصينية لم تشنّ حرباً منذ عام 1894 عندما هزمتها اليابان، لكن في الحرب الأمريكية الصينية، سيقاتل الصينيون من داخل بلادهم وسيتعيّن على الولايات المتحدة أن تتحمّل نشوب صراع كبير على بعد عدة آلاف من الأميال من موانئها الأصلية.
ولعلّ الأمر الأكثر مدعاة للقلق في العرض الصيني للذكرى السبعين، كان الصاروخ البالستي /DF-41 ICBM/ الجديد، حيث يستطيع هذا الوحش الصيني الوصول إلى أي مكان في أمريكا الشمالية في غضون 30 دقيقة من إطلاقه، إذ يعمل هذا الصاروخ بالوقود الصلب، ويحمل رؤوساً حربية متعدّدة، ما يعني أن بإمكان الصاروخ /DF-41/ أن يعرّض الآن كل الولايات المتحدة للخطر. أضف إلى هذا التهديد وجود الكثير من الصواريخ الصينية الجديدة -عالية السرعة- المضادة للسفن التي يتمّ إطلاقها من الجو والأرض والغواصات التي تشكّل الآن تهديداً كبيراً لناقلات الطائرات الأمريكية.
وفي ظل تطور الصين عالمياً في مجال الإلكترونيات، يزداد قلق الولايات المتحدة من تطوير الصين لأنظمة يمكنها مقاطعة أو حتى حجب بيانات الأقمار الصناعية التي تستخدمها بشكل متزايد لاستهداف صواريخها واكتشاف قوات العدو، إذ يعمل سلاح الجو الأمريكي ومشاة البحرية على الإلكترونيات، ما يعني أن القوة الأمريكية الهجومية والدفاعية ستصاب بالشلل.
وأمام كل هذا، لا يتناول التخطيط الاستراتيجي الأمريكي الصراع الصيني الأمريكي بشكل كافٍ، إذ لا يزال البنتاغون متورطاً في نزاعات صغيرة في الشرق الأوسط وأفريقيا. ما يعني أن الصينيين قادمون. لقد استيقظت الصين فعلياً وستكون أهدافها القادمة البحرية الأمريكية وتايوان واليابان وبورما وجزء من الهند، لأنه في الوقت الذي تتعثّر فيه واشنطن وتحترق، يسارع شي جين بينغ، الإمبراطور الصيني الجديد، إلى جعل الصين عظيمة مرة أخرى.