صحيفة البعثمحليات

الخزانات تالفة والحمامات سيئة.. ومياه الشرب غائبة مقاصف المدارس تستغل الطلاب وصحة التربية تعول على جولات تفتيشية خاوية

 

دمشق – لينا عدره
عندما نلمس إصرار وزارة التربية على بدء العام الدراسي مع بداية شهر أيلول، يُخَّيل لنا كمواطنين ومتابعين للواقع التعليمي، أن الوزارة قد أنهت كل التجهيزات اللوجستية الضرورية لاستقبال الطلاب في المدارس، في حين لم يفاجأ المرء مما يراه ويلمسه من التقصير الحاصل على أرض الواقع، فحتى هذه اللحظة ومع دخول العام الدراسي شهره الثاني، مازالت الكثير من المدارس تعاني نقصاً شديداً، سواء في الكتب أو المقاعد المدرسية وغيرها الكثير من المستلزمات، وطبعاً نظافة المقاصف المدرسية وصيانة الحمامات وخزانات المياه وتوفر مياه الشرب ليست بأفضل حال ولا تقل سوءاً، حيث تعاني الكثير من المدارس في معظم المحافظات من عدم توفر المياه للشرب أو في الحمامات، أضف إلى ذلك الاستغلال الحاصل في المقاصف المدرسية وبيعها للكثير من الأطعمة التي تحضر في المقصف المدرسي نفسه كسندويش البطاطا المقلية والمرتديلا والأندومي التي تعتبر من الأطعمة المضرة بصحة الطلاب، وكل هذا بعيداً عن أعين المعنيين الين يصفون الوضع بأنه مثالي على الأقل في مدارس العاصمة كونها تحت مجهر مراقبيهم ومفتشيهم.
هنا نتساءل أين دور وزارة التربية ومديرية الصحة المدرسية في مراقبة ما يجري داخل المقاصف المدرسية، لجهة عدم السماح لها بأن تتحول إلى مكان لاستغلال الطلاب، وتقديم وجبات مؤذية ومضرة بصحتهم، وتأمين مياه الشرب والاهتمام بنظافة الحمامات التي وبسبب عدم صلاحيتها للخدمة تشكل عبئاً وضغطاً خاصة على التلاميذ صغار السن، حيث يضطر الطلاب على سبيل المثال لا الحصر في الثانوية الوحيدة في النبك للهروب إلى منازلهم لقضاء حاجتهم بسبب الوضع المزري للحمامات والمياه الملوثة الموجودة في الخزانات المهترئة للثانوية التي تعاني بطبيعة الحال من نقصٍ بعدد المقاعد لدرجة أن الكثير من الطلاب لا يتمكنون من الجلوس طيلة فترة الحصة الدراسية حسب ما أكد العديد من أهالي الطلاب.
وتبين الدكتورة هتون طواشي مديرة الصحة المدرسية في وزارة التربية حرص الوزارة على متابعة كل ما يتعلق بأمور النظافة والصحة المدرسية عبر جولات تفتيشية تقوم بها المديرية على كافة المدارس في مختلف المحافظات، وتوفير الوزارة لمياه الشرب في المدارس عبر ربطها بالشبكة العامة للمياه، أما فيما يخص الخزانات فهي عادة – والكلام مازال لطواشي – تكون غير صالحة للشرب، “فقط” تستخدم في الحمامات أو لغسل اليدين، وهذا طبعاً حال معظم المدارس، موضحة أن بعض المدارس وعددها قليل جداً تستخدم فيها الخزانات للشرب، وتقوم المديرية مع بداية كل عام بالتوجيه والمتابعة لتعقيم الخزانات ثلاث مرات في العام الدراسي، مضيفةً أن نسبة تعقيم الخزانات في المدارس الموجودة في محافظة دمشق وصلت إلى مئة في المئة – على حد قولها – بوجود كوادر تغطي مدارس دمشق لجهة المراقبة.
ومن خلال متابعتنا لهذا الموضوع اتضح لنا أن هناك عشرات المدارس في دمشق وخارجها هذا العام وخلال السنوات السابقة لم يصل إليها أي مفتش من قبل المديرية لمراقبة وضع نظافة المياه والخزانات والمقاصف التي هي من مهام المساعدة الصحية التي أيضاً من ضمن صلاحيات عملها مراقبة الخزان وصنابير المياه، والتأكد من عدم تعرضها للتلف؛ ما يجعلنا نظن للوهلة الأولى عند سماعنا لحديث طواشي أننا نتحدث عن مدارس خارج القطر، والتي تعاني الكثير منها من التلف فيما يخص هذا الشأن، والسبب الإهمال وعدم المتابعة ليس أكثر، وبطبيعة الحال هذا الحال لا يشمل المدارس التي كانت مراكز للإيواء والتي من الطبيعي أن تكون قد تحملت الكثير من الضغط..

غياب تام
ما يثير الاستغراب أيضاً التواطؤ الحاصل بين المديرين في بعض المدارس والمستثمرين للمقاصف المدرسية، الذين لا يترددون في بيع أطعمة غير صحية وبأسعار لا تراعي أبداً وضع الطلاب والتلاميذ، والأمثلة كثيرة؛ ففي جولة قامت بها “البعث” على عدد من المدارس الخاصة والعامة كمدرسة السعادة والهبج وغيرها من مدارس مدينة دمشق نتفاجأ بالاستغلال الفاضح للطلاب من جهة الأسعار، ولجهة مخالفة تعليمات وتوجيهات مديرية الصحة المدرسية، التي أكدت طواشي على السماح لها فقط ببيع الأغذية المرخصة من وزارة الصحة، كالبسكويت وعلب العصير وكل ما هو مغلف لضمان تأمين تغذية صحية للطلاب، وهي مهمة غير سهلة على حد قولها، ومنع بيع أو تحضير أي نوع من أنواع السندويش والمشروبات الغازية منعاً باتاً، وإغلاق المقصف المدرسي في حال تم ضبط بيعه أو تحضيره للطعام، في حين أن ما يحدث هو العكس في العديد من المقاصف المدرسية، فإذا كان هذا الوضع في مدارس مدينة دمشق التي تجزم مديرية الصحة المدرسية على متابعتها ووضعها تحت المراقبة الدائمة، فما بالك إذاً بالمدارس خارج العاصمة، أو ما هو حال تلك المدارس في المناطق الريفية البعيدة.