أخبارزواياصحيفة البعث

تصدير الأزمات أم استيرادها؟؟..

 

د. مهدي دخل الله

الحماقة أن تقوم بفعل تظن أنه سيفيدك فإذ به يجلب لك ضرراً كبيراً. وعبث السياسة وحماقتها ليست أمراً جديداً، وما يقوم به أردوغان مجرد نسخة جديدة غير معدلة عن سياسات حمقاء كبرى يعرفها التاريخ العالمي.
فإذا كان أردوغان يريد في عدوانه على سورية حل «المسألة الكردية» في بلاده إضافة الى تحسين صورته أمام شعبه عبر تصدير أزمته الداخلية وكسب تعاطف القسم القومجي من الأتراك، فهو لا شك يرتكب حماقة موصوفة..
عدوانه على سورية سيزيد في تعقيدات المسألة الكردية في تركيا ، كما أن فشله المرتقب سيؤدي الى «استيراد» أزمة جديدة تضاف إلى أزماته بدلاً من تصدير هذه الأزمات..
الميزان التجاري لسياسة أردوغان سيكون خاسراً لصالح استيراد الأزمات بدلاً من تصديرها. والواقع يشهد على ذلك. فمنذ أن بدأ التدخل العدواني التركي في سورية عام 2011 توالت الأزمات البنيوية التي هزت «الاستقرار» التركي والتنمية التركية. فمن الانقلابات والاعتقالات وخسارة قيادة مدن كبيرة مثل استنبول وغيرها من الأزمات في المجال السياسي ، إلى الصعوبات الاقتصادية والسقوط الكبير لسعر صرف الليرة التركية وتقهقر عمليات التنمية في المجال الاقتصادي. ناهيك عن الإضرابات الاجتماعية وغيرها من المشاكل..
المؤتمر الدولي الذي عقده في استنبول حزب الشعب التركي المعارض مؤخراً يؤكد تفاقم الرفض الكبير للسياسات الأردوغانية الحمقاء. فقد انتقد هذا المؤتمر بشدة ورفض بقوة سياسات الحكومة التركية تجاه سورية ودعا الى إعادة بناء الجسور بين الشعبين والبلدين على أساس احترام سيادة سورية واستقلال قرارها ووحدة أراضيها..
وحزب الشعب ليس مجرد صوت إعلامي أوحزب مؤتمراتي. الحزب هو الثاني في البرلمان بعد حزب العدالة والتنمية الحاكم، وهو حزب يسيطر على بلديات عدة من أهمها بلدية استنبول التي كانت مرتع أردوغان ومسنده القوي !..
بالنسبة لنا نحن السوريين ليس مهماً هل هو احتلال أمريكي أو تركي أو ميلشياوي إرهابي، هذا لن يغير في الواقع شيئاً سوى تعزيز الإرادة على التحرير. ولعل ما يحصل يشير إلى نوع من الارتباك والإشكال البنيوي داخل الحلف المعادي للسوريين الأمريكي التركي الميليشياوي. وهذا الإشكال نتيجة طبيعية لتعثر المؤامرة الكبرى على سورية, ولو أن هذه المؤامرة نجحت لما حصلت هذه الإشكالات بين «الحلفاء» بالتأكيد..
ومن جانب آخر.. لعل فيما يحصل درساً لبعض السوريين العملاء عرباً أو أكراداً، الذين يحاولون الحصول على الدعم من المحتلين، أمريكيين كانوا أم أتراكاً، ضد دولتهم وشعبهم ووطنهم. فالمحتلون يبيعونهم بأبخس الأثمان لمن يدفع. ولنتذكر أن لا أحد يحترم من يخون وطنه حتى أولئك المستفيدين من خيانة البعض لأوطانهم. هذا ليس درساً في الأخلاق والقيم، هو درس سياسي واقعي تؤكده التجربة كل يوم وفي كل مكان..

mahdidakhlala@gmail.com