اقتصادصحيفة البعث

40% نسبة الوفر في الطاقة.. كود “العزل الحراري” بعهدة رئاسة مجلس الوزراء لإقراره

رفعت وزارة الكهرباء بالتنسيق مع وزارة الإدارة المحلية ونقابة المهندسين إلى رئاسة مجلس الوزراء مشروعاً لتطبيق كود العزل الحراري، واستخدام الطاقة الشمسية في تسخين المياه في الأبنية الجديدة الخاصة في القطاعين الخدمي والسكني. وبين مدير المركز الوطني لبحوث لطاقة الدكتور يونس علي لـ”البعث” أن دراسة الجدوى الاقتصادية لتطبيق مشروع كود العزل الحراري وإلزام الأبنية الجديدة باستخدام الطاقة الشمسية في تسخين المياه، سيؤدي لتوفير كميات كبيرة من وقود التدفئة، بنسبة تصل إلى 40%، وهذه نسبة مهمة جداً ستنعكس إيجاباً على موارد الطاقة.

بيضاء وسوداء
يأتي ذلك في وقت يعاني منه قطاع الطاقة من نقاط ضعف سبق أن أشار إليها تقرير السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار، يتصدرها وجود الفاقد الكبير في الطاقة الكهربائية عبر شبكات النقل والتوزيع والذي تتجاوز نسبته الـ30%، إضافة إلى الاعتماد بشكل رئيس على طاقة الوقود الأحفوري المتجه نحو النضوب، وضعف الاستثمار في الطاقات المتجددة، وتقادم مصفاتي النفط في حمص وبانياس، وعدم استثمار مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب تدهور وضع البنية التحتية لنقل وتخزين النفط والغاز بشكل كبير نتيجة الأزمة التي تمر فيها سورية، ليخلص التقرير إلى جملة من المقترحات العامة لتطوير قطاع الطاقة، لعل أبرزها إجراء مسح ميداني للتجهيزات التي تستخدم الطاقة في السوق المحلية، ووضع قائمة بيضاء وأخرى سوداء للتجهيزات الموفرة الطاقة وغير الموفرة لها، بهدف ضبط واستبعاد التجهيزات ذات الاستهلاك العالي للطاقة والمنخفضة الجودة. إضافة إلى إجراء مسح للصناعات المحلية القائمة في مجال الطاقات المتجددة، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، والعمل على تطويرها، وعلى توطين التقانة الحديثة في مجال المواد فائقة الناقلية الكهربائية.

ذات أولوية
تشير المعطيات إلى عدد من الفرص الكفيلة بتطوير هذا القطاع، منها الاهتمام به على الصعيد الرسمي من قبل الحكومة التي صنفت الطاقة بين القطاعات ذات الأولوية الأولى في عملها؛ الأمر الذي من المتوقع أن ينتج عنه تنامي الدعم الحكومي للبحث العلمي في قطاع الطاقة بمختلف الأشكال، إلى جانب الظروف البيئية والمناخية الملائمة للاستفادة من الطاقة الشمسية حيث إن معظم أيام السنة مشمسة في سورية، والاستفادة من طاقة الرياح حيث توجد أماكن مثالية لإقامة مزارع رياح. يضاف إلى ذلك صدور تشريع يسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في مجال الطاقة، وتنامي الوعي الاجتماعي بأهمية قطاع الطاقة، والربط الكهربائي مع دول الجوار.

قراءة
تفيد القراءة الأولية لتعاطي الجهات الحكومية وتحديداً المركز الوطني لبحوث الطاقة مع مسالة الطاقة البديلة بأن الأخيرة لم تعد مجرد ترف علمي كما يعتقد البعض، بل باتت تفرض نفسها بقوة خلال السنوات الأخيرة على طاولات البحث العلمي، وفي أروقة صنع القرار الاقتصادي، كمطلب استراتيجي لأوجه النشاط الإنساني والاقتصادي، خاصة في ظل الحديث عن زيادة معدلات التلوث الناجم عن الطاقة الأحفورية المهددة بالنضوب خلال العقود المقبلة.

عوامل إدارية
ويبرز لدينا هنا أيضاً العوامل الإدارية المتمثلة بعدم وجود إدارة تمتلك الجرأة على اتخاذ القرار رغم وجود النوايا الصادقة عند بعض الإدارات، فعلى سبيل المثال عندما يتم إعداد دراسة فنية لوحدة إدارية (بلديات، مجالس المحافظات..إلخ) لإنارة شارع ما يتم تشكيل لجان دراسة يكون أكثر أعضائها غير مختصين؛ نظراً لندرة اختصاص الطاقات المتجددة في بلدنا، وتكون النتائج بعد ذلك عدم كفاية الدراسة وطرح تساؤلات متعددة ومواضيع علمية قد تجاوزها العلم نتيجة عدم المتابعة لآخر تطورات العلم في هذا المجال، وعندها تضيع الجهود المبذولة وخاصة عامل الوقت لأنه عندما نستيقظ يكون العالم قد سبقنا بأشواط كثيرة، ونعود عندها إلى الدوامة ذاتها (دراسات..لجان…)، إضافة إلى مركزية الإدارة التي تعتبر من المعوقات الأساسية التي تقف عثرة أمام التطور العلمي حيث إنه عندما يتم وضع دراسة علمية في الطاقات المتجددة تعرض على الوحدات الإدارية في محافظة ما لا تمتلك الإدارة في هذه المحافظة صلاحية اتخاذ القرار، ويتم على إثر ذلك رفعها إلى الإدارة الأعلى وهكذا؛ وذلك بسبب عدم القدرة على تحمل المسؤولية حيث إن جميع الإدارات تخشى عامل الإخفاق رغم قناعتها بأهمية مشاريع الطاقات المتجددة؛ لذلك تحيلها إلى الجهات الأعلى..!

غيض من فيض
هذا غيض من فيض التحديات التي تواجه عملية التوسع بمشاريع الطاقة البديلة، دون أن نتجاهل عامل التمويل، وثقة المستهلك بهذا النوع من الطاقة وغيرها، ولا يمكننا في ظل مثل هذه التحديات إنكار الجهود المبذولة في هذا الاتجاه، وما عرضنا لهذه التحديات سوى التنبيه لدراسة إمكانية تجاوزها قدر المستطاع ضمن الإمكانات المتاحة عسى أن نعزز من وجودها في منظومتنا الطاقية.
حسن النابلسي