اقتصادصحيفة البعث

كنز يبحث عن محميات للحفاظ عليه… وزارة الزراعة على خطا النهوض بمشروع النباتات الطبية والعطرية

 

وضعت وزارة الزراعة، بالتنسيق مع وزارات عدة وبمشاركة المحافظات، خطة تنفيذية لمشروع قومي للنهوض بزراعات النباتات العطرية والطبية، لما لها من عديد فوائد لدعم الاقتصاد وصناعة منتجات الأدوية والعطور ومستحضرات التجميل، والأغذية والمبيدات، فجبال القلمون الغربية والشرقية تحظى بالعديد من الأعشاب الطبيعية والنباتات العطرية للمعالجة التي تستهدفها شركات صناعة الأدوية والعطور، لكنها لم تصل بعد إلى الاستخدام الأمثل لها.

فرص عمل
وبينت مصادر في وزارة الزراعة أنه في الوقت الذي تتحرك فيه سورية نحو بناء اقتصاد قوي، يستثمر كل إمكاناته بفكر متطور وخلاق، كان لابد من النظر إلى هذا المورد الهام برؤية جديدة، حيث لا تتوقف القيمة الاقتصادية للنباتات الطبية والعطرية على كونها محصولاً تصديرياً داعماً للدخل القومي، بل هي مشروع اقتصادي متكامل يفتح المجال لإقامة العديد من الصناعات التي ترتبط بهذه المنتجات الزراعية؛ مما يساهم في توفير فرص عمل كبيرة للشباب، خاصة أن سورية تمتلك مقومات التوسع في هذا المجال، وقام بالفعل العديد من المراكز البحثية المتخصصة بوضع مشروع قومي للنهوض بزراعة النباتات العطرية والطبية، من أجل التوسع في المساحات المزروعة في مناطق القطر حسب مصادر وزارة الزراعة.

دعم الاقتصاد
الدكتورة إلهام محمد الباحثة بعالم طب الأعشاب والعاملة في شركة طبية تشير إلى أهمية النباتات الطبية والعطرية، وفوائدها المتمثلة بدعم الاقتصاد وصناعة الأدوية والعطور ومستحضرات التجميل، والأغذية، والمبيدات، وتوضح أن من أشهر هذه النباتات العطرية التي تنمو في جبال بلودان والزبداني، نبات الترفاس أو الفقع ذلك الفطر الذي ينمو مع تزايد الأمطار، ويدخل في علاج العديد من الأمراض خاصة أمراض العين، كما أن الأسواق التي تبيع ثمرة فطر الترفاس الجبلية هي أسواق من نوع خاص؛ لأنه يقبل عليها فقط التجار في الدول العربية والأوروبية، حيث يتم تصديره فور استخراجه من الأرض، خاصة أن الدول الأوروبية تستخدمه في بعض العقاقير الطبية، بينما يستخدم في البلاد العربية مقوياً جنسياً.
وتذكر أن من أنواع النباتات التي تنمو بجبال الزبداني النباتات الطبية والعطرية هي البردقوش وحشيشة الليمون اللافندر والنعناع وحصى البان، والنعناع الفلفلي والمرمرية والخردل الأبيض والأسود والحنة والكمون والشعير والكزبرة وحبة البركة والريحان والاستفيا، وتشكل هذه الثروة في مجملها قيمة اقتصادية كبيرة، حيث يزداد الطلب عليها محلياً وعالمياً لما تتميز به من استخدامات متعددة وفي الكثير من المجالات؛ مما أدى إلى ارتفاع أسعارها وزيادة عوائد تصديرها، يضاف إلى ذلك أن هذا الكنز الاستراتيجي يمكنه المساهمة في الوصول إلى اكتفاء ذاتي، وإلى إنتاج دواء سوري بنسبة 100%.
تعتبر النباتات الطبية والعطرية من أقدم المجموعات النباتية التي عرفها واستخدمها الإنسان على مر العصور في أغراض شتى، فكانت تارة تستخدم غذاء وتارة أخرى دواء، وفى العصور الوسطى والحديثة ظهر جلياً للعيان مدى أهمية هذه النباتات، وتعددت استخداماتها ومجالات الاستفادة منها؛ لذلك أصبحت أهميتها الاقتصادية في تزايد مستمر.
النباتات البرية هي النباتات التي تنمو في الجبال السورية بصورة طبيعية، دون تدخل الإنسان مكونة ما يعرف بالفلورا، وهناك الكثير من الوصفات التراثية التي مازالت تستعمل إلى يومنا هذا من قبل البدو، وتعتبر بمثابة بارقة أمل للكثير من الأبحاث، ويبلغ إجمالي عددها 342 نوعاً نباتياً مقسماً إلى 91 نوعاً واسع الانتشار، و86 نوعاً شائعاً، و95 نوعاً نادراً، و70 نوعاً شديد الندرة.

سوق عالمية
وبين عدد من خبراء الأعشاب الذين التقتهم “البعث” أن النباتات الطبية والعطرية ذات قيمة اقتصادية كبيرة، حيث يزداد الطلب عليها محلياً وعالمياً، خاصة مع ازدياد التوجه العالمي الحديث للتحول إلى كل ما هو طبيعي؛ مما أدى إلى ازدياد الطلب والإقبال على هذه النباتات، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعارها، وأصبح لها أهمية اقتصادية وعائد تصديري مجزٍ. وتتعدد المجالات التي يمكن أن تستخدم فيها النباتات الطبية والعطرية، ومن أهمها إنتاج الزيوت الثابتة ولاسيما التي تدخل في تركيب بعض المستحضرات الطبية، وتجهيز الأغذية الخاصة بعلاج مرض تصلب الشرايين والذبحة الصدرية، مثل زيت بذرة الهوهوبا، وعباد الشمس، والكتان، والخروع، وتحضير مساحيق التجميل وكريمات الشعر والصابون، وهذا التعدد في الاستخدامات ساهم في خلق سوق كبيرة للنباتات الطبية والعطرية، التي يتجاوز حجم تجارة تداولاتها في الأسواق العالمية سنوياً نحو‏ 60‏ مليار دولار.‏ ومن أهم الدول المصدرة للنباتات الطبية والعطرية على مستوى العالم: الصين – الهند – فرنسا – الولايات المتحدة الأمريكية – سنغافورة – شيلي، وأهم الدول المصدرة للنباتات الطبية والعطرية في الشرق الأوسط سورية – مصر – إيران – المغرب – تونس.
بعض التجار العاملين في مجال تسويق وبيع المنتجات العشبية والطبية تحدثوا عن أهم التحديات التي تعوق الصادرات من النباتات العطرية، كالتقلبات المستمرة في السياسات التصديرية، التي تؤدي إلى انصراف عملاء الخارج عن منتجاتنا، إضافة إلى قلة الدعاية والإعلان والترويج للمنتجات من تلك المحاصيل، خاصة فيما يتعلق بإقامة المعارض الزراعية، والقصور في المعلومات عن التجارة الخارجية للمحاصيل وأهم الأسواق المستوردة لها، ومواعيد زيادة الطلب عالمياً عليها، ومواصفات الجودة القياسية وأذواق المستهلكين، والمنافسة الكبيرة عالمياً على المنتجات النظيفة الخالية من المبيدات والأسمدة الكيماوية التي تقلل فرص الصادرات، بالإضافة إلى انتظار مخابر التموين الطويلة أثناء تحاليل العينات، وأمام ما سرد يجمع الخبراء والاختصاصيون في مجال الأعشاب الطبية بأنه يستلزم توفير الحماية المطلوبة لزراعات الأعشاب التي تنمو في الجبال من خلال إنشاء محميات طبيعية تبعد عبث الحيوانات، ويد الإنسان عن هذه الثروة الهامة التي تتعرض للانتهاك اليومي من رعي جائر وقطف عشوائي ومتاجرة وغيرها من أنواع العبث.
عبد الرحمن جاويش