أخبارصحيفة البعثمع الحدث

أردوغان.. والرهان الخاسر

لم يكن يتوقّع السوريون أن تمرّ ولادة اللجنة الدستورية، بعد المخاض العسير في تشكيلها، دون أن يقوم “الضامن” التركي في عملية أستانا، بعمل ما يعطّل انطلاقتها، ولاسيما أن أطرافاً محسوبة على نظامه الإرهابي، وبالتحديد جماعة الإخوان الإرهابية، أعلنت رفضها لتشكيلها وأي مقررات تخرج عنها، وبالتالي جاء العدوان الذي أعلن عنه رئيس النظام التركي أردوغان تحت مسمى “نبع السلام” بمنزلة الخنجر في ظهر العملية السياسية، ومناسبة جديدة لتأكيد أنه ونظامه مصرّان على الاستمرار في سفك الدم السوري على اختلاف انتماءاته بهدف تحقيق أوهامه في استعادة أمجاد سلطنة عثمانية عفا عليها الزمن.
منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية لم يوفّر أردوغان وعصابته المجرمة أي وسيلة كانت لبلوغ مبتغاه في إقامة “منطقة عازلة” في منطقة الجزيرة، حيث كانت ورقة النزوح الطريق للمرور إليها اليوم، فجمع مئات الآلاف من العائلات السورية المهجّرة بفعل الإرهاب، المموّل والمدرب منه، في مخيمات شيّدت قبل أكثر من سنة على بداية الأحداث، بشهادة رونالد دوما وزير خارجية فرنسا الأسبق، وبدأ بالتباكي عليهم وابتزاز المجتمع الدولي، حيث استطاع تحت تهديد فتح الحدود مع أوروبا في عام 2015، كسب عشرات مليارات الدولارات على حساب معاناة الشعب السوري، وبينما تلاشت أحلامه بالصلاة في الجامع الأموي، وإقامة بنغازي جديدة في حلب، وتساقطت مجموعاته الإرهابية الواحدة تلو الأخرى بفعل انتصارات الجيش العربي السوري وحلفائه على “داعش” وأخواتها، واستعادت الدولة الوطنية جزءاً كبيراً من الجغرافيا السورية، والأهم وضع الحل السياسي على السكة بعد تأليف اللجنة الدستورية والاتفاق على آلية عملها، التي كانت انتصاراً للجيش العربي السوري وتضحياته، وجد في “الذريعة الكردية” فرصة لإطالة أمد الحرب في سورية علّه يستطيع أن يدخل إلى أوهامه العثمانية من تفاصيل هذا الخلط المتعمّد للأوراق في المنطقة.
في مقابل العدوان التركي المباشر، لا يمكن القول بعدم وجود تواطؤ أمريكي من خلال إعلان الرئيس دونالد ترامب سحب قواته من سورية، حيث مثل ذلك ضوءاً أخضر لبدء هذا العدوان الهمجي، ما يؤكّد مرة أخرى أن قوى العدوان مستمرة في مخططها لتدمير سورية وتقسيمها ومنعها من استعادة دورها، وحتى القوى الغربية التي سارعت إلى إدانة الخطوة التركية لم تنطلق من دافع الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها، وإنما انطلاقاً من الحفاظ على مصالحها مع مليشيات ارتضت أن تكون أداة بيد الأجنبي لتدمير وطنها.
على مدى سنوات الحرب الإرهابية التسع عليها، بقيت سورية الثابت الوحيد، فيما تبدّلت وتغيّرت أدوار الكثيرين ممن شاركوا في الحرب عليها، واليوم ومع العدوان التركي الجديد والمتجدّد، المحكوم عليه بالفشل، تدخل سورية طوراً جديداً من هذه الحرب الهمجية لكنها ستخرج منه كما خرجت من غيره قوية ومعافاة، بقوة شعبها وصمود جيشها الأسطوري وحكمة قيادتها وشجاعتها، وكل الذين يراهن عليهم أردوغان من الخونة والعملاء سيجدون مصيراً مشابهاً لسابقيهم.
سنان حسن