الصفحة الاولىصحيفة البعث

رفض أممي لمحاولات أردوغان زعزعة استقرار قبرص

لا يخفي رئيس النظام التركي رجب طيّب أردوغان سعيه إلى استعادة “أمجاد الدولة العثمانية” البائدة، عبر محاولاته المتعدّدة إعادة السيطرة على الأقاليم التي كانت تابعة في يوم من الأيام للسلطنة العثمانية، وهذا يتنافى مع قرارات الأمم المتحدة التي أقرّت سيادة الدول المعترف بها أممياً على أراضيها، حيث لا يزال النظام التركي يستفزّ جيرانه عبر تدخّله المستمر في شؤون جمهورية قبرص وانتهاكه لسيادتها على أراضيها وثرواتها.
وجاء قرار أنقرة في منتصف أيلول الماضي إعادة تأهيل مدينة فاروشا القبرصية، ليؤكد سعي النظام التركي لاحتلال المزيد من أراضي جيرانه.
وعلى خلفية ذلك، دعا مجلس الأمن الدولي في إعلان أقرّ بإجماع الدول الأعضاء، أمس الأول، إلى تجنّب أي أعمال تسبّب زعزعة للاستقرار في قبرص، وقال البيان: إن “أعضاء مجلس الأمن يحضّون كل الأطراف على الامتناع عن أي عمل أو خطاب يمكن أن يضرّ بإمكانية التوصل إلى اتفاق تسوية بنجاح”.
وفاروشا التي تعدّ جزءاً من منطقة فاماغوستا في الشرق هجرها سكانها بعدما طوّقها العسكريون الأتراك بسياج. وكانت تركيا غزت الشطر الشمالي من قبرص في عام 1974. واضطرّ سكان فاروشا حينذاك للفرار إلى الجنوب أي إلى الشطر اليوناني العضو اليوم في الاتحاد الأوروبي باسم جمهورية قبرص.
ووُصف منتجع فاروشا السياحي في الماضي بأنه “لؤلؤة” قبرص بسبب مياه البحر الصافية التي يطل عليها وانتشار الملاهي الليلية.
وتحوّلت المنطقة في الماضي إلى وجهة مفضّلة في المتوسط لنجوم هوليوود على غرار صوفيا لورين وبريجيت باردو، وكانت تضم نحو 50 فندقاً توفر 10 آلاف سرير، لكن منذ عام 1974، أصبحت فاروشا تدريجياً مدينة أشباح مهجورة بعدما اجتاحها الجنود الأتراك، وتمّ تشييد سياج حولها، ومنْع أيّ كان من الوصول إليها.
وقال مجلس الأمن الدولي في بيانه: “يجب ألا يجري أي عمل بشأن فاروشا لا يتفق” مع قراري الأمم المتحدة 550 و789 اللذين تم تبنيهما في 1984 و1992 على التوالي.
وكان هذان القراران دعوا إلى وضع فاروشا تحت إدارة الأمم المتحدة. وأكد مجلس الأمن في القرار رقم 550، أن “محاولات توطين أي أشخاص غير سكان فاروشا في هذا القطاع غير مقبولة”.
وجاء بيان مجلس الأمن بعد إعلان تركيا و”جمهورية شمال قبرص التركية” التي أعلنت من جانب واحد في 1983 ولا تعترف بها سوى أنقرة، عن إمكانية إعادة فتح المنتجع. ودعا مجلس الأمن الدولي في عدة قرارات إلى أن تدير الأمم المتحدة فاروشا وإلى عودة سكانها الأصليين. وأمرت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية تركيا بدفع تعويضات لسكان المدينة السابقين الذين انتُزعت أملاكهم.
وتحدّث كثير من المراقبين عن إمكانية تقديم أنقرة تعويضات، لكن من المنتظر أن تعيد تركيا الممتلكات في فاروشا إلى السكان السابقين الذين لا يزالون على قيد الحياة، ومن الممكن أن تسلّمها إلى “جمهورية شمال قبرص التركية”، ما يسمح لها بالاحتفاظ بسيطرتها الفعلية عليها.
وتعهّد وزير خارجية النظام التركي مولود تشاوش أوغلو في أيلول الماضي بإعادة فتح فاروشا، بعد أسبوعين من تنظيم سلطات شمال قبرص جولة غير مسبوقة للصحفيين في المنتجع منذ الاجتياح التركي.
ويعمد الأتراك إلى إعادة ملف قبرص ومنتجع فاروشا إضافة إلى ملفات خارجية أخرى الى الواجهة، وذلك لتحويل الرأي العام عن الأزمة الداخلية التي يعاني منها أردوغان.