دراساتصحيفة البعث

الولايات المتحدة تخون حلفاءها مجدداً

ترجمة: سمر سامي السمارة

عن موقع ستراتيجك كالتشر 11/10/2019

من المبادئ الأساسية لفن الحكم الأمريكي ألا يكون لواشنطن “أصدقاء أو أعداء دائمين، فاهتماماتهم تقتصر على المصالح”. هذا المبدأ المنسوب إلى هنري كيسنجر ظهر بشكل واضح مؤخراً عندما أعطى ترامب الضوء الأخضر لتركيا لشنّ هجوم عسكري شمال سورية.

بدأ الهجوم التركي بشنّ غارات جوية وبرية ضد المواقع التي يسيطر عليها  حلفاء الولايات المتحدة في شمال شرق سورية. وقد أظهرت التقارير  أن الغارات الجوية والمدفعية أدّت إلى مقتل مدنيين وهروب الآلاف من منازلهم.

من الغريب والمثير للسخرية وصف ترامب للعملية التركية، التي سمّيت  بـ”نبع السلام” بأنها “فكرة سيئة”، فلم تمضِ أيام على مكالمته الهاتفية مع أردوغان والتي وافق بموجبها على سحب القوات الأمريكية، حتى تلقى ترامب وابلاً من الانتقادات من الحزبين ومن وسائل في واشنطن، ولكن وفقاً للمبدأ السائد فإنه ليس للإمبريالية الأمريكية حلفاء وعلاقاتها تقتصر على “المصالح”.

السخرية في واشنطن مذهلة، لقد استغلت الإمبريالية الأمريكية الشعب الإثني المتاخم لتركيا وسورية والعراق وإيران على مدار عقود عدة للعمل كوكلاء للمصالح الأمريكية، والتخلي عنها عند انتهاء فائدتهم المتصورة. لكن سخرية أردوغان التركية لا تعرف حدوداً، فقد أعلن أن الهجوم على سورية كان عملية لمكافحة الإرهاب، من أجل “إحلال السلام والأمن في المنطقة.. سنحمي السلامة الإقليمية لسورية وننقذ سكان المنطقة من مخالب الإرهاب”.

هذا تفكير مزدوج من قبل الأميركيين وزميلهم في حلف شمال الأطلسي تركيا، لأنه لا يمكن لواشنطن أن تهتمّ بالحلفاء الذين قامت بتسليحهم وتدريبهم للغرض المزعوم المتمثّل في “محاربة الإرهاب” في سورية. الحقيقة هي أن الأميركيين حشدوا هؤلاء الحلفاء للعمل كوكلاء لنحت الأراضي السورية بوعود كاذبة بتزويدهم باستقلال إقليمي. كان الهدف الحقيقي لواشنطن هو استغلال طموحات البعض من أجل تجزئة سورية بسبب مخططها الأكبر لتحقيق تغيير نظام الحكم. فشل هذا المخطط، ويرجع الفضل في ذلك إلى التدخل العسكري الروسي من جهة وللجيش السوري الذي يدافع عن أرضه بقوة من جهة أخرى.

بعد إطلاق العنان لتصعيد تركيا في أعمال العنف ضد سورية، من الواضح أن ترامب يدور حول ما يبدو تخفيفاً من حدّة الهجوم، ويهدّد بفرض عقوبات اقتصادية على أنقرة لتدمير اقتصادها. إنها كوميديا ​​من الأخطاء، وهو أمر غير مقبول بالتأكيد بالنظر إلى الآثار الإنسانية المترتبة على هذا العدوان. لذا، ما الذي يمكن فعله للتخلّص من العنف؟ أولاً، يجب أن تحترم تركيا التزامها المعلن بعملية أستانا، إلى جانب روسيا وإيران، والتي تعهّدت فيها باحترام السيادة السورية وسلامة أراضيها. ثانياً، كما ذكرت سورية وروسيا وإيران يجب على جميع القوات الأجنبية الموجودة بشكل غير قانوني في سورية أن تخرج من البلاد على الفور، وفقاً للقانون الدولي.

الحقيقة القاسية هي أن حلفاء الولايات المتحدة سمحوا لشعوبهم بأن يصبحوا بيادق في المؤامرات الإجرامية من قبل قوات الناتو ضد الدولة السورية. قد يعتقد المرء، بالتأكيد، أنه يجب أن يكون هؤلاء الحلفاء قد تعلموا الدروس من خيانات الماضي المتعدّدة لواشنطن. إنهم يجدون أنفسهم في موقف صعب -مرة أخرى- لأنهم خذلوا بحماقة مصالحهم لمصالح واشنطن. لذلك فالمقاتلون الأكراد -الذين قاتلوا بشكل متناقض ضد وكلاء واشنطن الآخرين ومختلف الجماعات الإرهابية الجهادية- لديهم خيار واحد فقط وهو أن يتصالحوا بطريقة ما مع إخوانهم العرب السوريين والجيش العربي السوري، وهذا يعني نبذ الألعاب الأمريكية الإمبريالية القذرة، وكي يكسبوا هذا الحق يجب عليهم الدفاع عن وطنهم سورية، وتحرير أنفسهم من المخطّط الإمبريالي الشرير من جانب واشنطن وقوى الناتو الأخرى التي تنوي تدمير سورية.