اقتصادصحيفة البعث

وزير الأشغال العامة يعرض مسوغات حل الاتحاد العام للتعاون السكني وشركات التطوير والاستثمار العقاري قادرة على ملء الفراغ 

دمشق – محمد زكريا

بعد حل اتحاد المصدرين السوري، تتجه الأنظار حالياً لحل الاتحاد العام للتعاون السكني بعد أن كثرت أخطاؤه وانحرف مسار عمله لينحصر في السمسرة وفرض الأتاوات وفقاً لبعض التقارير الرسمية، خاصة في ظل عدم وجود ضوابط حقيقية تردع المعنيين فيه عن تلك التصرفات السلبية التي أساءت بشكل من الأشكال إلى قطاع أسهم على مدار أكثر من نصف قرن في إنجاز ما يقارب الـ50 مليون متر طابقي على مستوى القطر، وبحسب المعلومات الواردة إلينا فإن وزارة الإشغال العامة والإسكان  عملت خلال الفترة الماضية على إعداد مشروع قانون يفضي إلى إلغاء الاتحاد العام للتعاون السكني وكل ما ينطوي تحته من اتحادات فرعية في المحافظات، وتشير المعلومات إلى أن رئاسة مجلس الوزراء أقرت مشروع القانون ورفعته إلى مجلس الشعب للمناقشة، على أن يبت فيه خلال الأيام القليلة القادمة.

عدم جدوى

وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس سهيل عبد اللطيف أشار إلى أن عدم جدوى استمرار عمل هذا الاتحاد يكمن في الأداء السلبي والضعيف والمعطل الذي تمارسه الاتحادات في المحافظات، وعدم قيامهم بالأدوار والمهام التي أناطها بهم القانون، إلى جانب عدم ممارسة الاتحاد العام لدوره في توجيه وإرشاد اتحادات المحافظات، وحصول نوع من الازدواجية والتضارب في المعالجات مع الوزارة ومديرياتها عند التصدي لمعالجة أية قضية تتعلق بهذا القطاع؛ ما جعله يبدو كجسد يقوده رأسان، ويظهر الوزارة “كجهة حكومية وصائية على عمل القطاع” بمظهر الضعيف أمام الجمعيات التعاونية السكنية، رغم محاولة تصدي الوزارة لأغلب المشاكل على مستوى الأعضاء، أو معالجتها للعقبات التي كانت نتيجة لعدم تنفيذ هذين المفصلين “الاتحادات في المحافظات – الاتحاد العام” للمهام الموكلة لهم، والتغطية على مكامن الفساد في الجمعيات.

أسباب موجبة

ومن الأسباب الموجبة لحل الاتحاد بين عبد اللطيف لـ”البعث” هي الهيكلية المتشعبة لتكوين الاتحاد العام والاتحادات في المحافظات من “أعضاء مكاتب تنفيذية – أعضاء مجالس اتحادات – أعضاء مؤتمر – أعضاء متممين”، ولحظ ما يتقاضاه شاغلو المراكز القيادية من تعويضات وامتيازات لا تتناسب مع الخدمات التي يفترض بهم تأديتها لهذا القطاع والتي شغلتهم أساساً عن وظيفتهم الأساسية مع ما تشكله من عبء مادي على الجمعيات كون القانون قد ألزم الجمعيات بتوزيع 10% من الفائض المالي السنوي المتحقق لديها على الاتحادات بالمحافظات والاتحاد العام.

رؤى

وأوضح عبد اللطيف أن استمرارية وجود أعضاء مجالس الإدارات وأعضاء المكاتب التنفيذية للاتحادات والاتحاد العام لسنوات طويلة، وعدم رفد المراكز القيادية في هذا القطاع بكوادر جديدة تحمل رؤى وأفكاراً تواكب حاجة القطاع بتأسيس مساكن لمنتسبيه، وما تفرضه المرحلة القادمة من متطلبات، والتذرع دائماً بتفسيرات متعددة وافتاءات للمواد القانونية التي عالجت موضوع الدورات الانتخابية لهذا القطاع في ظل التشريعات المتعاقبة المنظمة لعمله، التي أدت التعديلات فيها كل مرة إلى استمرار أعضاء المجالس في مناصبهم رغم انقضاء عدة سنوات، أبرزها “القانون 13 لعام 1981، والقانون 17 لعام 2007، والمرسوم التشريعي 99 لعام 2011″، كل ذلك لم يقدم شيئاً لا في الرؤى ولا في التخطيط السليم لعمل هذه المجالس، موضحاً أن استمرار الجمعيات وتراكم عددها وعدد أعضائها مع بقاء مجالس إدارتها لسنوات طوال رغم أن عقد تأسيس الجمعية يجب أن يتضمن الغرض من تأسيسها وفق ما نصت عليه المادة 7من المرسوم 99، إلا أنه لم يتم حل جمعية بعد انتهاء الغرض من تأسيسها، وبحسب عبد اللطيف فإن هذا خلل بذاته، مرده إما بغرض التأسيس أو في أسلوب التعاطي معه، الأمر الذي أوجد أيضاً خللاً في البيانات المتعلقة بقطاع التعاون السكني، والموضوع برمته بحاجة إلى معالجة، مشيراً إلى عدم قيام هيئات المستفيدين في الجمعيات بممارسة دورها نتيجة الممارسات الخاطئة للاتحادات فيها، فحتى اجتماعات هيئة المستفيدين لا تتم بالصورة الصحيحة نتيجة تحكم الاتحادات بالحضور بتحايلها بأساليب الدعوات والتبليغ والتوقيت، وبالتالي تتمكن من التحكم بالقرارات التي تنعكس سلباً على المكتتبين.

تخفيض التكلفة

نائب رئيس الاتحاد العربي للتطوير العقاري الدكتور بشار سمحة أكد أن حل الاتحاد التعاوني السكني لا يفضي إلى حل المشكلات المتعلقة بالسكن ولاسيما في الوقت الراهن، رغم أن أعضاء الاتحاد سواء كانوا أعضاء متممين أو أعضاء مجالس إدارات أو أعضاء مكاتب تنفيذية، أصبحوا الآن من الأثرياء جراء انتفاعهم من امتيازات وجودهم في تلك المراكز، موضحاً أن شركات التطوير والاستثمار العقاري الموجودة في سورية قادرة على إنجاز العديد من المشاريع الخاصة بالإسكان من خلال منح  بعض الشرائح المجتمعية المتضررة من الحرب قروضاً بقصد شراء منازل ضمن مشاريع التطوير العقاري، مبيناً أن المشكلة في الإسكان تكمن في ضعف القدرة الشرائية عند المواطنين والفرق الكبير ما بين تكلفة المسكن ومستوى الدخل، مشيراً إلى أن أسعار المؤسسة العامة للإسكان هي أسعار منافسة، فسعر المتر المربع الواحد ضمن السكن الشبابي هو 150 ألفاً، وبالتالي فإن سعر الشقة  في السكن الشبابي ذات المساحة 100م2 يبلغ 15 مليون ليرة.

كما عملت المؤسسة في السكن الشبابي على تخفيض التكلفة على حساب الجودة؛ الأمر الذي ساهم في التشويه العمراني، مؤكداً ضرورة ردم الفجوة ما بين الدخل والتكلفة من خلال خلق تمويل عقاري حقيقي سواء للمكتتبين أم للمطورين، منوهاً إلى افتتاح الاكتتاب في مشروع أم العظام الواقعة ما بين محافظتي حمص وطرطوس للمرحلة الأولى من مشروع التطوير العقاري والبالغ 500 وحدة سكنية مع بداية العام الحالي، حيث إن الأسعار هي بسعر التكلفة الحقيقية، وهي قريبة جداً من أسعار المؤسسة، وأن أعمال البنى التحتية للمشروع المذكور قد شارفت على الانتهاء ولاسيما الطرق والشوارع والصرف الصحي وإلى غير ذلك.

بيانات

يذكر أن الوزارة قامت بالعديد من الإجراءات للحد والتخفيف من الفوضى السائدة بعمل هذا القطاع، وذلك من خلال إصدار العديد من التعاميم والكتب التي تهدف إلى تصويب العمل في جهات القطاع التعاوني السكني، وتنظيم العمل فيه ومتابعة حسن تطبيقه، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصرين، إلى جانب متابعة عمل مجالس الإدارات وتشكيل مجالس إدارات مؤقتة للجمعيات التي شغرت عضوية مجالس إدارتها أو انتهت مدة ولايتها، كما عملت الوزارة خلال الفترة الماضية على إسقاط عضوية أعضاء مجالس الإدارات المخالفين للأنظمة والقوانين، وحل وتصفية الجمعيات غير الفاعلة، ولاسيما أن عدد القرارات التي تم بموجبها تشكيل مجالس إدارات مؤقتة وصل إلى 228 قراراً، فيما عدد القرارات التي تم بموجبها إسقاط عضوية أعضاء مجالس إدارة الجمعيات وصل إلى 67 قراراً، في حين أن عدد القرارات التي تمّ بموجبها حل وتصفية جمعيات بلغ 94 قراراً، مع الإشارة إلى أن الوزارة قامت خلال الشهر الفائت بتوجيه مديريات التعاون السكني في المحافظات بالتعميم على الجمعيات لجمع البيانات المتعلقة بواقع عمل هذه الجمعيات من جهة، وبيانات المنتسبين من جهة أخرى بهدف تكوين صورة دقيقة عن واقع الجمعيات، والعمل على إصلاحات جذرية. يذكر أنه تم حل 35 جمعية و74مجلساً مؤقتاً، ودمج 45 جمعية.

Mohamdzkrea11@yahoo.com