اقتصادصحيفة البعث

ربط قرض شراء السلع المعمرة مع السورية للتجارة ينفر المستهدفين غياب التوجيه الصحيح بالتوازي مع ضعف الرواتب يدخل القروض المصرفية في خانة العروض!!

 

شهدت الفترة السابقة جملةً من القروض المصرفية الموجهة لذوي الدخل المحدود بشكل مباشر بغية رفع قدراتهم الشرائية وتحسين مستوى معيشتهم، إلا أنه ورغم تنوع سلة القروض فقد تعرض القرض المخصص لشراء السلع المعمرة من مؤسسة السورية للتجارة الذي أعلن مصرف التسليف الشعبي عن منحه مؤخراً لموجة من الآراء المتباينة من قبل ذوي الدخل المحدود حول فائدته وقدرته في تلبية حاجاتهم، حيث اعتبر الكثيرون أن حصر آلية منح قرض بقيمة مليون ليرة بالشراء من صالات السورية للتجارة تندرج ضمن سياسة الحكومة لدعم مبيعاتها على حساب المقترضين ولاسيما أن أسعارها تقارب الأسواق أو تفوقها في بعض الأحيان، إلى جانب محدودية الخيارات لجهة المعروضات والمنتجات الموجودة فيها؛ مما يبعد هذه القروض الموجهة لذوي الدخل المحدود عن هدفها الأساسي في رفع القدرة الشرائية وتلبية متطلباتهم بعيداً عن استخدامهم كورقة رابحة لصالح إحدى الجهات، في حين ذهب البعض إلى ضرورة دمج القرض مع قرض المليون ليرة مع تمديد فترة السداد لتأمين سيولة نقدية تساهم في توفير متطلباتهم، مع إتاحة حرية الاختيار في انتقاء ما يلزمهم دون قيد أو شرط.

خطوة غائبة
خلال استطلاعنا لبعض الآراء تبين عزوف نسبة كبيرة من الموظفين عن الاستفادة من القروض الجديدة بشكل عام، وقرض السلع المعمرة بشكل خاص، وذلك لضآلة الرواتب التي تعاني من حالة ضعف وعجز دائم؛ مما أخرجها من دائرة اهتماماتهم ورغبتهم بالحصول عليها، وكونها تستلزم أقساطاً شهرية عالية؛ ما يفاقم من عجز رواتبهم، وبالتالي اعتبروا أن التوسع في الإقراض سياسة لن تؤتي أكلها ما لم تسبقها خطوة باتجاه زيادة الرواتب، وستبقى مجرد عروض مصرفية غير قابلة للانتشار بالشكل الأمثل، وما التنوع في هذه القروض إلا دلالة واضحة على اعتراف الحكومة باتساع الفجوة بين الأسعار والرواتب، حيث طرحت جملة من القروض، منها قرض الـ50 ألفاً لافتتاح المدارس، وآخر لشراء المواد الأساسية من السورية للتجارة الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء بسقف 300 ألف ولا يزال “غير مفعّل” بحسب مصرف التسليف الشعبي لعدم صدور تعليماته التنفيذية، وصولاً لقرض شراء السلع المعمرة الذي لم يلقَ الإقبال إلى الآن مفضلين منحه بشكل نقدي؛ ما يتيح الحرية للمواطن في شراء ما يرغب من منتجات واختيار ما يناسبه، معللين ذلك بارتفاع أسعارها بشكل عام عن أسعار السوق. وتساءل البعض عن جدوى ربط القرض باستجرار سلع قد تغيب عنها الجودة أحياناً والتنوع غالباً، فإن كان الهدف هو دعم ذوي الدخل المحدود فيجب أن يكون مقروناً بمنح حرية التصرف، وبالتالي يمكن للسورية للتجارة جذب الزبائن من خلال كسر أسعار السوق بشكل حقيقي وواضح، وتقديم تخفيضات وعروض لهم لا إلزامهم بالشراء منها، لإثبات دورها الإيجابي، وأنها الوجهة الأفضل للمواطنين.

5% ربح
في المقابل نفى مدير فرع دمشق للسورية للتجارة أحمد الحناوي ارتفاع أسعار السلع المعمرة في الصالات، مؤكداً أن نسب الربح لا تتجاوز الـ5%، فسعر براد بردى لا يتجاوز الـ150 ألفاً، وسعر شاشة سيرونكس من الحجم الكبير 240 ألفاً، بالإضافة إلى توفر تشكيلة منوعة من السلع السورية ذات الجودة، وبالتالي يضمن القرض وصول المنتجات من المنتج إلى المستهلك مباشرة دون حلقات واسطة، معتبراً أن القرض لتشجيع الصناعة الوطنية التي أثبتت جودتها وتطورها رغم سنوات الحرب، وتوفر كفالة وصيانة لكافة المنتجات على خلاف المنتجات المطروحة في الأسواق؛ ما تضمن للمقترض نوعية جيدة وقطعاً تبديلية، وعلى الرغم من عدم تلقي طلبات لهذا القرض إلا أنه عزا السبب إلى حداثة القرض وعدم انتشاره.

توجيه مباشر
يبدو أن آلية الإقراض التي تنتجها المصارف العامة يسودها العشوائية وغياب الدارسات الصحيحة لواقع المواطنين وذوي الدخل المحدود على وجه الخصوص بحسب رأي الخبير المصرفي عامر شهدا الذي أكد أن هذه الشريحة بحاجة إلى سيولة لترميم أوضاعها المعيشية الصعبة أكثر من ربط تلك القروض بسلع معمرة من القطاع العام الممثل بالسورية للتجارة، ولاشك أن البداية تكون من ضرورة رفع الرواتب الشهرية العاجزة عن تأمين الحد الأدنى لمتطلبات الأسرة، ليستطيع لاحقاً الاستفادة من القروض الموجهة إليه؛ فالمواطن عاجز عن تأمين متطلبات معيشته اليومية في ظل ضعف الرواتب الشهرية والتضخم الحاصل، وبالتالي فإن عزوف غالبية المواطنين عن الاستفادة من تلك القروض خير دليل على عدم تناغم حاجات المواطن مع ما تطرحه الإدارات المصرفية، وطرح على سبيل المثال قرض شراء السلع الأساسية بسقف 300 ألف الذي لم يلقَ صداه المتوقع، مقترحاً تفعيله بتخصيص جزء من القرض لتغطية حاجة المواطنين لمادة المازوت عبر تخصيص مبلغ 50 ألفاً لشركة سادكوب، حيث تساهم في ضبط توزيعها وضمان استلام كافة المواطنين لمخصصاتهم، وبالتالي دعم الفئة المستهدفة بالشكل الصحيح، كما لفت شهدا إلى أن رفع الطلب على السلع المعمرة يرفع من قيمة المستوردات وما يتنافى مع سياسة الحكومة الاقتصادية، وبالتالي إن كان الهدف من القرض تشجيع الصناعة الوطنية فلابد من إيجاد طرق لتأمين موارد للقطع الأجنبي لتوفير موادها الأولية، يليها التوجه إلى الترويج والبيع.
فاتن شنان