اقتصادزواياصحيفة البعث

فتش عن الأمريكان..!

 

فجأة.. نزل عشرات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع ضد حكومتهم..!
مطالب المتظاهرين تكاد تكون اقتصادية بحتة.. محاسبة الفاسدين الذين يتحكمون بمقدرات البلاد منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، وإعادة المال العام المنهوب، وفرض الضرائب على الأثرياء والمصارف فقط، وتحسين الدخل، وتأمين فرص العمل للشباب، وتأمين الخدمات وخاصة الكهرباء والمياه والاستطباب.. والنظافة..!
وكما نرى جميع مطالب المتظاهرين مشروعة ومحقة.. لكن السؤال: لماذا لم تندلع المظاهرات إلا بعد أيام قليلة من إعلان وزير خارجية لبنان أنه سيزور سورية التي وصفها أكثر من مرة بأنها الرئة الاقتصادية الوحيدة التي يتنفس من خلالها لبنان..؟
وإذا لم نفتش عن الأمريكان في هذه المظاهرات فلن نكتشف الأسباب الحقيقية لاندلاعها..!
قبلها بأسابيع اندلعت مظاهرات في العراق، خلفيتها اقتصادية بحتة أيضاً.. محاسبة الفاسدين، وتحسين الأحوال المعيشية، وتأمين الخدمات.. إلخ..!
وهي مطالب مشروعة ومحقة.. لكن السؤال أيضاً: لماذا لم تندلع المظاهرات في العراق على نطاق واسع وعنيف إلا بعد افتتاح معبر الحدود البوكمال القائم بين سورية والعراق..؟!
ترى هل نحتاج إلى دليل لمعرفة أن اليد الخفية التي حركت الشارع العراقي هي أمريكا، ولا أحد آخر سوى أمريكا..؟
طبعاً المتظاهرون لا ينزلون إلى الشارع استجابة لنداء أمريكي عاجل ومباشر، ولكن هناك قطعاً أيادٍ خفية متمرسة بتحريض الناس، هذه الأيادي معروفة باسم منظمات وجمعيات المجتمع المدني..!
والأمر لا يقتصر على المنطقة العربية، بل يحصل على امتداد العالم، ولا توجد أية استثناءات بين دول حليفة أو معادية لأمريكا..!
فجأة.. اندلعت المظاهرات في فرنسا منذ أشهر على نطاق واسع من خلال ما يعرف بأصحاب “السترات الصفر” بخلفية اقتصادية، أهمها إلغاء الضرائب، وكانت تتجدد كل يوم سبت، وتزداد عنفاً أسبوعاً بعد أسبوع.
ومع أن مطالب المتظاهرين بدت محقة ومشروعة إلا أن السؤال: لماذا لم تندلع هذه المظاهرات الواسعة إلا بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي أن الوقت قد حان لتأسيس جيش أوروبي يدافع عن القارة الأوروبية، بدلاً عن الحلف الأطلسي..؟
نعم.. الأيدي الخفية المتحكمة بالمجتمع المدني تتحرك بسرعة لخلق الاضطرابات العنيفة في كل مرة تقرر فيها حكومة حليفة التمرد على “سيدها” الأمريكي، أو على الحكومات التي تشكل تهديداً لأمريكا..!
وإذا كان الإعلام يهتم كثيراً بتغطية الأحداث في العواصم المشهورة فلا يعني هذا أن البلدان الأخرى التي ترى فيها أمريكا تهديداً لها بمنأى عن الاضطرابات..!
كلنا يتابع الحرب التجارية القائمة بين الصين وأمريكا، لكن هذه الحرب المعلنة “إعلامياً” تخفي الحرب الحقيقية والأشرس والتي محورها طريق الحرير الجديد الذي ترى فيه أمريكا نهاية لهيمنتها الاقتصادية على العالم..!
فجأة.. وبعد أن وضعت الصين مشروعها “حزام واحد ـ طريق واحد” على سكة التنفيذ.. اندلعت الاضطرابات والأحداث العنيفة في معظم الدول التي سيمر فيها طريق الحرير..
ورسالة أمريكا العنيفة للصين ولأصدقائها واضحة: احذروا.. طريقكم الحريري غير آمن..!
علي عبود