دراساتصحيفة البعث

آن الأوان لانتفاضة الأمريكيين

 

ترجمة: عائدة أسعد
عن موقع نيويورك تايمز 20/10/2019

في 9 تشرين الثاني عام 2016 أي بعد يوم من انتخاب دونالد ترامب رئيساً لأمريكا، حكم على قانون الرعاية الصحية “أوباما كير” بالفشل، وتوضّح أن الملايين من الأمريكيين سيفقدون تأمينهم الصحي. فقد وعد ترامب ضمن حملته الانتخابية الرئاسية بأنه سيطلب من الكونغرس في أول يوم له بمنصبه إلغاء نظام التأمين الصحي، كما فعل العديد من الجمهوريين الآخرين عندما كان حزبهم على وشك السيطرة على كل فرع من فروع الحكومة الفيدرالية.

كلّ ما كان على جميع الجمهوريين فعله هو إصدار قانون يوقّعه ترامب، بحيث لا يستطيع الديمقراطيون إيقافه بأي وسيلة أو على الأقل لا يستطيعون منعه. ولحسن الحظ فهم بعض التقدميين أن السياسة ليست مجرد لعبة داخلية، إنما اللعبة الخارجية والاحتجاج الشعبي وكسب التأييد الشعبي مهمّة أيضاً. لذلك وحتى قبل تولي ترامب منصبه، بدأ الناشطون التخطيط لإستراتيجية تجعل إبطال القانون مؤلماً سياسياً قدر الإمكان.
وفي اليوم الذي تلا تنصيب ترامب خرج نحو أربعة ملايين أمريكي إلى الشوارع لحضور مسيرات النساء التي تندّد بسياسات ترامب والعنف ضد المرأة رغم الانقسامات في صفوفها. وفي الأشهر التي تلت ذلك، قامت مجموعات بتنظيم الأشخاص للحضور في قاعات المدينة، وزيارة مبنى “الكابيتول هيل” وإجراء المكالمات الهاتفية مع أعضاء الكونغرس. وغيّرت تلك الجهود الجدال ولم يعد إلغاء قانون “أوباما كير” مجرد مسألة تشريعية يقاس من خلالها الرأي العام بنتائج الاستطلاع وتحليل النقاد، بل أصبحت القصة أكثر وضوحاً وأكثر إنسانية وأصعب بكثير على السياسيين والمواطنين العاديين تجاهلها.
إن ما حدث الأسبوع الماضي وحده كافٍ لإثبات محاولات ترامب خلق كارثة في السياسة الخارجية في تركيا وسورية دون سبب واضح، بينما ينظر العديد من مسؤولي الإدارة إلى أن ترامب يعتبر الدبلوماسية وسيلة لتعزيز مصالحه الشخصية، في خطوة تظهر أنه انتهك يمين منصبه، وهذا ما يوقظ الأميركيين على خطورة الوضع ويحشد طاقات التقدميين للعمل بجدٍ، كما فعلوا خلال منتصف الفصل 2018 لمواجهة الجمهوريين الجبناء في الكونغرس.
إن معظم الأميركيين لا يريدون ترامب، وقد ساعدت مسيرات النساء في إلهام ما يُسمّى بحركة المقاومة والتي بدورها خلقت شبكة من الناشطين المتفانين، ولعلّ نجاح الاحتجاجات، حسب علماء اجتماع، يعتمد غالباً على جرأة المجموعات في تكتيكاتها والاستمرار في نهجها ضمن الانضباط الواسع للعمل السلمي.
كتب ماثيو إيغليسياس، المدوّن والصحفي المختص بالاقتصاد والسياسة: “تعتبر الاحتجاجات العامة بمثابة إشارة قوية لبقية المجتمع بأن هناك شيئاً غير عادي يحدث، وقد يكون الاحتجاج أكثر أهمية مما كان عليه في الماضي، لأن مؤسسات النخبة التي ساعدت في إسقاط ريتشارد نيكسون كالأحزاب السياسية ووسائل الإعلام الوطنية أضعف اليوم”.
لذا فقد حان الوقت لتتطابق مسيرة الأمريكيين مع مسيرة المرأة الأولى، ويخرج ملايين الناس إلى الشوارع بسلام ليقولوا على الرئيس ترامب الرحيل، وحان الوقت لحملة شعبية أكثر كثافة موجهة إلى العناصر التي تمكّنه في الكونغرس لإنقاذ قانون الرعاية الصحية. وحتى لو كان مجلس الشيوخ لا يزال يبرّئ ترامب، يمكن لحركة احتجاج جديدة أن تدفع الناس إلى إلحاق الهزيمة به، فالبلد في أزمة حقيقية تبدو غير طبيعية.