أخبارصحيفة البعث

التنافس الاقتصادي لن يقسّم العالم

تتزايد المخاوف يوماً بعد يوم من تقسيم العالم إلى نظامين مستقلين ومتنافسين تقودهما الصين والولايات المتحدة. لقد تحدّث الكثيرون عن احتمال انزلاق بكين وواشنطن إلى حرب باردة جديدة، في وقت أصبحت فيه العلاقات بين البلدين على امتداد العالم أكثر ارتباطاً، فهل ستعود المنافسة بين القوتين الرئيسيتين بالعالم إلى أوقات الانقسام والمواجهة؟.

وقد برزت نقاشات حول ما إذا كانت المنافسة بين الصين والولايات المتحدة ستؤدي إلى انقسام في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث يعتقد بعض المراقبين أنه مع تقلص فجوة القوة بين البلدين ستشتد المنافسة، وقد تبدأ حرب باردة جديدة حتى إن بعض العلماء الأمريكيين يشكون أن الاختلافات العميقة بين الصين والولايات المتحدة قد تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة.

يقول الباحث الأمريكي جون ميرشماير، مؤلف كتاب “مأساة القوى العظمى السياسية”: “من المرجح أن يؤدي صعود الصين إلى منافسة أمنية واسعة مع الولايات المتحدة مع إمكانية كبيرة للحرب”، كما يعتقد أن معظم جيران الصين، بما في ذلك الهند واليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية وفيتنام سوف تنضم إلى الولايات المتحدة لاحتواء قوة الصين. في المقابل يعتقد يان شويتونغ، عميد معهد العلاقات الدولية بجامعة تسينغهوا، أن النمط  ثنائي القطب في منطقة آسيا والمحيط الهادئ قد تم تشكيله بالفعل، لكن بنيته تختلف عن تلك الموجودة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة.

في الواقع، مع تزايد قوة الصين الوطنية وموقفها الإيجابي المتزايد في الشؤون العالمية، تم اعتبار أن المنافسة مع الولايات المتحدة تتطور خارج منطقة آسيا والمحيط الهادئ لتصبح عالمية بشكل متزايد، وعلى وجه الخصوص يبدو أن المنافسة التي تدور حول مبادرة الحزام والطرق التي طرحتها الصين، والنزاعات التجارية بين الصين والولايات المتحدة ستتسبب في انقسام عالمي. والقول: إن التنافس المتنامي بين الصين والولايات المتحدة الذي سيؤدي إلى عالم منقسم يستند إلى أنه استنتاج قائم على سياسات القوة. لكن هناك العديد من الاختلافات بين الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.

على الرغم من اختلاف الصين والولايات المتحدة في الأيديولوجية والأنظمة السياسية وغيرها من المجالات، فإن هذا لم يصبح محور منافسة البلدين، إلى جانب ذلك لا تصدر الصين أيديولوجيتها مقارنة بالحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، فالحرب الباردة الجديدة أقل إيديولوجية وأكثر جيوسياسية، كما تربط الصين والولايات المتحدة علاقات تجارية وثيقة، في حين أن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي كانت غير موجودة تقريباً خلال الحرب الباردة، وأخيراً فإن كلاً من الصين والولايات المتحدة بعيدتان عن كونهما وراء تشكيل عالم ثنائي القطب.

صحيح أن معظم الدول في العالم لديها علاقات وثيقة مع الصين والولايات المتحدة، لكن على ما يبدو فإن معظم الدول لا تريد أن تقسم المنافسة الصينية الأمريكية العالم.

عناية ناصر