رأيصحيفة البعث

فضيحة اللصوصية الأمريكية

لو كنا نعيش وضعاً دولياً سليماً يُحترم فيه ميثاق الأمم المتحدة، ولا سيما مبدأ سيادة الدول، ويُقام فيه وزن للشرعية الدولية، ويُمنع فيه التدخل السافر في شؤون الدول الداخلية. لو كنا نعيش هذا الوضع، لشكّل نشر وزارة الدفاع الروسية صوراً تُظهر قيام قوات الاحتلال الأمريكي بسرقة النفط السوري، فضيحة كبرى، لا تستطيع الولايات المتحدة التملّص من دفع ثمنها، ولا الاستمرار في ارتكابها، وكأن شيئاً لم يكن…
مشكلتنا الكبرى هي أن العالم يمر بأسوأ حالاته، وأن الولايات المتحدة وغيرها من قوى الإجرام واللصوصية تقوم بارتكاب الجرائم والسرقات الموصوفة بحق الدول المستقلة، وتقدّم لتبرير ذلك حججاً واهية هي نوع من الضحك على الذقون… وسرقة النفط السوري مثلاً ليست إلا إحدى الجرائم الأمريكية بحق السوريين. أما إذا أردنا تعداد كل جرائمها بحقهم، فالقائمة تطول، وفيها ما هو أبشع من السرقة بكثير مما لا يتسع المقام لذكره هنا، فضلاً عن أنه بات معروفاً للجميع، وخاصة بعد اعتراف أمريكا على لسان الوزيرة السابقة كلينتون أن “داعش” صناعة أمريكية…
و”داعش” كما هو معروف أيضاً لم يكن أداة أمريكا لتقتيل الشعب السوري، وإسقاط دولته الوطنية فقط، بل كان أيضاً الفزّاعة التي استغلتها أمريكا بشكل مدروس للتدخل العسكري المباشر من أجل تحقيق أهدافها في سورية ومنها سرقة النفط والحصول بذلك على عشرات الملايين من الدولارات شهرياً، مما يفسر هذا الإصرار الأمريكي على حماية آبار النفط السورية من خلايا تنظيم داعش النائمة!، كما يزعم لصوص النفط الأمريكيون، مع أن الروس أكدوا بشكل قاطع أن النفط السوري كان يُستخرج تحت حراسة مشددة من العسكريين الأمريكيين، ويجري نقله إلى خارج سورية أثناء وجود التنظيم الإرهابي في مناطق الجزيرة قبل وبعد دحره من قبل الجيش العربي السوري…
سرقة الأرض والثروات كما يمارسها الأمريكيون وتابعهم التركي في سورية بذرائع كاذبة تتقنّع بمحاربة الإرهاب تارة، والدافع الإنساني تارة أخرى، تؤكد أن بعض الدول ذات التاريخ الحافل بإبادة الشعوب، وغزو الدول ونهب ثرواتها، مازالت تسير على النهج ذاته، وتقف بكل ما تملك من قوة الشر بمختلف أشكالها العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية والإعلامية وغيرها ضد أنسنة العلاقات الدولية، ولا تتورّع في سبيل تحقيق أطماعها وأهدافها الإجرامية عن إخضاع العالم إلى شريعة الغاب.
ومن الواضح أن الصراع اليوم يدور بشراسة بين أنصار أنسنة السياسة الدولية وأخْلَقتِها، وبين العاملين على وحْشَنتِها بمختلف الطرق والوسائل التي ليس آخرها الإرهاب الداعشي، وليس أولها الإرهاب الصهيوني. فصنّاع إرهاب اليوم هم أنفسهم صنّاع إرهاب الأمس، وقتلة اليوم هم أنفسهم قتلة الأمس…
وقد لا نبالغ إذا قلنا: إن نتيجة هذا الصراع ستقرر مستقبل العالم بأسره، وإنه طالما استمرت الهيمنة الأمريكية والاحتلال الصهيوني، فإن ذلك يعني أن العالم لن يعرف الأمن، ولا السلام ولا الاستقرار، وأن الإنسانية لن تتنفس الصعداء.
محمد كنايسي