الصفحة الاولىصحيفة البعث

قُتل في أبرز معاقل تكفيريي أردوغان تصفية البغدادي.. صانع الإرهاب يقتل ربيبه!

 

“أبو بكر البغدادي مرة أخرى قُتل؟ أتذكر في هذه اللحظة كلمات تاراس بلبا لابنه أندريه: أنا أنجبتك وأنا أقتلك”.. بهذه الكلمات علّق الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف على نبأ مقتل زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي أبو بكر البغدادي، مختصراً بذلك الأسلوب الأمريكي في أحداث المنطقة.
وفي مشهدٍ ارتابته الكثير من الشكوك والتداعيات، معيداً إلى الذاكرة حوادث عدّة تشابهت بأساليب التنفيذ فيما اختلفت شخوصها، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الجيش الأمريكي نفّذ عملية استهدفت البغدادي، وقال: “الفحوصات أكدت هوية البغدادي رغم تمزق جسده بعد تفجيره سترته المفخخة”، وفي تناقض مع تصريحات ترامب قالت مصادر أمريكية حكومية: “إن البغدادي قد يكون قتل نفسه بسترة انتحارية عندما هاجمت قوات أمريكية خاصة موقعه”، في مؤشّر إلى أن دوره انتهى، لتدفن معه واشنطن أسرار علاقتها الوثيقة التي تربطها مع التنظيم المتطرّف، كما فعلت مع غيره.
أولى تلك الحوادث كان حادثة تخلّص الإدارة الأمريكية من زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن، الذي أوجدته الولايات المتحدة في أفغانستان، ثم قُتِل واندثرت معه أسرار العلاقة مع واشنطن عند انتهاء مهمته، وتاليها قتل الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي عام 2010، الذي تزعم “القاعدة” الإرهابي بن لادن عقب انتهاء دوره، بعدما كادت القوات العراقية حينها أن تلقي القبض عليه، حسب تعبير برلماني عراقي.
ولكن، تبدو المفارقة واضحة في أن العملية نُفِّذَت في محافظة إدلب، شمال غرب سورية، بواسطة قوات عمليات خاصة بعد أن تلقت معلومات استخباراتية، وهذا ما علّقت عليه وزارة الدفاع الروسية، مشيرة إلى أن كل الأراضي في منطقة خفض التصعيد بإدلب يسيطر عليها تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، الذي يمثّل ذراعاً لتنظيم القاعدة الإرهابي في سورية، وقامت “جبهة النصرة” دائماً بالقضاء على تنظيم داعش وأي من عناصره مباشرة على الأرض باعتبارهم منافسين أساسيين لها في هذه المنطقة، مبينة أن وجود الإرهابي البغدادي بالمنطقة المذكورة يتطلب “تقديم أدلة مباشرة منفصلة من قبل الولايات المتحدة وباقي المشاركين في العملية”، متسائلةً عن سبب ما أسمته “وجود هادئ للمتزعم السابق لـ “داعش” على الأراضي الخاضعة لسيطرة القاعدة السورية”، وتابعت: “إنه منذ لحظة الدحر النهائي لتنظيم داعش الإرهابي على يد الجيش العربي السوري، بدعم القوات الجوية الفضائية الروسية، أوائل العام 2018، لا يوجد على الإطلاق أي تأثير لنبأ مقتل البغدادي على الأوضاع في سورية أو على أعمال الإرهابيين المتبقين في إدلب”.
المتحدّث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف قال في بيان: “إن زيادة عدد المشاركين المباشرين والدول التي قيل إنها شاركت في هذه العملية المزعومة مع وجود تفاصيل متناقضة على الإطلاق لدى كل منها تثير تساؤلات وشكوكاً مبررة حول مدى واقعيتها، وخاصة نجاحها”، وأوضح أنه لم يتم رصد أي ضربات جوية من قبل الطيران الأمريكي أو ما يسمى “التحالف الدولي” على منطقة خفض التصعيد في إدلب في غضون يوم السبت أو الأيام الأخيرة الماضية، كما لا علم لدينا بتقديم أي مساعدة مزعومة لتحليق الطيران الأمريكي فوق منطقة خفض التصعيد خلال هذه العملية.
وبسخرية، علّقت طهران على إعلان الولايات المتحدة تصفية البغدادي، وذلك على لسان وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد أزاري جهرومي، الذي غرّد على “تويتر” قائلاً: “ليس هناك شيء مميز! لقد قتلتم فقط مخلوقاً خلقتموه أنتم!”.
وإذا ما تأكدت رواية مقتل البغدادي في مدينة إدلب، فإن سؤالاً كبيراً يطرح نفسه حول الداعمين الحقيقيين للتنظيم الإرهابي، وبشكل آخر، الجهات والدول التي دعمته وحمته طيلة تلك المدة، وعلى رأسها النظام التركي، الذي يستميت في الدفاع عن المجموعات الإرهابية في إدلب، ويحاول تأمين الحماية لها منذ سنوات.
يذكر أن العديد من وسائل الإعلام أكدت أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون أقرّت في مذكرات لها قبل سنوات بأن عدداً من الدول الغربية، بينها الولايات المتحدة، هي المسؤولة عن إنشاء تنظيم “داعش” الإرهابي وتمويله وتزويده بالأسلحة ودعمه بمختلف الوسائل.
ولابد عند مقتل المجرم من التذكير بجرائمه الشنيعة، فقد تفنّن تنظيمه في قتل ضحاياه وتنفيذ جرائمه، الإعدام حرقاً.. بالقذائف الصاروخية.. بالغرق.. وبالطعن المباشر في القلب!، إضافةً إلى أحد أكثر جرائمه ترويعاً، وهي مجازر جماعية بلغ عددها 15، طالت أفراداً من قبيلة الشعيطات في ريف دير الزور، والتي قدّرت أعدادهم بالمئات، وجرائم التنظيم في الموصل- العراق، وتهجير الإيزيديين وسبي نسائهم.
قتل الصنيع على يد الصانع، عنوان لمقتل الإرهابي البغدادي الذي عاث فساداً وخراباً وقتلاً، لكنّه لا يعفي الولايات المتحدة عن شراكتها في كل تلك الجرائم، فعملية اختراع متزعمين إرهابيين، مثل بن لادن والزرقاوي والبغدادي وغيرهم، أو ما يوازيهم من تنظيمات إرهابية ظهرت في سورية على مدار السنوات الثماني الماضية، وحملت أسماء مختلفة بما فيها “جبهة النصرة” و”حراس الدين” و”أحرار الشام” وغيرها الكثير من التسميات تعدّ من تخصص وكالات الاستخبارات الأمريكية والغربية، التي تبتكر وتمول وتدعم مثل هذه التنظيمات لتبرير ما تقوم به واشنطن من حروب وتدخلات عسكرية ضد الدول التي لا تسير في فلكها.
تصفية البغدادي في إدلب تؤكّد ارتباط التنظيمات الإرهابية مع بعضها رغم اختلاف أسمائها، إذ كيف له أن يختبأ في مكان وجود خصمه المفترض الإرهابي أبو محمد الجولاني متزعم تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي ما لم يكن هناك تنسيق وارتباط مباشر بين هذه الأدوات الإرهابية والجهات الداعمة لها، وعلى رأسها الولايات المتحدة والنظام التركي، الذي أوجد المجموعات الإرهابية في إدلب ويحميها منذ سنوات.