زواياصحيفة البعثمحليات

“مرتكزات النهوض”

لا شك أن ما أفرزته الحرب الإرهابية – بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على الشعب السوري من قبل دول الشر والعدوان – من واقع صعب وتداعيات سلبية في كافة مفاصل الحياة، ترك القليل من الخيارات التي تكاد تكون محدودة بل معدومة لدفع عجلة النهوض والإنتاج ورفع مؤشرات ونسب الإنجاز في مجمل المشاريع الجاري تنفيذها ضمن الخطط الموضوعة والمنظورة لإعادة الإعمار وإزالة آثار الحرب الإرهابية المدمرة، ومع اختلاف وتباين الرؤى وعدم تطابق الخطط والبرامج الورقية مع الواقع ومع إحداثيات العمل الميداني في العديد من مواقع وجبهات العمل، وفي خضم هذه التحولات الاقتصادية والاجتماعية والحاجة الماسة للنهوض والتطوير والتحديث، يفترض وضع أسس ومعايير واضحة، وإنشاء حقل معرفي يتواءم مع التطورات و التغييرات المنهجية و العملية، وبالتالي تجسيد محصلة هذا التفاعل والتمازج القائم بين المشاريع المختلفة مع حالات النمو المطلوبة والمنشودة وفق خطط ذات جدوى على المديين القريب والبعيد.
وبطبيعة الحال وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه الشركات والمؤسسات الإنشائية الوطنية، نجد أن البعض منها نجح إلى حد بعيد في تحقيق هذا التناسب والتمازج بالاعتماد على الطاقات والإمكانات المتاحة والذاتية، وعلى الكفاءات والخبرات الوطنية؛ ما ساعد إلى حد بعيد في خلق بيئة منتجة خدمياً واقتصادياً، ولعل التجربة الناجحة لمؤسسة الإنشاءات العسكرية في حلب والتي تصدت لعشرات المشاريع في حلب قد تكون أنموذجاً حقيقياً من المفيد قراءة مفرداتها بتأنٍ، بالنظر إلى جدية عملها وحجم ما أنجزته من مشاريع حيوية وتنموية بمقاييس ومعايير عالية الجودة وضمن الحد الأدنى من الإمكانات، وهو بالتأكيد خلاصة جهد كبير لم يتوقف طيلة فترة الحرب، ما ينفي قطعاً نظرية ليس بالإمكان أفضل مما كان.
خلاصة القول: ما نود التأكيد عليه في ضوء الحاجة الملحة لتسريع وتائر العمل والإنجاز هو إدراك الفارق الكبير بين التفكير الاستراتيجي كمنهج وفلسفة نظرية، وبين الخطط الاستراتيجية كمسار وخطوات ومراحل يتم التحرك بناء عليها ومن خلالها لتحديد الأولويات ومحددات ومرتكزات النهوض الحقيقي، وهو ما أكثر ما نحتاجه اليوم للسير في الاتجاه الصحيح وكسب الرهان والتحدي.
معن الغادري