أخبارصحيفة البعث

بعد “العولمة”.. الاقتصاد العالمي مهدّد بالتفكّك

 

غيّرت الولايات المتحدة استراتيجيتها تجاه الصين، وتحوّلت من كونها المدافع عن إدماجها في الاقتصاد العالمي إلى القيام بكل ما تستطيع لتحييد واحتواء المنافس الجديد، الذي سيعيد تشكيل الاقتصاد العالمي في السنوات القادمة. ووفقاً لما كتبه مارك أوزان، المدير التنفيذي للجنة إعادة اختراع بريتون وودز، سيكون تفكّك الاقتصاد العالمي هو الحكاية التالية بعد فصل العولمة.
إن الاقتصاد العالمي في نقطة انعطاف، إذ أصبح خطر حدوث تفكّك دائم في التجارة حقيقياً، فقد سجلت الصناعة الألمانية على سبيل المثال أسوأ مناخ تجاري منذ تسع سنوات، وتعد الحروب التجارية والتوترات الجيوسياسية، وإمكانات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وصفة لتباطؤ عالمي كبير. لقد أصبح عدم اليقين في التجارة سمة دائمة لصنع السياسات، ولن تتمكن البنوك المركزية من العودة إلى السياسات التي اعتمدت عليها قبل الأزمة المالية العالمية، ولن ترتفع أسعار الفائدة مرة أخرى، ولن تعود ميزانيات البنك المركزي قريباً إلى الصفر. لذلك تتعرّض استقلالية البنوك المركزية للهجوم، فالتجارة ليست مشكلة يمكن حلها عن طريق السياسة النقدية، فقد دعا الرئيس ترامب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) إلى خفض أسعار الفائدة بنقطة مئوية كاملة لتمديد حملة لمدة عام للضغط على البنوك المركزية تحتاجها الولايات المتحدة الأمريكية لخفض أسعار الفائدة، معتبراً أن المصانع تتضرر من الدولار القوي، “لقد تم تقييد أيدينا من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي”، هذا هو كان التعبير الذي استخدمه.
الذريعة الأخرى داخل الإدارة هي جعل الولايات المتحدة تحافظ على أسعار الفائدة الخاصة بها متماشية مع بقية العالم، وهي خطوة من شأنها أن تكون بمثابة مبرر سياسي لمزيد من التعريفات، وربما لحرب عملة مقبلة مع تدخل الحكومة الأمريكية في سوق الصرف الأجنبي.
وقد تمّ التعبير عن عدم اليقين الجيوسياسي بوضوح في قمة مجموعة السبع الأخيرة في بياريتز، ومن الواضح أن عدم اليقين التجاري قد أضر بثقة الشركات العالمية “تباطؤ الاستثمارات”، لكن في الوقت الحالي، تمّ تعويض ذلك بظروف مالية أسهل، وبالنسبة للأسواق الناشئة أظهرت الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة حتى ضد حلفائها اتجاهاً مثيراً للقلق على المدى الطويل.
إن قوى النمو العالمي التي عزّزت الأسواق الناشئة والتجارة وسلاسل التوريد والدورة الفائقة للسلع الأساسية قد انتهت، لتطرح سؤالاً جوهرياً: كيف سيكون نموذج النمو الجديد للأسواق الناشئة؟.
عناية ناصر