أخبارزواياصحيفة البعث

ماذا يحدث شمال جزيرتنا السورية؟؟..

د. مهدي دخل الله

اليوم الأربعاء تكون قد انتهت المدة المحددة في مذكرة التفاهم الروسية التركية، وهي مئة وخمسون ساعة يتم خلالها نقل عناصر ما يسمى «بوحدات حماية الشعب» إلى عمق ثلاثين كيلو متراً داخل الجزيرة السورية.

ولا بد في مناقشة هذه الوثيقة من التعرّض إلى أهم القضايا فيها وفق الآتي:

أولاً – المعيارية: البند الأول في الوثيقة هو الأهم نوعياً، لأنه يقدّم القاعدة المعيارية لكل ما يأتي بعده. هذا البند يؤكد على الالتزام بالحفاظ على الوحدة السياسية والسلامة الإقليمية لسورية… يضيف البند «وحماية الأمن القومي التركي»..

هذا يعني أن كل ما يخالف الوحدة السياسية والسلامة الإقليمية لسورية هو مرفوض حكماً، لأن هذا الشرط معياري، ومن المهم الانتباه إلى تعبير «الوحدة السياسية»، وهو أعمق من تعبير «وحدة الأراضي السورية»، لأنه ينفي أي تركيب لا يضمن الوحدة السياسية لسورية بمعنى وجودها كدولة مركزية (مع نظامها المحلي)، وليس كدولة اتحادية.

أما بند «السلامة الإقليمية»، فيعني أنه لا يجوز لأحد أن يعتدي على سورية، لأن ذلك يتنافى مع سلامتها الإقليمية (والدولية)، وفي هذا تحديد واضح لطبيعة التدخل في الأرض السورية وتقييده بضرورة ألا ينتهك مفهوم سلامة سورية…

أما «حماية الأمن القومي لتركيا»، فمعياريته تابعة للمعيارية المذكورة المتعلقة بسورية أولاً وآخراً، فتلك أصل وهذا مشتق، ذلك لأن «العمليات» تحدث على الأرض السورية وليس التركية..

ثانياً – المنهجية: الوثيقة مذكرة تفاهم لا ترتقي إلى الاتفاق، لأن هذا النوع من التفاهمات يركّز على إجراءات تنفيذية، ولا يشكّل التزاماً قانونياً بين الطرفين، وليس خاضعاً لتصديق المؤسسات الداخلية في كل بلد..

ثالثاً – القضايا المربكة:  وهي قضايا مبهمة، وتبدو مفتوحة لأي تفسير أو تأويل. من هذه القضايا:

1- البند الثالث يؤكد الحفاظ على منطقة (نبع السلام) بين تل أبيض ورأس العين (المسافة 120كم) بعمق(32كم)، أي ما مجموعه (3840 كم2)، لكنه لا يحدد لأي فترة زمنية سوف تدوم هذه المنطقة الخاضعة لتركيا، وهذا أمر مربك جداً.

2- البند الخامس يشير إلى أنه خارج منطقة (نبع السلام).. ستقوم دوريات سورية روسية مشتركة بمراقبة الحدود شرق رأس العين وغرب تل أبيض. هذا كله مفهوم، لكن الشيء غير المفهوم هو ما جاء في النص بأنه بعد انتهاء مدة (150) ساعة، أي حتى مساء الأمس الثلاثاء تقوم بالرقابة شرق رأس العين (حتى قبل 10 كم من القامشلي) وغرب تل أبيض دوريات روسية تركية مشتركة؟ كيف يمكن هذا؟ وماذا عن دوريات جيشنا في المنطقة؟..

3- البند السادس يؤكد على إزالة جميع عناصر «وحدات حماية الشعب» وأسلحتهم من منبج وتل رفعت، وهذا معناه دخول الشرعية السورية بجيشها وبلدياتها إلى المدينتين بكاملهما، وهذا الأمر يلقى صعوبات، لأن ميليشيا (حماية الشعب) مازالت حتى كتابة هذه الكلمات موجودة في أحياء من المدينتين..

mahdidakhlala@gmail.com