اقتصادصحيفة البعث

أربعة شروط بإمكاننا من خلالها قطف 12 مليار دولار سنوياً قيمة مضافة قطاعنا الزراعي بشقيه الحيواني والمثمر البعلي مفتاح الاستقرار الاقتصادي-الاجتماعي خلال 4 سنوات؟!

 

خلال لقائه الإعلامي مع قناتي السورية والإخبارية، أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الوضع المعيشي لن يتحسن وحده إن لم نتحرك كدولة ومجتمع بكل المستويات..، كما أكد أن تحريك دورة الاقتصاد سيخلق المزيد من الأدوات للسلطات النقدية وللمجتمع لتحسين الوضع الاقتصادي وتخفيف الاعتماد على الدولار.
وفي توجهات مجلس الوزراء فيما يختص الإنفاق في الموازنة العامة للدولة للعام 2020، حدد المجلس من ضمن أولويات ما حدده إنفاقياً، تعزيز الأمن الغذائي والتنمية بشقيها الاجتماعي والاقتصادي، والاستمرار بتطوير المؤسسات الإنتاجية الزراعية والصناعية والحرفية، وتنشيط قطاع السياحة.
وتبع ذلك جملة من الاجتماعات الحكومية الخاصة بقطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني، اجتماعات تؤشر في خلاصتها إلى اهتمام متزايد بقطاع الثروة الحيوانية، سواء كان على مستوى المشاريع لمؤسسة الأعلاف (معامل للأعلاف وتصنيعها من خلال تطويرها في عدد من المناطق والمحافظات السورية)، أو بيطرياً عبر ما توصل إليه اجتماع رئيس مجلس الوزراء مع نقابة الأطباء البيطريين (من أهمها الموافقة على تقديم أرض من أملاك وزارة الزراعة إلى نقابة الأطباء البيطريين لإشادة مشروع لتربية غنم العواس، وتقديم تسهيلات وإعفاءات لإقامة معامل للأدوية البيطرية..).
هذا وغيره يعد من الشروط الهامة جداً للاستقرار الاقتصادي – الاجتماعي، الذي بات الحديث فيه اليوم والعمل عليه أكثر جدوى وإمكانية وقدرة على التطوير في عدد من أنشطة وفعاليات الاقتصاد الزراعي عامة و”الحيواني” تحديداً، نظراً لما تؤمن ثروتنا الحيوانية من قيم مضافة على الصعيدين التصنيعي والتجاري، وخاصة بعد المساحات الشاسعة التي أعادتها تضحيات الجيش العربي السوري…

أربعة شروط..؟
الخبير الاقتصادي سامر الحلاق يرى أن من أهم شروط الاستقرار الاقتصادي-الاجتماعي في بلادنا.. ( وفقاً لدراسة اقتصادية أعدها..) رباعية ضرورية التنفيذ ضمن برنامج زمني صارم ومحدد لا مجال للتراخي فيه، والرباعية تتمثل أولاً: السعي الجدي والحثيث لزيادة عدد رؤوس الماشية السورية، بحيث تصبح كحد أدنى 150 مليون رأس من الغنم و50 مليون رأس من الماعز الجبلي والبلدي خلال 4 سنوات، على أن يُبدأ بذلك من خلال تعديلات للتشريعات ودعم لمربي الماشية مادياً وخبرة واهتماماً، لتتجاوز القيمة المضافة سنوياً في هذا القطاع الـ12 مليار دولار، ترفد الاقتصاد الوطني، مبيناً ما لهذا القطاع من قدرة على تشغيل كبير لكل مدخلات الإنتاج والتصنيع اللاحق له…
وبالنسبة لثاني أهم الشروط، فهو العمل على زيادة عدد الأشجار المثمرة البعلية، والاستفادة من كل قطعة أرض مهما كانت صغيرة، بحيث تصبح الأعداد تعادل 30 ضعفاً مقارنة مع العدد الموجود حالياً، وتحقيقها خلال 3 سنوات من الآن، وذلك توفيراً لفاتورة الإنفاق الاجتماعي على الطعام، وتوفيراً على الخزينة مبالغ الدعم الهائل، إضافة لقدرة هذا العمل على تشغيل مئات الآلاف من اليد العاملة، التي ليست بحاجة للتدريب العالي الفني؛ لأن الغالبية من المجتمع السوري هي من بيئة فلاحية زراعية لا تحتاج لتدريب…
ثالث الشروط وهو حكماً نتيجة للسابقين، فيكمن في تحفيز قطاع التصنيع الزراعي والحيواني، الذي يتصف بقدرته الكبيرة على إنتاج قيم مضافة عالية جداً، بسبب توفر كل مدخلات إنتاجه محلياً (مواد أولية وعمال وخبرة تاريخية مميزة..).
أما رابعها فهو يمثل حصيلة الثلاثة السابقة، وترجمة للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي المنشود، وفي الوقت نفسه الأمن الغذائي، فيكمن في توزيع جزء من الناتج أعلاه، بطريقة مدروسة وسليمة، على كل أسرة سورية (كحصة مستمرة)، بهدف زيادة تصريف المنتجات وعدم كسادها، إضافة لتخفيف العبء عن العائلات السورية، تحقيقاً للاستقرار الاقتصادي الاجتماعي…

أمل لاقتصادنا..؟
ولعل ما زاد من تسليمنا بالاعتراف، بإمكانية تحقيق تلك الشروط، هو ما كان صرح به عبد الرحمن قرنفلة المستشار الفني في اتحاد غرف الزراعة السورية، إذ أكد أنّ لقطاع الثروة الحيوانية أثراً كبيراً على النمو المستقبلي للاقتصاد السوري، لكونه يشكل ما بين 35-55% من إجمالي قيمة الإنتاج الزراعي، ونحو 18% من قيمة الصادرات الزراعية.
ولأجل عودة المكانة الاقتصادية والاجتماعية لهذا القطاع، شدد قرنفلة على أن من مهام الحكومة العمل على تدعيم وتوسيع تقديم كل الخدمات للثروة الحيوانية بما يساهم في تنمية وتطوير الطاقات الإنتاجية لهذا القطاع المهم، وذلك من خلال توفير البنى التحتية المادية والمؤسسية الأساسية التي تشمل تقديم خدمات، مثل التعليم البيطري بمختلف مستوياته والبحث العلمي والإرشاد الزراعي والرعاية الصحية ومعلومات الأسواق وتوفير الأعلاف والتأمين على الماشية، منوهاً بأن التحسين الوراثي للقطعان المحلية الذي تقوم به مراكز البحث العلمي المحلية خطوة مهمة نحو زيادة إنتاجية الثروة الحيوانية، وأن خدمات التسويق تشمل مجموعة من الأنشطة تراوح بين تقديم معلومات السوق وتشغيل أسواق المزادات وتصنيف اللحوم والألبان، إضافة إلى تسهيل نظم التسويق ذاتها، وهذا يحتاج إلى نظم معقدة للرقابة على الأسعار وتثبيتها وإتاحة تسهيلات التسويق والتجهيز، وفى بعض الحالات نقل الماشية أو اللبن الخام، مطالباً بتوجيه اهتمام أكبر لتنظيم أسواق الثروة الحيوانية وتوفير معلومات للمربين والمتعاملين في تسويق الثروة الحيوانية ومنتجاتها.

بإمكاننا…
إذاً بإمكاننا حكومة ومجتمعاً، تحقيق ما نصبوا إليه بهذا القطاع الواعد، ففي حصيلة شبه رسمية، كان عدد الأغنام قبل الحرب 2.2 مليون رأس غنم، ومع نهاية عام 2017 أصبح العدد 1.86 مليون رأس، وكان عدد الماعز 222481 رأساً، وفي 2017 أصبح 76000 رأس، أما عدد رؤوس الأبقار قبل الحرب فكان 108 آلاف رأس، وبقي مع نهاية 2017 منها 71000 رأس.
مع هذه الأرقام الممكنة، نستطيع القول إن سورية، بمقدورها أن تعود لما كانت عليه قبل الأزمة، حيث كانت المصدر الرئيسي لتصدير الأغنام والماعز إلى دول الجوار، وكان مربو هذه القطعان يعيشون في بحبوحة، ويرفدون الاقتصاد السوري بالعملة الصعبة.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com