الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

المصريون ويوم “حبهم” الخاص

 

اليوم تشهد مصر وأهلها المُثقلون بالتعب، يوما مميزا من أيامهم مع بلدهم، يوما عنوانه العريض، عنوانا”رومانسيا”، أما تفاصيله فلها ضمنا عدة عنوانين، منها “الأهل، الصداقة، المجتمع، العائلة، وغيرها”، فالمصريون يخرجون في مثل هذا اليوم من كل عام،يحتفلون بعيد “الحب المصري”، وليس في يوم “الفالنتين”، الذي يجيء في 14 شباط من كل عام. أول ما يتبادر إلى الذهن كسؤال، هو لماذا تحتفل أم الدنيا وأهلها بعيد الحب، في تاريخ غير التاريخ المعروف لهذا العيد في مختلف دول العالم على اختلاف ثقافتها من جغرافية لأخرى؟ بالتأكيد شعب بتاريخ عريق كالشعب المصري، لديه أسبابه التي تجعله يختار أن يحتفل بعيد الحب في توقيته هو،وخلف هذا الشأن تقف قصة نبيلة في معانيها ومضامينها وفيما تُصدره إلى العالم أيضا. هذا اليوم أو المناسبة الواقعة فيه، لم تكن موجودة في تاريخ المصريين قبل عام 1988، ففي تلك الفترة سيخرج أحد أشهر الصحفيين المصريين “مصطفى أمين” من السجن، وبينماكان يمشي في حي السيدة زينب بوسط القاهرة، شاهد جنازة لا يسير في ركابها إلا 3 رجال فقط، المشهد جعله كالمفجوع من هول ما رأى، فالمعروف عن المصريين أنهم يشاركون في جنازات بعضهم البعض، حتى ولو كان الميت لا يعرفه أحد، فماذا حصل حتى تغير حال البلاد والعباد؟ عندها قام ” مصطفى” بطرح فكرته من خلال عموده الصحفي “فكرة” الذي كان يُنشر في جريدة “أخبار اليوم” التي أسسها وأخاه، والفكرة هي أن يكون تاريخ اليوم الذي كتب فيه عموده الصحفي، بعد أن شاهد تلك الحالة التي تدل على خلل إنساني واجتماعي كبير وقع في مجتمعه، هو يوم “الحب عند المصريين”، حينها اقترح فيما كتب أن يكون هذا اليوم هو”لنشر السلام والحب بين أفراد المجتمع، وليكون نافذة أمل للجميع لنفض همومهم وآلامهم، تغلبا على مشاعر الحزن والكراهية والبغضاء والمعاناة واستبدالها بالورود الحمراء”.
الانحدار الثقافي الذي شهدته مصر،خلق افتقاداً في الثقافة الاجتماعية والأسرية إلى المشاعر العاطفية بمعناها الواسع، ما أدى إلى افتقاد مشاعر الحب والإنسانية، وذلك بسبب تدخل الثقافات الغربية، التي عملت على تدمير الشخصية المصرية، -حسب أمين-وجاء هذا العيد بمثابة محاولة استنهاض تلك المشاعر العامة بين الناس، ونشر قيمها من محبة وتسامح ومشاركة.

تمّام علي بركات