تحقيقاتصحيفة البعث

في غياب الرقابة والمتابعة المشافي الخاصة.. استغلال فاحش لحاجة المرضى

 

هل يتناسب ما تتقاضاه المشافي الخاصة من أجور للعمليات الجراحية والكشوف الطبية والحالات الإسعافية مع الخدمات التي تقدم للمريض؟ وهل تجرى هذه العمليات بالمستوى المطلوب، وبالدقة التي يمكن معها شفاء المرضى؟ فالعمليات الجراحية تشكّل رعباً لأصحاب الرواتب والدخول المنخفضة الذين يشكّلون الغالبية، هذا إن وجدت الإمكانية الفنية لإجراء هذه العمليات.

شكاوى بالجملة
اشتكى عدد من المواطنين في محافظة حمص من تراجع الخدمات التي تقدمها المشافي الخاصة، وضعف الرقابة على أدائها، إضافة إلى الأجور المرتفعة التي تتقاضاها، وتشكّل أعباء على سكان المحافظة التي تعاني من عدم كفاية المشافي العامة، وعدم وجود التجهيزات اللازمة لإجراء عمليات كجراحة القلب، وعمليات جراحة شبكية العين، وغيرها.

استغلال حاجة المرضى
هناك استغلال من المشافي الخاصة لحاجة المرضى، وتسعير العمليات الجراحية، والاستشفاء بأسعار خيالية تفوق التوقعات، لدرجة أن الكثير من المرضى ممن هم من أصحاب الدخل المحدود أو المتوسط عاجزون عن إجراء أي عمل جراحي في المشافي الخاصة، ومضطرون لانتظار دورهم في المشافي العامة قليلة العدد التي أصبحت تعاني من ضعف الإمكانات والتجهيزات الطبية، وخروج أغلبها عن الخدمة لفترات طويلة بسبب العجز عن صيانتها، أو شراء أجهزة جديدة في ظل ارتفاع الأسعار، والحصار الجائر.

أجور الخدمات الإسعافية
البعث تنقل آراء بعض المرضى الذين اضطرتهم الظروف لدخول مشاف خاصة في حمص، وسؤالهم عن الخدمات الموجودة فيها، فكان لسان حالهم يقول: إن الأسعار مرتفعة ومتفاوتة جداً ولا تتناسب مع دخلهم وإمكانياتهم، ولا يمكن أن تكون مناسبة، وخاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة، والدخول المنخفضة، مع العلم أن الكثير من المرضى يتم إسعافهم إلى أقرب مشفى خاص من منازلهم عند تدهور حالتهم الصحية، وهنا تكون الصدمة الكارثية التي يتلقاها أهل المريض عند إبلاغهم بالمبالغ الواجب تسديدها لقاء الخدمات الإسعافية، وتقرير حالة المريض الصحية، ثم إحالته إلى الطبيب المختص.

فواتير عالية
المواطنة صباح قالت إنها أجرت عملية جراحية “ديسك” في أحد المشافي الخاصة تقاضى فيها المشفى 400 ألف ليرة سورية، إضافة إلى أجور تحاليل، ونقل دم، وأتعاب الطبيب، مشيرة إلى أن أغلب المشافي لا تعطي فاتورة نظامية بالأجور.
الموظف محمد دياب قال: تم إسعافي لأحد المشافي الخاصة، وبعد المعاينة تبيّن حاجتي لقثطرة قلبية، وتركيب شبكتين للقلب، وكانت الفاتورة أكثر من مليون ليرة سورية، ما أجبرني على بيع بعض ممتلكاتي لتسديد هذه الفاتورة العالية.

دور النقابة
حول دور نقابة الأطباء في حال تقديم شكاوى من قبل المواطنين، وفيما تتقاضاه المشافي الخاصة، أوضح الدكتور بشار مصطفى نقيب أطباء حمص بأن دور النقابة رقابي على كل ما يهم ويمس العمل الطبي، وحسن استقبال المريض والنظافة من خلال القيام بجولات مستمرة، وفي حال وجود أي خلل يتم توجيه وتنبيه المدير الفني في المشفى، أو الأطباء، وعند رصد خلل ما يتم رفع كتاب إلى مديرية الصحة لاتخاذ الإجراء المناسب، وحول عدم التزام بعض المشافي الخاصة والأطباء بمعالجة مرضاهم المستفيدين من بطاقة التأمين الصحي قال بأن تسعيرة التأمين لا تتناسب مع الأسعار الرائجة، وبالنسبة لتفاوت أسعار الإقامة في المشافي بيّن أن الأسعار تتفاوت حسب اختلاف درجة الفندقية لكل مشفى، ولكل غرفة ضمن المشفى الواحد: “غرفة بسرير واحد، غرفة بسريرين- جناح”.. إلخ، لأن كل فاتورة لها خصوصيتها من حيث الخدمات المقدمة، وعدد ليالي المبيت في المشفى، وسعر الدواء الذي تحدد أسعاره نقابة الصيادلة.

استقبال الحالات الإسعافية
الدكتور محمد الرئيس، رئيس دائرة المشافي في مديرية صحة حمص، أشار إلى وجود تعميم يلزم المشافي الخاصة باستقبال الحالات الإسعافية المهددة للحياة، أو الناجمة عن الحوادث، إن كانت إرهابية أو غيرها، بتقديم الخدمات الطبية لها مجاناً لأول 24 ساعة، ثم يخبر المريض بالبقاء في المشفى، أو الانتقال إلى غيره.

تحديد الأسعار
ولفت الرئيس إلى أنه تم تحديد أسعار أجور المشافي الخاصة والأطباء بموجب القرار التنظيمي رقم 79 / ت الصادر عام 2004 وتعديلاته الخاص بالتعرفة الطبية، وفي حال وجود أية شكوى من أحد المواطنين حول التلاعب بالأسعار تقوم لجنة بالتوجه للمشفى المشتكى عليه لاستقصاء الأمر، وعند التأكد من مخالفة المشفى يسترد المواطن مستحقاته المالية، مؤكداً قيامهم باسترجاع أغلب حقوق المواطنين الذين تقدموا بمثل هذه الشكاوى، منوّهاً بأنه وفقاً للقرار التنظيمي نفسه يتم تسعير العمليات الجراحية من قبل وزارة الصحة وفق نظام الوحدات، أي أن لكل عملية جراحية عدداً من الوحدات الخاصة بها، تساوي الوحدة في الحد الأدنى 375 ليرة سورية، وفي الحد الأعلى 750 ليرة سورية، وبالنسبة للأشعة تساوي الوحدة في الحد الأدنى 450 ليرة، وفي الحد الأعلى 900 ليرة سورية.

مراقبة ومتابعة
بقي أن نقول: نأمل بإعادة النظر ليس بالخدمات المقدمة للمواطنين فحسب، بل بمراقبة كل الخدمات، وخاصة ما يتعلق بالفواتير التي باتت تشكّل هاجساً للأهل والمريض على حد سواء، والعمل على تقديم كافة التجهيزات الطبية اللازمة لإجراء العمليات الجراحية في المشافي العامة بحمص.
حمص- رنا منير محمد