دراساتصحيفة البعث

النظام العالمي في أزمة.. إلى أين سينتهي؟

 

ترجمة: عناية ناصر
عن غلوبال تايمز 7/11/2019
هل أوشك النظام العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية على الانتهاء؟ وهل يتراجع النظام العالمي إلى أيام الصراع بين القوى الكبرى، واستغلال الجيران كما كان قبل الحرب العالمية الأولى؟ إذا لم يكن كذلك، فما هي الحال إذن؟ هذه بعض الأسئلة التي يطرحها الكثير من الناس مع دخول العالم العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين.
عانى هذا النظام من مشكلات خطيرة. أولاً، كان من المفترض أن تمتلك الولايات المتحدة، بصفتها المبادر والزعيم الأكثر نفوذاً، الكثير من القوة لتتصرف بحكمة، لكن سلوكها تمّ الكشف عنه من خلال قراراتها بالحرب على فيتنام والعراق، وانسحابها من المنظمات الدولية، وإطلاق الحروب التجارية على الرغم من قواعد منظمة التجارة العالمية، والتردّد في إصلاح المؤسسات الدولية. وهذا لا ينطبق فقط على السياسة الداخلية بل أيضاً على السياسة الدولية، فمن دون ضوابط وتوازنات فعّالة تمّ إغواء الولايات المتحدة لإساءة استخدام قوتها، مع الإضرار بالعالم نفسه، رغم مزاعم نواياها الطيبة المعلنة.
يتركز النظام العالمي اليوم بشكل مفرط على الغرب، إلا أن ذلك لا يخوّله الإملاء على الدول الأخرى، لأن جميع البلدان تتمتّع بظروف فريدة، وكثيراً منها لا يطبق نماذج الحكم الغربية. لقد وصل عدد قليل من الدول النامية إلى المستوى الذي يمكن فيه اعتبارها دولاً متقدمة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكن ما كُشف عنه هو أن النظام العالمي يضع عراقيل أمام تلبية احتياجات الدول النامية.
من جانب آخر لعب نظام التحالفات العسكرية بقيادة الولايات المتحدة دوراً في الحفاظ على السلام والاستقرار، إلا أنه استئثاري أثار الاضطرابات والتمزقات، وبشكل افتراضي فإنه يقسّم البلدان إلى حلفاء أو آخرين، وقد ساعدت هذه الإستراتيجية في ضمان عدم اليقين والشك، مما يعقّد التعاون الأمني ​​بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة والدول المتحالفة معها على الجانب الآخر.
على الرغم من هذه العيوب وغيرها، فإن النظام العالمي لا يزال على الأرجح مقبولاً، فهو يناصر القيم والمبادئ المقبولة عالمياً مثل السيادة، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وحقوق الإنسان وسيادة القانون والتجارة الحرة والمسؤوليات المشتركة والمتباينة. وقد تمّ إنشاء مؤسسات وقوانين وأعراف دولية وفقاً لهذه القيم والمبادئ. وهو يوفر منابر قيّمة للبلدان للتعبير عن إحباطها من الشؤون العالمية ومناقشة السبل والوسائل لمعالجة القضايا الملحة التي يواجهها العالم.
علاوة على ذلك، فإن معظم الدول لديها مصلحة في النظام الحالي ومن المرجح أن تلتزم به، ويمكن للأثرياء توقع حماية ثرواتهم، ويمكن للفقراء أن يتوقعوا بعض المساعدة خلال الأوضاع اليائسة. يمكن لكل من القويّ والضعيف أن يتوقع من القوانين والمعايير الدولية حماية مصالحه، إلا أن المشكلات التي تواجهها معظم الدول في النظام العالمي تتعلق بالظلم في توزيع المكاسب بدلاً من الخسارة المطلقة.
على الرغم من انسحاب الولايات المتحدة من بعض المؤسسات الدولية، إلا أن معظم الدول اختارت البقاء، سواء أكان ذلك في اليونسكو أم الاتحاد البريدي العالمي، وكذلك الحال في اتفاق إيران النووي أو اتفاق باريس. حتى القوى الصاعدة، بما في ذلك الصين والهند، اللتان تشعران بأن النظام العالمي لم يعر مصالحهما الاهتمام والاحترام الكافيين، تدعوان فقط إلى الإصلاحات وليس إلى استبداله بنظام جديد جذري.