ثقافةصحيفة البعث

أحمد مكارات: بعض المسرحيين أصابهم داء الاستسهال

بعد مشاركته كمخرج لمسرحية “كاليجولا” ضمن مهرجان المسرح الجامعي وإشرافه على مهرجان المونودراما في حلب الذي اختتم مؤخراً ضمن احتفالية حلب عاصمة للثقافة السورية يبين الفنان أحمد مكاراتي أن مهرجان المونودراما كان بالنسبة له حلماً تحقق، سيما وأن المسرح في حلب لم يكن يعرف عن تفاصيل المونودراما وتداعياتها إلا القليل، لذلك وقبل أن ترى الدورة الأولى النور تم تقديم بعض المحاضرات التعريفية بهذا الفن، ومن ثم الطلب من المخرجين الشباب تقديم مشاريعهم مما أنتج ستة عروض خضعت للمتابعة من قبل أساتذة مختصين ولجان إشراف، وللنجاح الذي حققته الدورة الأولى أقيمت الدورة الثانية، مع تأـكيده على وجود فوارق كبيرة بين الدورة الأولى والدولة الثانية التي اختتمت فعالياتها مؤخراً، موضحاً أنه في الأولى تشكلت لجان للمتابعة والمساعدة والتوجيه إلى أن نضجت الأعمال المشاركة، أما في الثانية فقد طلب من جميع المشاركين الاعتماد على ماتعلموه من خلال تجربتهم في الدورة الأولى مما أعطى الدورة نكهة إبداع الشباب واعتمادهم على إبداعهم، منوهاً إلى أنه تم تقديم تسعة أعمال للدورة الثانية تم اختيارها من سبعة عشر نصاً من قبل لجنة مؤلفة من مختصين: جابر الساجور، د.وانيس باندك، ايليا قجميني، محمد ابو معتوق، مبيناً أن اللجنة راعت باختيارها معايير جودة النص وتماسكه، وخاصة النصوص لمؤلفين شباب، وكذلك تفهّم فريق العمل للنص واستيعابه من قبل الممثل والمخرج وقدرته على إيجاد الحلول المناسبة التي تخدم النص وفكرته، وكذلك ضرورة ملامسة النص لقضايانا والابتعاد عن النصوص الغريبة عن واقعنا وعن التهريج والاستعراض، مشيراً مكاراتي إلى أن الهدف من المهرجان نشر فكر مسرحي يحمل في طياته تكريس قيم فكرية وإنسانية تساهم في رفعة ورقيّ الذائقة الفنية لدى المشاهد، مع إشارته إلى أن فن المونودراما فن صعب لما يتطلبه من قدرات وإمكانيات وملَكات فردية تتجلى بكتابة النص المتين وإخراج متمكن من أدواته وممثل بإمكانيات عالية، وهو كتب في هذا المجال أربعة نصوص، قُدم منها اثنان: “هجرة وطن وهيكل عظمي” وقد قُدما في حلب.

علامة فارقة
وحول مشاركته في مهرجان المسرح الجامعي المركزي الذي استضافته حلب مؤخراً يقول: المسرح الجامعي في حلب كان مختفياً إلى أن جاءت فرصة المهرجان، حيث شكل فريق عمل مع بعض الزملاء في الاتحاد الوطني للطلبة والذين يؤمنون بالمسرح وأهميته وتقدم بمشروع إقامة دورة إعداد ممثل توّجت بمشروع تخرج ضم حوالي 36 متدرباً، أردفها بتقديم مشروع مسابقة أفضل عرض مسرحي في جامعة حلب للعام 2018 شاركت فيه تسعة أعمال، محاولاً من خلال ذلك أن يحقق حالة من التشابك بين المسرح في المدينة ومسرح الجامعة، ومن هنا انطلق باختيار مجموعة من شباب يعشقون المسرح وشكَّل معهم فريق عمل لتقديم عرض مسرحي يمثل فرع حلب للاتحاد الوطني لطلبة سورية في المهرجان المركزي، فاختار نص “كاليجولا” للكاتب الفرنسي ألبير كامو وكان جلّ مايتمناه من هذا العمل تقديم قيمة إنسانية نبيلة وهي الحب من خلال شخصية سيزونيا التي أحبت كاليجولا بكل ماتحمل هذه الكلمة من معنى، منوهاً إلى أن مشاركة حلب بهذه المسرحية كانت بإجماع الحضور مشاركة قوية، وكانت علامة فارقة في سجل المسرح الحلبي، منوهاً مكاراتي إلى أنه ومن خلال مسيرته الفنية يجد أن مسرح المنظمات هو المسرح الوحيد الذي يرفد المسرح المحترف، ومن هنا جاءت أهميته، ومع أن دوره تراجع في السنوات الأخيرة مما سمح لبعض الفرق الطفيلية بالظهور إلا أنه لا يزال يراهن عليه بأنه المصدر الرئيس لدعم ورفد مسرح وزارة الثقافة، مبيناً أنه من مسارح المنظمات لمع الكثير من نجوم الدراما، وهو يفتخر بأنه أحد منتجات مسرح منظمة الشبيبة التي كان لها الفضل الأول في صقل موهبته على أيدي أساتذة متخصصين بفن المسرح، ساهموا في تنمية موهبته في التمثيل والإخراج وتنمية معارفه وعلمه في فن المسرح.
عروض مسرحية متعددة
وحول مسيرته الفنية يشير أحمد مكاراتي إلى أنه قدم حوالي 130 عرضاً مسرحياً تمثيلاً وإخراجاً مابين مسرح الكبار ومسرح الأطفال، كما شارك في العديد من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية، إلا أن أهم محطة في حياته الفنية كانت تجربته اليتيمة في السينما فيلم “تراب الغرباء” بدور أبو الهدى الصيادي للمخرج سمير ذكرى، وقد كُرم في عدة دول على تميزه في أداء شخصيته فيه، كما كتب للمسرح 14 نصاً مسرحياً قُدم أغلبها على مسارح القطر، وكان أهمها “هجرة وطن” الذي تُرجم إلى أربع لغات عالمية وقُدم على مسارح ثلاث دول أجنبية، موضحاً مكاراتي أنه يكتب للمسرح لأنه وجد أن المكتبة المسرحية فقدت بعضاً من تماسها مع الواقع وهو يمارس الإخراج ليساهم في نهضة المشهد المسرحي في مدينته وبلده.

داء الاستسهال
ويؤسف مكاراتي أن واقع المسرح في حلب يعاني بعضاً من ترهل رغم الكم الكبير المنتَج من الأعمال خلال الفترة المنصرمة، إلا أن هذا الكم لايرتقي إلى المستوى الذي يليق بهذه المدينة، والسبب هو أن بعض الشباب أصابهم داء الاستسهال، خاصة في غياب المختصين وأصحاب الخبرات والتجارب وانقطاع حلب عن مشاهدة التجارب المسرحية التي تقدم في المحافظات الأخرى بسبب الحرب، من هنا تأتي برأيه ضرورة إرسال عروض مسرحية من مختلف المحافظات ليتسنى للمسرحيين في حلب الاطلاع على تجارب المسرحيين الآخرين وإثراء أفكارهم وثقافتهم المسرحية، ومن هنا يسجل إيجابية لاحتفالية حلب عاصمة للثقافة السورية بأنها أرسلت لحلب أربعة أعمال مسرحية تمت مشاهدتها من قبل المسرحيين والجمهور الحلبي.
ويؤكد مكاراتي على أهمية اختيار حلب عاصمة للثقافة السورية بعد أن عانت ماعانت من ويلات الحرب وهي التي صمدت وانتصرت وظلت شامخة وأبية وعصية واستطاعت رغم الحرب أن تقدم فناً وأدباً ومنتجاً أدبياً طيلة الأزمة، فكان من الطبيعي برأيه أن تكون عاصمة للثقافة السورية، وهي بهذا الاختيار تؤكد للمثقف الحلبي وكذلك للمواطن بأن الأدب والفن والثقافة لها مكانتها وتقديرها.
أمينة عباس