اقتصادصحيفة البعث

طرق متعددة لغش زيت الزيتون… “حماية المستهلك” تعزز إجراءاتها والمخبر المركزي يستقبل العينات لضمان جودة المنتج

يعيش بلدنا هذه الأيام موسم قطاف الزيتون وعصر ثمره ليكون الزيت البلدي بهويته السورية، والذي يتميز بجودته منذ عقود الزمن، حتى أصبح أحد أهم المنتجات الزراعية التي نفخر بها محلياً وعالمياً من حيث الجودة والنوعية، إلا أن بعض الأنفس المريضة من التجار، يصيبهم الجشع في كل موسم، ويسعون لإفساده عن طريق غش زيت الزيتون بالزيوت الأخرى والذي يحدث نتيجة لارتفاع سعره عن باقي الزيوت الغذائية؛ كونه الزيت الوحيد الذي ينتج طبيعياً بدون أية معاملة كيميائية تدخل عليه، ولاحتوائه على طعم ونكهة مميزة وقيمة غذائية عالية.

غش صارخ
حسب مصادر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يتم غش زيت الزيتون بزيوت كسب الزيتون أو زيت الذرة أو زيت الفول السوداني أو زيت القطن أو زيت الصويا أو زيت عباد الشمس إما منفردة أو مخلوطة، مشيرة إلى أنه ورغم التوعية المستمرة من الجهات المعنية إلا أن هذه الممارسات الخاطئة ما زالت موجودة وتحولت لظاهرة تحتاج إلى تدخل الجهات المعنية لمعالجتها، وهي تؤثر على جودة الزيت تأثيراً كبيراً. ولأن هذه الأنواع من الغش لا يمكن تمييزها إلا بالفحص المخبري، فإن المواطن في كثير من الأحيان يجد نفسه غير قادر على تمييز هذه الأنواع من الغش، ولا يجدي في غالب الأحيان اللجوء إلى التقييم الحسي من قبل مدعي الخبرة، ولهذا تكون النتيجة وقوع المواطن ضحية في براثن غش الغشاشين.
هذا الغش الصارخ لمنتج الزيت أصبح يشكل ظاهرة يمتد أثرها السلبي ليقع على المواطن والمزارع، فيسرق الغشاش مال الأول، وجهد الثاني، ومن هنا كان لا بد من التصدي لهذه الظاهرة من قبل أبناء هذا الوطن المنتمين إليه والحريصين على سلامة أهله.

طرق متعددة
لاشك أن طرق الغش متعددة كما يراها أحد منتجي زيت الزيتون الذي أعرب عن أسفه لقيام بعض المصابين بالجشع وقلة الضمير بغش زيت الزيتون، ذلك من خلال خلط صفيحة زيت زيتون بلدي بصفيحة أخرى من زيت القلي ذي السعر المتدني، ليصبح ناتج هذه الخلطة صفيحتين تباعان بسعر زيت الزيتون البلدي، مشيراً إلى أنه وإمعاناً بالخداع والغش يقوم البعض وبعد خلط زيت القلي بزيت الزيتون البلدي بعصر كمية من أوراق أغصان شجر الزيتون، وإضافة ما يتم عصره منها إلى الكمية المغشوشة، حيث يغلب اللون الأصفر الغامق القريب إلى اللون الأخضر اليانع ليكتمل مشهد إخفاء عملية الغش، وينطلي الأمر على المتذوق الذي لا يشعر بمعظم الأحوال بهذا الغش الصارخ.

من صحته أو عدمها
زيت الزيتون هو الخيار الأول على قائمة الزيوت في المائدة، إذ تلجأ ربات البيوت عادة، إلى وضع زيت الزيتون في الثلاجة لمدة 24 ساعة، للكشف عن غشه، ويعتبرن تجمده في هذه الحالة، وتحوله إلى صلب بشكل كلي، علامة على جودته وأصالته، في حين يشير بقاؤه سائلًا إلى غشه بأنواع أخرى من الزيوت الرخيصة، التي لا تتجمد في درجة حرارة الثلاجة. ويعتبر خبراء أن هذه الطريقة ليست مضمونة بشكل قاطع للكشف عن غش زيت الزيتون، إذ يعتمد هذا الاختبار على غنى زيت الزيتون بالدهون الأحادية غير المشبعة، التي تتصلب في درجة حرارة الثلاجة، في حين لا تتجمد الزيوت الأخرى الغنية بالدهون متعددة عدم الإشباع، إلا على درجات حرارة أخفض بكثير.

إجراءات مخبرية
مديرة المخبر المركزي في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لينا عبد العزيز أكدت أن عمليات الغش تتم عن طريق فئة تمتهن التجارة الموسمية بمنتج زيت الزيتون، مستغلين الموسم وحاجة الناس، وذلك بقيامهم بخلط زيت الزيتون البلدي بزيوت نباتية أخرى، منوهة إلى أن هؤلاء الأشخاص يضعون في صفيحة زيت الزيتون ما نسبته 20% من زيوت الصويا، ويضيفون نكهات؛ الأمر الذي يجعل عملية اكتشاف الغش صعبة على المستهلك، الذي يعتمد على التقييم الحسي للحكم على جودة زيت الزيتون نظراً لاختفاء كمية الزيت النباتي بالبلدي ليصبح الطعم يحمل نكهة البلدي، أو بخلط زيت زيتون قديم رديء النوعية بزيت زيتون جديد بعد إضافة نكهات وأوراق زيتون وأصباغ وغيرها من المضافات الممنوعة التي قد يؤثر بعضها سلباً على صحة المستهلك، وأضافت أن هناك من يقوم بإدخال زيت زيتون مغشوش من دول مجاورة عن طريق التهريب بعد خلطه بزيوت نباتية أخرى أو مادة الجفت، أو إدخال زيت زيتون بجودة وسلامة غير مضمونة.

إجراءات رقابية
وتحدثت عبد العزيز عن إجراءات تقوم بها الرقابة المركزية في مخبر الوزارة وخاصة خلال الموسم، تتمثل باستقبال عينات من القطاع الخاص والمؤسسات التجارية، ويتم التعامل مع المخالفين وفق القانون 14 لحماية المستهلك، فإذا كانت المخالفة جسيمة يدفع المخالف مبلغآً مالياً، ويتم إحالته إلى القضاء، وأهابت عبد العزيز بالمواطنين شراء احتياجاتهم من زيت الزيتون مباشرة من المزارعين أو من المعاصر؛ وذلك لضمان نوعية وجودة المنتج خاصة أن الشراء يتم من جهة تضمن جودة منتجها.

لضمان الجودة
أحد خبراء الغذاء والدواء أفاد أنه ابتكر جهازاً يمكن المواطنين من كشف الزيت المغشوش قبل شرائه من خلال فحصه والتأكد من جودته في الموقع، ودون أن يتم الشراء في أجواء من الشك والتردد، ويأمل من حماية المستهلك أن تتبنى الفكرة، موضحاً أن الكاشف هو عبارة عن علبة تحتوي على نشرة إرشادية وأنبوب اختبار بداخله المادة الكاشفة، بالإضافة إلى إبرة لسحب الزيت المراد اختباره، ونوه إلى أن الفحص يجري بشكل بسيط لا يتعدى أن يتم سحب 2 مللتر من الزيت وإضافته لأنبوب الاختبار المحتوي على المادة الكاشفة، ومع رج الأنبوب يتم الحصول على جواب أكيد لجهة وجود غش من عدمه، فإذا تكونت طبقة خضراء من الزيت يعني أن الزيت غير مغشوش وذو نوعية جيدة، بينما تكون طبقة حمراء أو بنية  أو أي لون عدا الأخضر يعني أن الزيت مغشوش، أو رديء النوعية، بحيث يعتمد الفحص على أن زيت الزيتون لا يتفاعل مع مادة الفحص، وهي مادة حامضية قوية، بينما تتفاعل الزيوت النباتية الأخرى معه معطية ألواناً غير اللون الأخضر.

تعزيز
إلى ذلك علمت “البعث” وبمناسبة موسم الزيتون أن وزارة الزراعة وكافة الجهات الرقابية عززت حملاتها التفتيشية ومراقبتها لضبط المتلاعبين بجودة وسلامة هذا المنتج الحيوي، واتخاذ إجراءات رادعة بحق المخالفين.

إجراءات وقائية
وأكد مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية علي الخطيب أن زيت الزيتون يباع في السوق بعبوات مطروحة للبيع ببطاقة بيان ونوع الزيت والدرجة واسم المنتج وكل المواصفات المطلوبة، وأن المديرية تقوم بسحب عينات يتم إرسالها إلى المخبر المركزي، وعلى ضوء نتيجة التحليل المخبري نتخذ إجراءاتها.
وحول غش مادة زيت الزيتون تحدث الخطيب عن طرق متعددة، كالغش بزيوت نباتية مخلوطة بأصبغة ونكهات رائحة زيت الزيتون الأصلية، وهذا أمر مخالف ويعتبر مخالفة جسيمة، أما النوع الآخر من الغش فزيت زيتون مخلوط بزيت القطن، وهذا النوع صالح للاستخدام ولكنه في النهاية غش بهدف الربح المادي، وقال الخطيب: نقوم بتعزيز رقابتنا وسحب العينات بكثافة خاصة خلال مواسم القطاف والمكدوس والمونة، مشيراً إلى أنه تم توجيه المديريات في المحافظات لتعزيز الرقابة على كافة المعاصر أثناء عمليات العصر، كإجراءات وقائية لمنع حالات الغش المتبعة في المعاصر ذاتها.
عبد الرحمن جاويش