أخبارصحيفة البعث

التصحيح – والإعمار في عين العاصفة

د. صابر فلحوط

إن الأجيال التي ولدت في سورية العربية، في ظلال الحركة التصحيحية التي قادها، مؤسس سورية الحديثة، الرئيس الخالد حافظ الأسد، تتساءل عما تحمله شعبنا من نكسات وإحباطات وآلام قبل ميلاد التصحيح عام 1970.
فمنذ الاستقلال 1946، وتأسيس، حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1947 مروراً بمواجهة الدكتاتوريات العسكرية، والحكومات الرجعية، والأحلاف الاستعمارية، ونكستي الانفصال الأسود وحزيران الفاجعة، وهو يترقب الوصول إلى ثورة آذار 1963 التي راهن عليها الجيل الأول – للبعث – علّها تكون الدواء الأنجع لآلام شعبنا.
وقد كانت هذه الثورة، في الفكر النظري والطموح الجماهيري، كما في العقيدة القومية، حلم الأجيال ومنطلقها نحو تحقيق الآمال في إنجاز مجتمع الكفاية والعدل وتحصين الرغيفين الأغليين في حياة الشعوب:رغيف الخبز، ورغيف الكرامة.
ولما كان التاريخ هو المعلم الأصدق والأوثق للمؤمنين بدوره المفتاحي في حياة الثورات، فقد كانت السنوات السبع لثورة آذار تعج بالمفاجآت وتزدحم بالصراعات وشحن النفوس، والتنابذ بالألقاب بين (يمين عفن، ويسار طفولي هجين) حتى وصل الأمر إلى التصادم بالسلاح، الأمر الذي دفع جمهرة من الرفاق، في القطاعين المدني والعسكري، إلى التوجه إلى القائد الخالد حافظ الأسد الذي كان يشغل مهمة قيادية في الحزب إلى جانب منصبه وزيراً للدفاع، مناشدين ومطالبين بضرورة الإسراع باتخاذ قرار التغيير والتصحيح حقناً للدماء وضماناً لأمن الوطن، وسلامة أبنائه، والحفاظ على عذرية عقيدة البعث وترسيخ الأسس الكفيلة بتجديد ثورة آذار الرائدة.
وقد استطاع القائد الخالد إحداث النقلة التجديدية المنتظرة في حياة البلد، بالنظر لسرعة التفاف الجماهير حول فكره الخلاق، وعزيمته المتميزة في اتخاذ القرار، واختيار الرجال لتنفيذه، في الإدارة والبناء، وتصحيح المسار. فقد سارع في تحطيم الحواجز النفسية التي كانت تقف عائقاً بين سورية العروبية وامتداد شرايينها وأوردتها في قلب أمتها العربية من المحيط إلى الخليج بهدف تشبيك العلاقات والمواقف تحقيقاً لأية خطوات وحدوية ممكنة تسند شعبنا في تطلعاته لمحو آثار عار حزيران ومواجهة العدو الصهيوني بموقف عروبي فكانت أمجاد حرب تشرين التحريرية أنبل تجلياته، وأشرفها في جميع المقاييس.
ولتحقيق الجزء الأهم من أهداف التصحيح وهو تصليب الإرادة وتعضيد قيام الدولة المهابة، درساً ومدرسة وأنموذجاً لتحصين الذات وطنياً وقومياً فقد أولى القائد المؤسس اهتماماً فائقاً للجيش العقائدي، جيش البعث وفلسطين، وكل قضايا الأمة العربية.
كما جعل من سورية مثلاً يحتذى في شجاعة المواقف الوطنية والقومية والإبداع في ترسيخ البناء الداخلي للمجتمع على جميع الصعد، حيث الديمقراطية الشعبية ومجلس الشعب الذي لا تتخلف مواعيد انتخاباته التشريعية يوماً واحداً عن مواعيدها المحددة قانوناً منذ حوالي نصف قرن.
كما جاء قيام الجبهة الوطنية التقدمية مثالاً لائتلاف الأحزاب والقوى السياسية حيث انتقل نضالها من العتمة في الأقبية والدهاليز إلى ضوء النهار حيث التسابق في مضمار خدمة المواطن وتعزيز دوره في إعمار وطنه على جميع الصعد..
أما الجيش العقائدي فقد أمسى مدرسة في الفكر والعقيدة، وتقاليد الاستشهاد من أجل التراب والتراث والقيم العربية الخالدة. وقد أثبت خلال سنوات الحرب الكونية على الوطن، والتي تحالف في ارتكاب جريمتها خدام الإمبريالية الأمريكية والغرب الاستعماري إلى جانب الصهيونية العالمية والرجعية النفطية إلى جانب الإرهاب التكفيري الوهابي الرجعي أنه جيش العروبة المؤهل لحماية كرامتها والاستبسال من أجل رسالتها. وذلك بفضل قيادته الخلاقة التي أبدعت في السياسة، كما برعت في إدارة معارك السلاح، واستولت على أنصع الصفحات في تاريخ النضال في سبيل الحرية، والكرامة، واستقلال الإرادة الوطنية والقومية.
وحسب التصحيح المجيد، وقائده الخالد، أنه جعل من سورية المتواضعة، جغرافياً، وديموغرافياً، بلداً إعجازياً في مواجهة حرب كونية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في بشاعتها وفنونها، وويلاتها، وفجائعها.. كما أصبحت سورية عبر انتصاراتها على الإرهاب شريكاً استراتيجياً “للكبار” في هذا العالم من أجل صنع مصائره بعد الانتصار على “هذا الإرهاب” الذي أقض مضاجع البشرية وكاد يدمر أحلامها وطموحاتها..
الإجلال، والإكبار لفارس التصحيح وحارسه، ومعلم أجياله وقدوة رجاله القائد الخالد حافظ الأسد مؤسس سورية الحديثة وصخرة الأساس، في هرم الوطن، شعباً، وحزباً، وإنجازات تحققت وشمخت في عين العاصفة..
وكل التحايا على الدوام، لعظماء هذا العصر، وكل عصر غابراً وحاضراً، ومستقبلاً وهم شهداؤنا الأبرار، وأبطال جيشنا المغوار، وقائدنا مفولذ الأعصاب السيد الرئيس بشار الأسد الذي يتصدر لوحة الشرف بين العظماء في هذا العالم لبراعته وحكمته، وجسارته في إدارة معركتي السياسة والسلاح، بانتصار مدهش، وإيمان لا يتزعزع بالمستقبل المشرق لأمتنا ورسالتها العروبية الحضارية الخالدة..