اقتصادصحيفة البعث

على خلفية تذبذب سعر الصرف.. مقترح بتشكيل إدارة استثنائية تعمل بما يتناسب مع متطلبات المرحلة

دمشق– فاتن شنان

لا يلبث سعر صرف القطع الأجنبي أن يستقر فترة من الزمن حتى تعاد الكرّة مرة أخرى، معلنةً عن بدء مرحلة تذبذب جديدة قوامها لعبة العرض والطلب والتي تشكل الخطوة الأولى تمهيداً لارتفاعه، يرافقها تذبذبات عديدة تطال كافة الخدمات المقدمة والأعمال الحرة والسلع الاستهلاكية التي من المفترض أن يكون ارتفاعها ناتجاً عن ارتفاع سعر الدولار، إلا أنها أصبحت المؤشر الأساسي والأولي لبداية المرحلة، وتسبق المنتجات المحلية منها قبل نظيرتها المستوردة باستجابتها السريعة، بدءاً من الشائعات وليس انتهاءً باستقرار سعر الصرف، لتفضي بالمحصلة إلى خلق عتبة سعرية جديدة لسعر الصرف يستقر عليها خلال الفترة القادمة، ما يشي بتفوق قدرة التّجار ونجاحهم في إتقان دورهم بخلق بلبلة في الأسواق كحلقة أولى باحتكار أو رفع بعض السلع الأساسية من جهة، وزيادة الطلب على القطع الأجنبي من جهة الأخرى تحت ذريعة تمويل المستوردات، لتتوالى أحجار الدومينو باتجاه تحقيق سعر جديد لسعر الصرف، وبالمقابل تتعثّر الجهات المعنية كوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ضبط إيقاع الأسواق ولجم أسعارها، وتفعيل أدواتها للضرب بيد من حديد للمحتكرين والمتلاعبين، فتعوّل على أخلاقيات التجار ومناشدتهم في تهدئة الأسعار.

يسفر المشهد عن تخبط واضح في الإدارة الاقتصادية وتضارب الآراء، تليها المصالح في رسم ملامح المراحل المقبلة، فبالرغم من علو صيحات الخبراء الاقتصاديين لتصويب مسار الإدارة باقتراح حلول ورؤى اقتصادية مختلفة ومجدية من شأنها التغلّب على موجات الارتفاع غير المبرر بحسب آرائهم، إلا أن الوضع يشي باختلاف الرأي بين الحكومة وأكاديمييها وخبرائها، فتذهب المقترحات إلى خانة التنظير، إذ أكد أحد الخبراء أن السياسات المعمول بها عفا عليها الزمن وأثبتت فشلها في العديد من الدول، إلا أنها لا تزال قيد التجريب لدينا بل والمراهنة على نتائج إيجابية، وتعمد بعض الجهات إلى إخفاء الأرقام الحقيقية والإحصائيات المتوفرة لديها لتبعد المقترحات عن أرض الواقع، فمن الضروري العمل على تشكيل إدارة أزمة استثنائية تعمل بفكر علمي يتناسب مع متطلبات المرحلة، لتدرس جميع المقترحات والحلول لتطبيقها بالسرعة الممكنة واستمزاج آرائها مع آراء خبراء مختصين لمعالجة التغيرات السريعة ودراسة الحالات الطارئة على المسار الاقتصادي، في حين تطرق بعض الخبراء إلى ضرورة وضع آلية تهدف إلى ضبط الأسعار في الأسواق وفصلها عن سعر الصرف لضمان الاستقرار المعيشي للمواطنين ولاسيما المنتجات المحلية منها، والتشدد بصياغة القرارات ولاسيما العقوبات منها منعاً من استغلالها والتهرب من العقوبة، وفق ما طرحه الدكتور عبد السلام أحمد، وتفعيل دور المواطن في رصد المخالفات السعرية ومنحه نسبة منها لدى إبلاغه عنها تساعد الجهات الرقابية بالسيطرة على الأسواق، وبالتالي توفر رقابة ومتابعة دائمة للسوق وتقليص دور المراقبين الفاسدين الذين يساهمون في تفشي هذه الظاهرة، كما يمكنها توفير السلع من خلال تنظيم سيارات جوالة مكثفة على كافة المناطق كحلّ إسعافي بدلاً من هدر الأموال في دعم المؤسسة السورية للتجارة والاعتماد على صالاتها التي لم تلعب دورها الإيجابي المنوط بها، وبالتالي كسر حلقات الاحتكار والاستغلال من التّجار.