صحيفة البعثمحليات

المواطن لم يعد يصدق حديث استقرار الأسعار تعديلات لقانون “حماية المستهلك” وغرامات بالملايين ..والعبرة بالتطبيق

لم يعد الحديث عن الأسواق والأسعار يلقى صدى لدى المواطن، في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار وجشع التجار والغش والتلاعب بالمواد والجودة، مع عجز دوريات الرقابة في كبح جماح التجار الذين استغلوا ارتفاع سعر الصرف رغم وجود مواد كثيرة لا علاقة لها بالارتفاع الحاصل، ليكون ارتفاع الأسعار غير مبرر كما تعتبره وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على لسان المعنيين، حيث تمتلئ المستودعات العائدة للتجار والبائعين بالمواد وفق أسعار قديمة، ليستغرب المستهلك هذا الارتفاع على أغلب المواد! علماً أن في حال انخفاض سعر الصرف تبقى الأسعار على حالها.

لجان مختصة

ويوضح مدير حماية المستهلك في وزارة “التجارة الداخلية” علي الخطيب أن هناك لجاناً مختصة تقوم بتسعير المواد إما مركزياً أو من خلال  مديريات التجارة الداخلية في المحافظات  وتعتمد على عدة بيانات،  منها سعر صرف  وتصدر الأسعار نظامية بالمواد للتجار وخاصة المستوردين، وعلى التجار والمستوردين التقيد بالأسعار، مشدداً على ضرورة مراقبة جميع المواد والتأكد من الأسعار المتداولة، وفي حالة المخالفة مثل عدم وجود فواتير أو رفع السعر سيتم اتخاذ يتخذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين، مشيراً إلى أن تكون الفواتير من تاجر لآخر أو من تاجر لبائع؛ لأن الفواتير تعتبر هوية المادة وتحدد صفاتها وسعرها الذي يجب أن تكون عليه، وفي حال عدم وجود فواتير يتم تحرير ضبط ومخالفة وإغلاق.

غياب الجدوى

ويرى خبراء اقتصاديون عدم جدوى العقوبات التموينية على التجار كون قيمة المخالفة تسترد من جيوب المواطن، إضافة إلى وجود ضعاف نفوس في عناصر الرقابة الذين يلعبون دور حماية التاجر بدلاً من حماية المستهلك، علماً أن وزارة “حماية المستهلك” تشدد في كل اجتماعاتها وتصريحات المعنيين على التزام دوريات حماية المستهلك بالمهمة الممنوحة لها، وبالمكان والزمان المحدد فيها وعدم تجاوزها، والتدقيق بحيثيات المخالفة وتدوين ظروف ضبطها، والتصرف ضمن حدود القانون والقرارات الصادرة بموجبه.

وبين الخطيب أن الوزارة تقوم بشكل دائم بتنظيم دورات تدريبية للعاملين في مديريات التجارة الداخلية على مستوى المحافظات، والتأكيد على بذل قصارى جهدهم ليكونوا مثالاً يحتذى في أداء واجباتهم المسلكية والمهنية، والعمل مع زملائهم في مكافحة المواد المغشوشة والمهربة ومحاولات ضعاف النفوس المساس بسلامة المواطنين وأمنهم الغذائي، إضافة إلى التقيد بالتعليمات والقوانين الناظمة لهم، والمساهمة في مكافحة كل من يحاول بيع مواد فاسدة أو مجهولة المصدر أو منتهية الصلاحية، والتلاعب بالمواصفات أو البيع بسعر زائد، وأن يترفعوا عن المصالح الشخصية خلال أداء واجباتهم ومهامهم.

غير معلنة

ومع تطبيق القانون والتقيد بالتعليمات كثر الحديث عن ردعية قانون حماية المستهلك ومدى فاعلية مواده في قمع المتلاعبين والمخالفين، ولاسيما أن الغرامات المالية البسيطة لم تعد تجدي نفعاً؛ كونها تعوض فوراً كما ذكرنا سابقاً؛ مما حدا الوزارة على العمل على تعديل بعض مواد القانون حسب ما نشرت بعض الوسائل الإعلامية، ليفاجأ مدير حماية المستهلك عندما ذكرنا له بعض التعديلات، لاسيما أن الوزارة لم تعلن عنها حتى الآن، في الوقت الذي لم يخفِ مدير حماية المستهلك وجود تعديلات على القانون، وخاصة أن أهم التعديلات تركز وتلاحق المنتج والتاجر الأساسي، ورفع قيمة المخالفات ومدة السجن على العقوبات الجسيمة حسب كلام الخطيب، لافتاً إلى أن تعديل المادة 37 من القانون، ومراعاة أحكام المادة 20 من قانون العقوبات الاقتصادية رقم 3 لعام 2013 بحيث يعاقب بالحبس مدة سنة مع غرامة مالية قدرها ثلاثة أضعاف ثمن البضاعة المضبوطة وفق السعر الرائج لها، أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من أخفى مواد أو سلعاً أساسية بقصد الاحتكار أو التأثير بأسعار السوق، أو خالف القيود الرسمية المفروضة لإخضاع السلع لنظام التوزيع المراقب المقنن، أو تصرف بالسلع التي تباع من الدولة بأسعار مخفضة لغايات تموينية على الوجه أو الغاية المخصصة لها وفقاً للمقادير التي تحدد بقرار من الوزير، أو رفض تسليم المقادير التي تحدد بقرار من الوزير.

في الوقت الذي نص تعديل  المادة 38 على الإعفاء من العقوبات المقررة من القانون الجديد لمن يقوم بإبلاغ السلطات المختصة عن المخالفة قبل البحث والتفتيش عن مرتكبيها إذا كان هو منهم، ويجوز إعفاؤه من العقوبة إذا حدث الإبلاغ بعد البدء في البحث والتفتيش عن مرتكبي المخالفة، ودل على الوسائل التي تساعد في القبض على مرتكبيها.

تعديلات ناجعة

كما نص التعديل على فرض غرامات بقيمة 5 ملايين ليرة سورية لبعض المخالفات، مثل بيع مواد سامة أو غش المستهلك وإيهامه بأن المنتج مطابق للمواصفة، مع رفع الغرامة المالية من 50 – 100 ألف ليرة بعدما كانت في السابق 25 ألف ليرة، ويستثنى من المخالفة بعض الفعاليات والمؤسسات التي تقتضي طبيعة عملها التعامل بالعملات الأجنبية وفق القوانين والأنظمة. كما تضمنت المادة 22 أنه يمكن التسوية على المخالفة خلال 10 أيام بمقدار 50 ألف ليرة، وإن لم تتم التسوية يحال الضبط إلى القضاء المختص، إضافة إلى تعديلات أخرى يعتبرها الخطيب ناجعة، وستحد من التلاعب والغش وخاصة لأصحاب المعامل والتجار والمنتجين، حيث نوه الخطيب إلى خطورة التلاعب بالمواصفات والغش بالمنتج، وبيع مواد فاسدة تضر بصحة المواطن.

ويعتبر خبراء أن التعديلات المطروحة جيدة ورادعة، لكن تبقى العبرة في التطبيق على أرض الواقع بشكل عادل، مع ضرورة النوايا الجادة والأدوات المقتنعة بتطبيقه حسب كلام  الخبير الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب الذي أكد أن القانون برمته قبل التعديل لم يكن قاصراً لدرجة كبيرة، ولكن المشكلة بالتطبيق والمزاجية، ولاسيما أن النوايا السلبية جعلت الفوضى هي العنوان، وتجاوز القانون هو الطاغي، وكيف لا وسعر أي تجاوز معروف؟!

بشهادة الضبوط

ولفت ديب إلى أهمية التعديلات؛ كونها تركز على صحة المواطن ومنع الاحتكار؛ مما يؤكد فلتان الأسواق، وخاصة تفشي التلاعب والغش بشكل يومي وبشهادة الضبوط التموينية والجولات لدوريات الحماية التي تطالعنا بها المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن المستهلك لا تعنيه التعديلات إلا بما يلمسه في الواقع، وتحقيق الغاية الأساسية من القانون في ضبط الأسعار وسلامة المواد، وتأمين السلع والحاجات بأقل الأسعار والجودة المناسبة، وتطبيق القانون وتقوية دور المؤسسات.

ودعا ديب إلى ضرورة تنظيم حملة إعلانية قبل نشر التعديلات، مع تفعيل وتشجيع المواطن على ثقافة الشكوى المحقة، مع إضافة مادة تنص على عقوبات مسلكية علنية لأي عنصر رقابي  فاسد.

العبرة بالخواتيم

وتبقى العبرة كما يقال بالخواتيم، فالمستهلك فقد الثقة بمديريات حماية المستهلك ودورها الرقابي بعدما لم يجد تأثيرها في الأسواق، بل العكس ترتفع الأسعار بعد جولات دوريات الرقابة، ليقع المواطن ضحية بين التاجر والرقابة..

علي حسون