تحقيقاتصحيفة البعث

ضمن الأولويات تنمية المناطق الريفية.. مشروعات لتخطي التحديات الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية

لاتزال المناطق الريفية بحاجة إلى مشروعات تنمية أوسع انتشاراً وأكثر تنوعاً، ولاسيما في المناطق الجبلية والهضابية المرتفعة لتمكينها من تخطي التحديات عن طبيعة تضاريسها، وتربتها، وقلة مواردها المائية، وصعوبة عمليتها الزراعية، ورغم وصول أكثر من برنامج ومشروع إلى مساحات من هذه المناطق على مدى سنوات طويلة متعاقبة كمشروعات التشجير المثمر، واستصلاح الأراضي المحجرة، والتنمية الزراعية، وفيما بعد مشروعات التنمية الريفية بكل أشكالها وأنواعها، وغيرها من مشروعات حيوية ساهمت حقيقة في تحريك عجلة تنمية الريف بمصادر عيش ودخل جديدة، إلا أن التحديات الطبيعية، والمعيشية، والاقتصادية، والزراعية التي تواجه هذه المناطق المرتفعة تجعل الحاجة مستمرة ومستديمة لدعم التوسع بمثل هذه المشروعات، بما في ذلك المنح الإنتاجية، والقروض التشغيلية الميسرة لتوسيع نطاق العملية التنموية بكل حلقاتها المتسلسلة، وصولاً إلى حلقة تسويق وتصريف الإنتاج.

تمكين الأسرة اقتصادياً

ويمكن للمتتبع أن يلحظ تماماً منعكسات ومخرجات كل مشروع تنموي من تلك المشروعات على تمكين الأسرة اقتصادياً من خلال مساعدتها على تأسيس مشروع صغير، وحتى متناهي الصغر، وأيضاً المساعدة في تسوية واستصلاح أرضها لتكون صالحة للزراعة، وتمتد المساعدة لتشمل في أحد أشكالها تربية الثروة الحيوانية، إضافة إلى تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي، وشق الطرق الزراعية، وإقامة السدات المائية التي تشكّل شرايين للحياة في مثل هذه المناطق.

 

الاستصلاح والتشجير

ويؤكد مدير فرع مديرية مشروعات استصلاح الأراضي وتطوير التشجير المثمر المهندس أحمد حميشة على الدور الاقتصادي والإنتاجي والاجتماعي لأعمال وخدمات مشروعات الاستصلاح والتشجير في المناطق الريفية في إطار المجتمع المحلي بالنظر إلى أهمية مثل هذه الأعمال تشغيلياً، واجتماعياً، واقتصادياً، مع مساهمتها في دعم الصناعات الريفية التي ساهمت في دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمناطق الريفية، ولاسيما النائية منها التي استقطبت الكثير من البرامج التنموية المولّدة لفرص العمل من خلال مصادر عيش ومهارات وخبرات تمكن من مزاولة مهن يدوية في التصنيع الزراعي، وأشار إلى أن الخطة التنموية المنجزة على مستوى المشروع لغاية مطلع تشرين الثاني الجاري من العام الحالي شملت 10843 ساعة عمل، واستصلاح أراض بمساحة قدرها  166,4 هكتاراً، وشق طرق حراجية بطول 12,5 كم، وترميم طرق حراجية بطول 700 كم، وطرق زراعية بطول 650 متراً، والمشاركة مع الوحدات الإدارية في تنظيف الطرق بـ 229 ساعة عمل، واستصلاح أراض زراعية بمساحة 392 دونماً، والمشاركة في إخماد الحرائق الحراجية من خلال 136 ساعة بلدوزر، و65 ساعة تركس دولاب، وحصيلة عمل إجمالية لغاية نهاية تشرين الأول بلغت 10843 ساعة عمل من خلال 6 مجموعات تتوزع في مناطق عمل المشروع، مبيّناً أن إجمالي الإيرادات المحققة هذا العام بلغت 89,8 مليون ليرة لغاية نهاية تشرين الأول الماضي، مع مجموعة أنشطة وأعمال خدمية تندرج في برنامج عمل المشروع، بما يساعد أعداداً كبيرة من المزارعين في استثمار أراضيهم المحجرة التي استصلحتها هذه المشروعات المجانية وشبه المجانية تقريباً، ولفت حميشة إلى أن الاهتمام يكتسي طابع التنوع والتعدد ليشمل أيضاً فتح دورات تدريب وتأهيل مهنية وحرفية، ومنح قروض صغيرة لتمكين المقترضين من الإقلاع بمشروعات متناهية الصغر لتكون موارد عيش ورزق للأسر الريفية، والتركيز على التوسع الأفقي والنوعي، لأن المنافسة عامل هام في العملية الإنتاجية والتسويقية.

 

التوسع باستثمار الأراضي القابلة للزراعة

وأكد المهندس حميشة أن أعمال التنمية توزعت على عشرات القرى والمزارع التي استفادت من البرامج التنموية التي تم تنفيذها في مجال استصلاح الأراضي الزراعية، ومنح القروض، وإعادة تأهيل السدات المائية والينابيع، وتنمية الثروة الحيوانية، وغطت الخطة المنفذة على صعيد استصلاح الأراضي آلاف الهكتارات، وساهمت في التوسع باستثمار مساحة الأراضي القابلة للزراعة بإزالة الصخور عنها، كما تم شق طرقات حراجية، وترميم طرق وخطوط نار حراجية لحماية الغابات الموجودة والعناية بها، إضافة إلى طرق تخديمية، وهناك طرق زراعية مجانية،  وقد نفذت عمليات الاستصلاح بقروض طويلة الأمد لأراضي الأشجار المثمرة، وقروض متوسطة الأجل للأراضي المستصلحة التي ستزرع بالمحاصيل والخضروات، أما الأهداف التنموية فتكمن في إدخال التحسينات على خدمات الإرشاد الزراعي، وتحسين الوضع الاجتماعي، والصحي، والاقتصادي، والتعليمي للمرأة الريفية بالتدريب على حزمة أنشطة إنتاجية ومهنية، وأيضاً تنمية وتأهيل مياه القرى، والحفاظ عليها للاستهلاك البشري، وسقاية المزروعات، وتنمية الثروة الحيوانية، ودعم برامج الإرشاد الزراعي.

 

المساهمة في تحسين الظروف المعيشية

ويؤكد المهندس حميشة أن مشروع استصلاح الأراضي وتطوير التشجير المثمر تعد من المشروعات الحيوية التنموية الأساسية في الخطط والبرامج التي يجري تنفيذها على مستوى القطر، حيث تتجلى أهميته كونه يشكّل حلقة محورية في عملية التنمية من حيث شموليته، وتكامله، وتناوله مختلف جوانب الحياة الريفية من خلال إحداث تغييرات هامة سواء ضمن المجتمع الريفي أو الوسط المحيط به، وسعي المشروع لتحسين الظروف المعيشية للسكان في الريف من خلال توسيع وزيادة مساحة الأراضي القابلة للزراعة بإزالة الصخور منها، وإدخال الممارسات الزراعية المثلى، وإدخال التحسينات على خدمات الإرشاد الزراعي القائمة، وتنمية مياه القرى، والحفاظ عليها للاستهلاك البشري، وسقاية المزروعات، إضافة إلى أولوية تحسين الوضع الاجتماعي، والصحي، والتعليمي للمرأة الريفية بالتدريب على أهم الأنشطة الربحية، وأيضاً إسهام المشروع في تنمية الثروة الحيوانية.

 

استصلاح أكثر من 10 آلاف هكتار

وأوضح المهندس حميشة أن مكونات المشروع تشمل مكوّن الاستصلاح، ويهدف هذا المكوّن إلى استصلاح مساحة قدرها 20 ألف هكتار في محافظة اللاذقية من خلال 6 مجموعات عمل في مناطق المحافظة، وتم لغاية تاريخه منذ انطلاقة المشروع استصلاح 10395 هكتار من الأراضي الزراعية، وشق طرق حراجية بطول 186 كم، وترميم طرق حراجية بطول 5937 كم، وطرق تخديمية بطول 61 كم، وبيّن المهندس حميشة أن عمليات الاستصلاح تتم بقروض طويلة الأجل في قرى منطقة المشروع للأراضي المستصلحة، والمراد زراعتها بالأشجار المثمرة، وبقروض متوسطة الأجل للأراضي المستصلحة المراد زراعتها بالمحاصيل والخضروات.

دعم مستلزمات الإنتاج

وحول أعمال المشروع في مجال إدخال التحسينات على خدمات الإرشاد الزراعي، فقد أوضح حميشة أنه تم تأهيل الوحدات الإرشادية، وذلك بترميمها، حيث شمل الترميم 24 وحدة إرشادية، كما تم تزويد الوحدات الإرشادية بمعدات العمل ومستلزماته، وتم أيضاً توزيع 28 جهاز حاسوب، و13 سيارة حقلية بيك أب، وتدريب المهندسين والفنيين بدورات تخصصية وصل عددها إلى 105 دورات، مع دورات للأطباء والمراقبين البيطريين،   وتدريب النساء الريفيات على دورات الخياطة والتريكو، وإكساب المهارات، وتربية الأبقار، ودودة الحرير، والدواجن، ومحو الأمية، ودورات السجاد، والصحة، والصناعات الغذائية، وإعطاء المرأة قروضاً عينية لتستطيع تأسيس مشروع خاص بها، بالتوازي مع تأهيل الينابيع بتجميع النبع، وإنشاء خزانات ومآخذ للماء، بالإضافة إلى حوض لسقاية الحيوانات، والغاية من عملية التأهيل تأمين مياه الشرب النظيفة للأهالي، وحماية هذه المياه من التلوث، والحفاظ عليها في مواسم الجفاف.

 

تنفيذ سدات ترابية

وبيّن حميشة أنه تم تنفيذ السدات الترابية على مساقط المياه حتى تمتلىء هذه السدات في فصل الشتاء بالمياه، ويتم استخدامها في عمليات الري التكميلي صيفاً، كما تساهم في إخماد الحرائق الحراجية التي قد تنشب، وفيما يخص مكّون القروض فقد أشار المهندس حميشة إلى إيلاء الأهمية الكبرى لهذا الجانب، حيث اعتبرته إدارة المشروع أحد المكونات الأساسية لتحقيق التنمية الريفية، وتعزيز قدرات المستفيدين المقترضين اقتصادياً، واجتماعياً، فتم التعاون بين إدارتي المشروع والمصرف الزراعي التعاوني لتقديم قروض للمزارعين والمزارعات في مختلف الأنشطة والمجالات، منها 382 قرض أبقار، وتسمين عجول، وخراف، ودجاج، وبيض، وماعز، وخزانات مياه، وماكينة خياطة، وتريكو، كما تم تنفيذ 47 قرض استصلاح للمساهمة في تحسين وضع المرأة الريفية بتسهيلات وإجراءات ميسرة، وبفوائد المصرف الزراعي.

تأمين مصدر دخل

وذكر المهندس حميشة أن الخطة المنفذة خلال العام الماضي تضمنت 428.06 هكتاراً لاستصلاح أراض زراعية، و215 هكتاراً لأراض حراجية، وشق طرق حراجية 14.5 كم، وترميم طرق حراجية 500 كم، وشق طرق تخديمية 21.5 كم، وتم إنجاز ساعات عمل قدرها 26243 ساعة عمل، وبلغت إيرادات المشروع 207010250 ليرة، أما خطة العام الحالي 2019 فتتضمن 650 هكتاراً لاستصلاح أراض زراعية، و22 كم شق طرق زراعية، و245 هكتاراً لاستصلاح أراض حراجية، وترميم 700 كم لطرق حراجية، وأصبح المنجز منها لغاية تاريخه 76.3 هكتاراً لاستصلاح حراج، و10 كم شق طرق حراجية، وبعدد ساعات عمل 2922.5 ساعة عمل، بإيرادات 23142120 ليرة، أما الإيرادات المحققة من بداية العام الماضي فقد بلغت 723531647 ليرة، ويشير المهندس حميشة إلى تأثر وتيرة العمل بصعوبة تأمين الوقود، وأشار إلى إنجاز خطط عمل واسعة في مجال تنمية المرأة الريفية، وتمكينها من تأمين مصدر دخل عبر تأهيلها بدورات تدريبية بلغ المنفذ منها 421 دورة، حضرتها 7440 امرأة، وهناك مكوّن المياه بشقيه، سواء مياه الشرب من خلال تأهيل 73 نبعاً في مختلف مناطق المحافظة، وذلك بتجميع المياه، وإنشاء خزانات، ومآخذ، وأحواض، وتأمين مياه الشرب النظيفة، وحماية مصادر المياه، والحفاظ عليها أوقات الجفاف، كما نفذ المشروع عدة أعمال وبرامج في مجال الري، وتزويد المزروعات بالري التكميلي من خلال إقامة سدات ترابية وبحيرات جبلية على مساقط المياه، وقد تم تنفيذ 21 سدة ترابية بلغت سعتها 580 ألف متر مكعب، وكلفتها وصلت إلى 37172397 ليرة، وأشار إلى إنجاز حزمة مشروعات متكاملة في مجال مكوّن تنمية الثروة الحيوانية عبر دعم وتقوية الخدمات البيطرية، ووسائط النقل للتلقيح الاصطناعي، وأسطوانات لحفظ السائل المنوي، وإنشاء مراكز بيطرية متطورة لدعم تربية وتنمية الثروة الحيوانية، وتزويدها بالخدمات والاحتياجات الضرورية.

 

مزارع الأسماك الأسرية

ومن المشروعات الجديدة التي دخلت على خط المساهمة في التنمية الريفية مشروع مزارع الأسماك الأسرية التي دخلت عامها الثاني، والتي اعتمدتها الهيئة العامة للثروة السمكية في إطار خطة  الهيئة لدعم سكان المناطق الريفية الذين يملكون مزارع صغيرة، أو أحواضاً لسقاية المزروعات، أو أحواضاً في حديقة المنزل لاستثمارها في تربية الأسماك، وحول أهمية هذا المشروع أوضح الدكتور عبد اللطيف علي، مدير عام الهيئة، بأن المشروع هدفه المساهمة في  التنمية المستدامة لسكان الأرياف في سورية، حيث يتم تقديم الزريعة السمكية للمزارعين، إضافة إلى الدعم الفني من الهيئة، وأشار  د. علي  إلى أنه  تم خلال العام الماضي تقديم 2500 من اصبعيات الكارب العام كمنحة من الهيئة لتسعة من الإخوة المزارعين في قرية ديروتان التابعة لمنطقة جبلة، وأنه تم البدء بهذه التجربة بهدف تعميمها لاحقاً على باقي المحافظات، حيث يساعد تعميم هذه التجربة في نشر الوعي لدى الإخوة المواطنين بأهمية هذا المنتج (لحوم الأسماك)، وزيادة نصيب المواطن السوري منه، وبالتالي زيادة الناتج السمكي المحلي، وأشار إلى أولوية دعم المشروعات متناهية الصغر، ورفد السوق المحلية بالإنتاج السمكي، ونشر ثقافة تربية الأسماك لدى الإخوة المواطنين، وتأمين الغذاء الصحي للأسرة الريفية.

مروان حويجة