صحيفة البعثمحليات

مشروع باب شرقي نقلة نوعية لمهنة الصياغة جزماتي: الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب ينعكس ركوداً في الأسواق

دمشق- ميس خليل

شكل الذهب في ظل الأزمة التي تشهدها سورية منذ تسع سنوات عامل أمان للكثير من السوريين، وضماناً لأموالهم من التضخم في ظل تذبذب أسعار صرف الدولار، والآلية المعقدة نوعاً ما في الحصول على العملة الخضراء مقابل شراء الذهب، ولكن خلال الأشهر القليلة الماضية ولاسيما خلال الشهر الحالي، قفز سعر غرام الذهب إلى مستويات قياسية لم تشهدها السوق السورية في تاريخها حيث بات يساوي الغرام من عيار 21 ما يقارب 29 ألف ليرة سورية؛ مما طرح أسئلة حول مستقبل هذا الملاذ الآمن، وما هي الأسباب التي أدت لذلك؟

رئيس جمعية الصاغة في دمشق غسان جزماتي وفي تصريح خاص “للبعث” أوضح أن هناك سببين للارتفاع الجنوني لأسعار الذهب؛ الأول محلياً يتعلق بارتفاع أسعار سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسية تجاوزت 700 ليرة، والثاني عالمي مرده ارتفاع أسعار الأونصة حيث وصلت إلى 1466 دولاراً مقارنة بالأعوام السابقة التي كان يصل فيها سعر الأونصة إلى 1300 دولار؛ الأمر الذي أدى إلى انخفاض حركة المبيعات بشكل حاد مقارنة بنفس الفترة في السنوات السابقة، حيث تشهد الأسواق حركة جمود قوية، وهناك تردد من قبل أغلب المواطنين في حركة الشراء والمبيع بانتظار عودة استقرار سعر صرف الدولار، مضيفاً أن ذلك لم يؤثر في تأمين الذهب الخام لورشات الصياغة، ولاسيما بعد صدور المرسوم التشريعي الذي يسمح لأي مواطن إدخال ذهب خام مقابل دفع 100 دولار على كل كيلو غرام ذهب على الحدود، ويتم إدخالها بشكل نظامي للبلد.

وفيما يتعلق برسم الإنفاق الاستهلاكي والجدل الكبير الذي أثير حوله مع وزارة المالية وانعكاساته على حركة السوق من بيع وشراء، بين جزماتي أنه تم الاتفاق مع المالية في شهر أيلول بعد أن توقفنا لمدة شهرين وعشرة أيام نتيجة مطالبها بدفع رسم 150 مليوناً شهرياً، وكان من الصعب تأمينها بسبب انخفاض المبيعات، حيث تم التوصل مع اللجنة الاقتصادية في رئاسة الوزراء لتخفيض المبلغ لـ100 مليون شهرياً، ومن ضمنها شهر 7 و8 ونصف الشهر التاسع، الذي أوقفنا فيه العمل، والاتفاق مستمر حالياً لغاية 31/12، ولكن وبعد هذا التاريخ سيكون هناك مباحثات جديدة خاصة إذا استمر الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، عندئذٍ لا نستطيع تأمين  هذا المبلغ.

وكشف جزماتي أن انعكاسات الاتفاق مع المالية على السوق يتمثل بمنع حالات التلاعب وضبط حركة البيع والشراء التي قام بها الصاغة أثناء فترة التوقف من خلال بيع الذهب غير المدموغ والاستعاضة عنه بذهب “البالة” على أنه ذهب جديد، بحيث يقوم الصائغ بوضع أجرة الصياغة والدمغ على البضاعة باعتبارها جديدة، ويحصل على أجرتها لنفسه، بينما هي قطع ذهبية مستعملة ومسددة الأجور والرسوم سابقاً، لكن الجمعية حرصت على الحدّ من وجود هذا الذهب في محلات الصاغة، وحالياً كل الذهب المعروض في الواجهات هو من الذهب الجديد والمدموغ حديثاً، كما ظهرت حالات لبيع مصاغ ذهبي لا يوجد عليه حرف /م/ الذي يرمز لتحصيل رسم الإنفاق الاستهلاكي للمالية عن هذه القطعة، وجالت دوريات الجمعية على محلات الصاغة وخالفت عدداً من الصاغة لبيعهم هذه المصوغات كونه يفترض على صاحب المحل أن يتوجه إلى الجمعية لدمغها أو يلزم بأن يصهرها.

ويتم حالياً- بحسب جزماتي – تكثيف دوريات الجمعية على الأسواق لضبط المخالفات وحالات التلاعب والغش ريثما تتم معالجة موضوع رسم الإنفاق الاستهلاكي مع المالية، وتم مكافحة 70% من حالات الغش.

أما بالنسبة لوجود مكنات فحص الذهب الليزرية لدى عدد من الحرفيين والتي يتم من خلالها تعيير الذهب ذكر رئيس الجمعية أن هذه المكنات غير معتمدة لديها، وهي في كل الدول لا تستعمل لفحص الذهب وإنما تستعمل للاستئناس، وهي غير معتمدة عالمياً أيضاً، فالتحليل الكيمائي للقطع في المخبر أفضل بكثير ويعطي دقة لعيار الذهب، منوهاً إلى أنه تم إصدار تعميم لمنع أصحاب تلك المكنات من تعيير وتحليل الذهب بها بهدف عدم تعريض المواطنين للغبن والاستغلال، كما نقوم بشكل دوري ومستمر مع مديرية التموين للتأكد من سلامة البضاعة المعروضة في الواجهات ومطابقتها للشروط والمحددات التي وضعتها الجمعية.

وبالنسبة لأهمية وجود حرف الميم على كل قطعة ذهبية أكد جزماتي أن حرف الميم يدل على أن القطعة مدفوع رسم إنفاقها الاستهلاكي، مشيراً إلى أنه يحق للمواطنين الاعتراض في حال تعرضهم للغش، بحيث تم طباعة نموذج وتعميمه لكافة حرفيي الصاغة أنه خلال 24 ساعة يحق للمواطن الاعتراض على الفاتورة  في حال تعرضه للغبن بالسعر، أما إن كان هناك تلاعب بالوزن فلا يوجد فترة محددة للاعتراض، ويحق له في أي وقت الاعتراض.

وعن طبيعة العلاقة والتنافس مع جمعية الصياغة في مدينة حلب بين جزماتي أنه لا يوجد هناك تنافس مع صاغة حلب؛ لأن إنتاج الصاغة هناك أغلبه من عيار 21 وأوزانها ثقلية ولها زبائنها في المحافظات الشرقية ودرعا، أما في دمشق فأغلب الذهب الموجود من عيار 18، وهي تضاهي البضاعة الإيطالية.

وفيما يخص المشاريع الجديدة لجمعية الصاغة بين جزماتي أنه تم تخصيص جمعية الصاغة بقطعة أرض في منطقة باب شرقي من أجل تشييد مجمع  خاص لمهنة الصياغة يضم كافة الورشات المنتشرة بدمشق وريفها، بحيث سيكون الطابق الأرضي عبارة عن واجهات لعرض الذهب، كما سيتم نقل مقر النقابة من الحريقة إلى هذا المجمع، وعندها نستطيع ضبط حالات التلاعب بشكل كبير جداً بحيث لاتخرج  قطعة ذهبية من المجمع إن لم يكن عليها ختم النقابة، كما سيتم فتح باب الاكتتاب لكل من يريد أن يكتتب في هذا المجمع ، متوقعاً أن  يكون مشروعاً ناجحاً وسيشكل نقلة نوعية لمهنة الصياغة.