أخبارصحيفة البعث

بوليفيا.. آخر ضحايا “الثورات الملوّنة”

ما تسمى الثورات الملونة تحدث في كل مكان، وتشمل قائمة ضحاياها هذه المرة في أمريكا الوسطى كلاً من كولومبيا وهندوراس والأرجنتين وباراغواي والإكوادور وتشيلي والبرازيل و أوروغواي.

مؤخراً تعرّض إيغو موراليس “للخيانة والغدر” من قبل الجيش والأجهزة الأمنية التي تم تجنيدها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وبوليفيا ليست سوى الضحية التالية، لكنها ليست الأخيرة، فقد تمّ الإعداد والتحضير للثورة الملونة فيها منذ فترة طويلة، وبدأ كل شيء حتى قبل انتخاب إيغو موراليس لأول مرة، وذلك بعد قيام الشعب البوليفي بإسقاط اثنين من الرؤساء “الدمى” اللذين فرضتهما واشنطن في عامي 2003 و2005.

فقبل أقل من أسبوع من انتخابات 20  تشرين الأول الماضي، حصد كارلوس ميسا منافس إيغو موراليس على رصيد 22 نقطة مقابل 38 نقطة منحت موراليس الفوز في الجولة الأولى، لكن قبل العد النهائي اشتكت منظمة الدول الأمريكية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من “المخالفات” الانتخابية”، واتهمت موراليس بتزوير نتائج الانتخابات.

وبعد إعلان موراليس الفوز في 20 تشرين الأول الماضي، انطلقت مباشرة أعمال شغب عنيفة ضده في جميع أنحاء البلاد، وبشكل خاص في منطقة سانتا كروز الغنية بالنفط والتي تضم قلة من النخب البوليفية. استمرت المظاهرات حوالي ثلاثة أسابيع بعدها اقترح الجيش بدعم مما يسمى “منظمة الدول الأمريكية” أن يستقيل موراليس، ويطلب اللجوء السياسي في المكسيك، وما إن تم ذلك حتى أعلنت جانين أنيز، عضو مجلس الشيوخ عن المعارضة، نفسها رئيسة بالنيابة ومؤقتة، وعلى الفور اعترفت الولايات المتحدة بها.

بعد هذا السيناريو الأمريكي، لا شك أن الشعب البوليفي لن يسكت على هذه الديمقراطية المزيفة، ولن يستسلم للمؤامرات الخارجية، فمن المعروف أن البوليفيين هم دعاة أقوياء وثابتون لحقوقهم. لقد أثبتوا ذلك من خلال الإطاحة برئيسين متعاقبين فرضتهما واشنطن في عامي 2003 و2005، وجاؤوا بموراليس إلى السلطة في عام 2006 من خلال انتخابات ديمقراطية كاملة ومراقبة دولية.

في واقع الحال ليست بوليفيا وحدها المتضرر من السياسة الأمريكية، فهناك علامات أخرى في جميع دول أمريكا اللاتينية على أن الأمريكيين اللاتينيين سئموا من وضعهم، والدليل على ذلك هناك حركة في البرازيل ضد إدارة الرئيس البرازيلي جير بولسونارو الذي فرضته الولايات المتحدة، فيما تستمر الاضطرابات الاجتماعية في تشيلي لصالح العدالة والمساواة ضد الدستور العنصري لعصر بينوشيه.

إن ما يجري في دول أمريكا اللاتينية يشكّل علامة على الصحوة الشعبية، خاصة أن مقاومة فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا المستمرة ضد العدوان الأمريكي هي عناصر إيجابية لبوليفيا لا يمكن تجاهلها.

هيفاء علي