ثقافةصحيفة البعث

“ظلال السكون”.. تضاد وانعكاس للظل والضوء

 

تنقلنا عدسة الفنانة لمى الحسنية في معرضها “ظلال السكون” للتصوير الضوئي في ثقافي أبو رمانة بكل ذكاء وحنكة بين مفردات المجتمع وجمالياته دون أن تخفي موقفها مما تصور فـتبرز رسالة الصورة بطريقة واضحة وجميلة، وتقدمها ضمن إطار بصري جذاب ولقطة غنية متنوعة مركزة على ثنائيات الحياة وتضادها في جو فني يسوده السكون وانعكاسات الظل والضوء، وقد بدأت تجربة الفنانة لمى في عالم التصوير الضوئي مع كلمة أرخميدس الشهيرة “وجدتها.. أوريكا” والتي جعلتها اسماً لأولى معارضها الفردية لأنها وجدت في التصوير شغفها الذي بحثت عنه طويلاً بعد أن تنقلت بين محطات مختلفة في عالم الترجمة والتدريس والصحافة، وبعدها شاركت في معرض جماعي مع جمعية مدى الثقافية في اللاذقية، وجاء “ظلال السكون” ليكون معرضها الفردي الثالث.

جمال حقيقي
عن “ظلال السكون” تقول لمى: هو تجربة أغنى وأنضج ثقافياً وفكرياً استمد عنوانه من تباين الظل والنور، مركزة من خلاله على الثنائيات، لأن الحياة قائمة ومبينة على ثنائيات “الخير والشر” و”الأبيض والأسود” و”الحب والكره” وهذا ما بنيت عليه موضوعات لوحاتي فلا يمكن أن يكون هناك جمال بدون بشاعة فرغم ما عشناه في سورية إلا أننا نهضنا من أزمتنا لذلك أردت أن أقول إن الصورة فيها تضاد وهذا هو الجمال الحقيقي للصورة، ونحن في الحقيقة لا ندرك الأشياء إلا بأضدادها وفي اللوحات الكثير من التضاد والثنائيات التي تضج بها حياتنا والتي أردت إظهارها بشكل واضح، ففي كل صورة حالة خاصة وموضوع مختلف لذلك بعضها يحتاج للوقوف أمامها بسكون لكي نفهمها، موضحة أن السكون كمعنى هو لحظة التقاط الحدث فهي تجمده بلحظة معينة لأن الصورة تسكن اللحظة، وعلينا أن نعلم أن الحياة ليست هكذا أبداً فالحياة مستمرة ومتحركة والكون يعمل على فكرة الحركة والدوران، بينما الصورة هي وحدها من تجمد اللحظة وتختزلها واللحظة تدوم وتبقى فقط في إطار هذه الصورة.

غنى وتنوع
تتنوع موضوعات لمى من خلال 65 صورة ضوئية تتناول حالات إنسانية مختلفة وتصور أماكن دمشق الأثرية وأسواقها تارة، وتركز على المرأة تارة أخرى، كما لا تخفي الطفولة نفسها في أعمالها وعنها تقول: بالطبع الطفولة تغلب على معظم الصور فهناك طفولة موجودة ومستمرة في داخلي رغم مرور السنين محاولة إظهار عذابات الطفولة أثناء الحرب الإرهابية التي تعرضت لها سورية، لكنها في مقابل آلامهم تركز على الأمل مضيفة: عندما أصور الأطفال لا أركز على وجه الطفل لكنني أركز على الأمل الذي في داخله فهناك دائماً طاقة أمل سيقوم هذا الطفل بفتحها لتدخل الشمس والضوء ويراها وينشر السعادة والفرح في كل مكان، فالصورة فن بحد ذاتها وأنا لا أذهب لالتقاط الصورة ولا أبحث عن الأماكن الجميلة، لكن اللقطة هي التي تجذبني فأي شيء فيه فكرة معينة ويحمل قيمة ورسالة يدفعني لالتقاط الصورة، لذلك أكثر صوري نجاحاً وتميزاً التي اتبعت حدسي فيها، وأحياناً أبقي الصورة كما هي وأحياناً أقوم بتغييرات جذرية وأستخدم البرامج المتخصصة وتوظيف المعالجة لإيصال الفكرة وزيادة جمالية الصورة، أو ألجأ إلى ما يسمى بتركيب الصورة وهو أحد الفنون المعاصرة الذي يستخدم عددا من العناصر، فالإبداع يقوم على خلق شيء جديد بالاعتماد على آخر واقعي، وفي النهاية العين هي التي تلعب الدور الأول في اختيار والتقاط المشهد والحكاية من خلال رؤية الفنان الخاصة، وهي الحجر الأساس في فن التصوير الضوئي، يضاف إلى ذلك الغنى الثقافي والخبرة الحياتية والهدف من إقامة المعرض ورسالته إلى المتلقي، ومن ثم تأتي تقنية الكاميرا ودقتها في تقديم الصورة الأكثر وضوحاً، وأنا لم أتبع أي دورات أو تدريب خاص في التصوير الضوئي بل قمت بتعليم نفسي على عدة برامج لمعالجة الصور والقراءة والبحث في آليات التصوير.
لوردا فوزي