الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

يشوّه الواقع.. وغير مقبول علمياً صباغ: سورية ترفض تقرير بعثة تقصي الحقائق حول دوما

 

بعد يومين من فضح بريد الكتروني مسرّب أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تلاعبت بتقرير حول هجوم كيميائي مزعوم في دوما بريف دمشق في نيسان عام 2018 لاتهام الجيش العربي السوري به وتبرير العدوان الأمريكي البريطاني الفرنسي ضد سورية آنذاك، أكد مندوب سورية الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي، بسام صباغ، رفض سورية أي مخرجات تصدر عن فريق بعثة تقصي الحقائق حول مزاعم استخدام سلاح كيميائي في دوما، مشدداً على أنها تعتبر قرار إنشائه منقوص الشرعية، كونه لم يستند إلى أحكام اتفاقية الحظر، وشكّل سابقة خطيرة عبر تفويض منظمة فنية بمسائل تدخل في صلاحيات واختصاص مجلس الأمن، وأوضح، في بيان سورية أمام الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، أن سورية التي انضمت في عام 2013 إلى الاتفاقية أوفت بجميع التزاماتها الناجمة عن هذا الانضمام، وأنجزت تدمير أسلحتها الكيميائية ومرافق إنتاجها بشكل مثالي وغير مسبوق، وفي ظل ظروف صعبة ومعقدة.
وأكد صباغ حرص سورية الشديد على متابعة التعاون الإيجابي والبنّاء مع الأمانة الفنية وفرقها المختلفة، والسير بكل زخم مع نهج الحوار المنظّم، الذي أطلقه المدير العام مطلع هذه السنة، وقد عقدت عدة جولات مشاورات بين اللجنة الوطنية السورية وفريق الأمانة الفنية في دمشق ولاهاي، معرباً عن أمل سورية بأن يتم استكمال المناقشات حول بعض المسائل العالقة في الإعلام لإغلاقها بأسرع وقت ممكن.
وجدّد صباغ إدانة سورية استخدام أسلحة كيميائية من قبل أي كان وفي أي زمان ومكان وتحت أي ظروف، ورفضها القاطع محاولات بعض الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة توجيه اتهامات ضدها لا أساس لها خدمة لمخططاتها وأجنداتها الخاصة، مشيراً إلى أن ما يدعو للاستهجان هو استباق الإدارة الأمريكية تحقيقات بعثة تقصي الحقائق بشأن ادعاءات استخدام أسلحة كيميائية في سورية، وشنها اعتداءات عسكرية تشكّل انتهاكاً سافراً لميثاق الأمم المتحدة، وإصدارها نتائج وأحكاماً أقل ما يقال فيها أنها أكاذيب وتجاوز لصلاحيات المنظّمة.
وبيّن صباغ أن ما تقوم به الولايات المتحدة يتزامن دائماً مع حدوث تغييرات إيجابية مهمة في سورية، سواء من خلال التقدم الميداني للجيش العربي السوري في دحر الإرهابيين أو ما يتصل بالتقدم في العملية السياسية، وبالتالي فإنه يندرج في إطار عرقلة جهود الحكومة السورية لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد وتضليل الرأي العام وإيجاد مبررات وذرائع لشن اعتداءات جديدة على الأراضي السورية.
وأوضح صباغ أنه في الوقت الذي استمرت فيه سورية بالتعاون مع بعثة تقصي الحقائق وتقديم كل التسهيلات اللازمة لعملها، فإنها تأسف لعدم تقيد البعثة بأحكام الاتفاقية ووثيقة الشروط المرجعية لعملها، حيث رفضت زيارة مواقع الهجمات تحت ذرائع شتى، واكتفت بإجراء تحقيقاتها عن بعد بالاعتماد على صور وفيديوهات منشورة في المصادر المفتوحة فبركتها منظمة “الخوذ البيضاء” ذراع تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، إلى جانب استلامها عينات لم تقم بجمعها مباشرة، ولا تتمتع بسلسلة حضانة قانونية، واستماعها لشهود تم جلبهم من البيئة الحاضنة للمجموعات الإرهابية، ولفت إلى أن سورية أعربت مراراً عن مشاغلها الجدية حيال طرائق عمل البعثة، وطالبت رسمياً بمراجعتها وتحديثها للوصول لاستنتاجات صحيحة، وجعل تقاريرها أكثر مهنية وذات مصداقية، مبيناً أن تقرير البعثة النهائي عن حادثة دوما مثال واضح على هذه الطرائق الخاطئة، حيث اعتمد نظرية تشوّه الواقع وغير مقبولة علمياً، متجاهلاً في الوقت ذاته وجهات نظر أخرى منطقية وعلمية، ولهذا تعرّض التقرير لانتقادات عدد من الدول، وحتى بعض أعضاء فريق البعثة ومحللين وخبراء دوليين، مثل “مجموعة فريق العمل البريطاني حول سورية” ومجموعة الشجاعة التي تضم خوسيه بستاني المدير العام الأسبق لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وأشار صباغ إلى أن تجاهل المنظمة للتقرير المسرّب للمفتش إيان هندرسون العضو السابق في بعثة تقصي الحقائق أثار تساؤلات جوهرية وضعت مصداقية عمل وتقرير البعثة على المحك، لكن الرسالة المسرّبة في وسائل إعلام عالمية لأحد مفتشي البعثة، الذين شاركوا في تحقيقات دوما والموجّهة إلى مكتب مدير عام المنظمة، تقضي على أي مصداقية لهذا التقرير، وأكد أنه بعد كل هذه الفضائح المهنية بات من غير المقبول السكوت على استمرار بعثة تقصي الحقائق بالعمل وفقاً لتلك الطرائق الخاطئة، لافتاً إلى أن من يقف في وجه تصحيحها هي الضغوط الأمريكية الغربية بهدف استخدام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية منصة لتغطية عدوان هذه الدول على الأراضي السورية.
وجدد صباغ دعوة سورية للمنظمة بإرسال بعثة تقصي حقائق إلى المناطق التي حررها الجيش العربي السوري من الإرهاب لإجراء تحقيقات في الحوادث التي وقعت فيها سابقاً بهدف التوصل لاستنتاجات حقيقية، غير تلك الوهمية أو البعيدة عن الواقع، وشدد على أن سورية لا تزال تعتبر قرار إنشاء فريق التحقيق وتحديد الهوية منقوص الشرعية كونه لم يحظ بالتوافق، وإنما بدعم أقل من نصف الدول الأطراف في الاتفاقية، ولم يستند إلى أحكام الاتفاقية، وشكّل سابقة خطيرة عبر تفويض منظمة فنية بمسائل تدخل في صلاحيات واختصاص مجلس الأمن، الأمر الذي دفع سورية إلى جانب دول أخرى إلى عدم الاعتراف بشرعية هذا الفريق وعمله ورفضها تمويله ووصوله إلى المعلومات السرية التي قدّمتها سورية للمنظمة وإلى مجلس الأمن، وبالتالي ترفض أي مخرجات تصدر عنه مستقبلاً.