اقتصادصحيفة البعث

تعداد المنشآت الاقتصادية والاجتماعية قيـــــد التنفيــــــذ الميدانـي

 

نشهد في هذه الأيام تنفيذ التعداد الميداني الشامل للمنشآت الاقتصادية والاجتماعية في خمس محافظات (دمشق– ريف دمشق– السويداء– اللاذقية– طرطوس) بالتعاون ما بين المكتب المركزي للإحصاء وهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بهدف إعداد قائمة شاملة بكافة المنشآت القائمة، تتضمن عددها وتوزعها الجغرافي في كل محافظة (مدينة /حي – قرية/ مزرعة) وتسجيلها ضمن جداول تتضمن /24/ معلومة متتابعة، تتضمن العنوان والملكية والنشاط والوضع التنظيمي، والعاملين والمستلزمات والإيرادات عن كل منشأة عاملة أو موسمية أو متوقفة حالياً لأسباب عدة، مع الاكتفاء بست معلومات أولى عن المنشآت المتوقفة عن العمل نهائياً، أو هي قيد التجهيز أو خالية، و/13/ معلومة أولى في حال كانت المنشأة فرعاً لا يمسك سجلات أو مستودعاً لمنشأة أساسية، والاكتفاء بـ/12/ معلومة أولى عن المنشآت العامة، وكل ذلك كان مسبوقاً بعمليات تحديد المدن والأحياء والقرى وحزمها من المشرفين وحصر جميع المنشآت في قطاع عمله (مدينة أو ريف)، وتقسيمها إلى كتل ليتم توزيعها على العدادين.
سيوفر هذا التعداد بيانات إحصائية تعريفية واقتصادية شاملة ومفصلة، عن جميع المنشآت في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، لاستخدامها في احتساب المؤشرات التي تمكّن المعنيين في الدولة من وضع السياسات والتخطيط السليم، لأغراض التنمية على اختلاف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية، واحتساب مساهمة القطاع الخاص في الناتج الوطني وتركيب الحسابات القومية، وسيمكن هذا التعداد من توفير بيانات حول المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، وحصر القطاع غير المنظم والوقوف على وضعه الراهن، وتبيان القطاعات الأكثر مساهمة في الناتج الوطني، بهدف تعزيزها والنهوض بالمتعثّر منها، من خلال وضع السياسات الداعمة والخطط التنموية التحفيزية، كما سيوفر هذا التعداد إطاراً شاملاً ومحدَّثاً للمنشآت، تبعاً لتقسيمات جغرافية وإدارية، ما يؤمّن مصدراً غنياً لتنفيذ المسوح الإحصائية الاقتصادية بالعينة لاحقاً.
وإثر الانتهاء من العمل الميداني، سيتم مراجعة البيانات وتدقيقها وتنقيحها من الأخطاء، وموافاة المكتب المركزي للإحصاء بها لترميزها وتصنيفها وتبويبها، واستثمارها حاسوبياً لاستخراج الجداول التي تتضمن الأرقام المجملة والمفصلة، التي تمكّن من استنباط المؤشرات الإحصائية منها، ودراستها وتحليلها وتفسير مدلولاتها، بما يضمن المزيد من فائدتها لمستخدمي البيانات وصانعي القرارات.
إن المزيد من تحقيق الفائدة المتوخاة من هذا التعداد المهم يتوقف بشكل كبير على مهارة وجدية العاملين المكتبيين والميدانيين القائمين به في كافة مراحله، بدءاً من عمل المشرف المحيط علماً بكامل حيثيات التعداد، والمرحلة الأهم والأدق هي العداد الذي سيكون معنياً باستيفاء المعلومات التفصيلية عن كل منشأة بمنتهى الحكمة التي تدفع صاحب المنشأة لإعطاء البيانات الصحيحة للعداد وفق الاستمارة المعتمدة وبكل صدقية، دون أية مخاوف من منعكسات سلبية عليه، بل من خلال إقناعه واقتناعه بسرية المعلومات التي يدلي بها للعداد، وتفهمه التام لأهمية البيانات والمعطيات الدقيقة للتخطيط لبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لما لذلك من أهمية كبرى للتعداد في دعم الجهود الوطنية الرامية إلى رفع مستوى المعيشة، الذي هو الأساس والمنطلق لكل الجهود التنموية، وقناعته بأن قانون التعداد يضمن عدم جواز إعطاء معلومات منشأته لأية جهة أخرى، أو نشرها إلا بشكل جماعي، وأيضاً تفهمه التام بالمنعكسات السلبية التي قد تنتج عن الإدلاء بمعلومات خاطئة، أو مضللة، أو غير دقيقة على خطط التنمية وبرامجها.
إن جدية المشرف في ضمان حصر وعرض جميع المنشآت بين يدي العدادين، ومصداقية العداد في زيارة كامل المنشآت الموجودة في قطاع عمله، وأهليته في استيفاء معلومات كل منشأة بمنتهى الحكمة والأناة من صاحبها، وبمنتهى صدقيته، وتدقيق هذه البيانات لاحقاً وتبويبها واستثمارها حاسوبياً، لاستخراج الجداول والمؤشرات الإحصائية المتوخاة، وتحقيق الاستثمار الفعلي للنتائج النهائية للتعداد، كل ذلك سيشكل الضمان الأساس لتحقيق الغاية الوطنية الكبرى المتوخاة من التعداد، وأي قصور قد يحدث في أي دور من الأدوار، سيضعف من مردود عشرات ملايين الليرات السورية المخصّّصة لهذا التعداد، وسيضعف أيضاً من ثمرات جهود آلاف العاملين في تنفيذ كافة مراحله، والأمل معقود على جدية ومصداقية جميع الجهود في تحقق المنشود.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية