تحقيقاتصحيفة البعث

دون كفالات أدوات كهربائية والكترونية متدنية الجودة في الأسواق.. وغياب لخدمات ما بعد البيع

 

من خلال التجول في أسواقنا المتخصصة بالمواد الكهربائية والالكترونية المستوردة نلاحظ أنها ذات ماركات مقلدة مثل (LG PLUS) أو غير معروفة، ورديئة، وذات أشكال خارجية وتصاميم فقط، وتباع للمستهلك بلا كفالات، ودون خدمات ما بعد البيع، باستثناء عدد من الوكالات الراقية التي تتضمن منتجات ليست في متناول المواطن، ومعظم الباعة يقولون: “لك التجريب ضمن المحل فقط، ولا توجد إعادة، أو تبديل بعد الخروج مهما كان سبب العطل”، فبإمكانك مثلاً تبديل شاشة جوال سامسونغ نوع OLED بسعر 10 آلاف ل.س من برج دمشق، وستكتشف أنها ستنكسر لوحدها بعد مرور أسبوع فقط، ولكن الأصعب من ذلك أن تشتري الشاشة نفسها بضعف السعر على أنها أفضل لتفاجأ بأعطالها الفورية وتدني جودتها، ثم تنكسر أيضاً بالزمن نفسه ومن تلقاء نفسها، ولو أردت النخب الأول فعليك الذهاب للوكالات، ودفع أضعاف ما دفعته سابقاً، ولكن السؤال هنا: من أين دخلت هذه البضائع إلى القطر، خاصة أن استيرادها ممنوع مع وجود الكثير منها في الأسواق، و(على عينك يا جهات مختصة)؟! ولماذا لا يستورد تاجرنا العتيد سوى نفايات الصناعات ويبيعها لنا بأعلى الأسعار؟! والسؤال الأغرب من ذلك: أليس من حق المواطن التنعم ببعض المنتجات المستوردة التي أصبحت ضرورية ويجب إدخالها بطرق قانونية وكسر احتكارها، أم هو محكوم بالعيش في العصر الحجري؟! ولماذا يمنع الاستيراد وبالوقت نفسه تدخل المواد تهريباً لصالح عدد من ملوك السوق وناهبي الثروات؟! هل إنتاج ألف شاشة نوع سيرونكس يكفي حاجات سوق بلد كامل من الشاشات لنقرر منع استيراد مثيلاتها؟!.
مسؤوليات الاستيراد
المكتب الصحفي في وزارة الاقتصاد نفى مسؤولية الوزارة عن الموضوع برمته، وأوضح أن دور الوزارة ينحصر في منح رخصة استيراد فقط، في حين تندرج مسائل الجودة وغيرها، فهي من اختصاص وزارة التموين، أما الدكتورة لمياء عاصي فقد أرجعت الموضوع لعدة أسباب أبرزها الدخل المتدني لمعظم المواطنين، إضافة لغياب وضعف جهاز حماية المستهلك الذي يجب ألا يهمل موضوعاً هاماً كهذا، فالمواطن يصطدم بهذه السلبيات كلما رغب بشراء أدوات كهربائية أو الكترونيات، وشددت على دور وزارة الاقتصاد في الرقابة على مواصفات المستوردات، فلا يعقل أن تكون وزارة كاملة، وبموضوع هام كهذا، مسؤولة فقط عن منح رخصة أو إجازة الاستيراد، والتشديد على موضوع توافر المواصفات في المنتج، وفي حال عدم وجود المعايير لدينا مراعاة المواصفات العربية أو الدولية اللازم توافرها في المنتج، وتذكر الدكتورة عاصي أنه في عام 2010 تم إلزام المستوردين بوضع لصاقات باسمهم على المنتجات التي يستوردونها، ما يعزز المسؤولية عن أي منتج يتم إحضاره للقطر، إلا أنها ألغيت لاحقاً بناء على طلب المستوردين، وهكذا يضيق مجال محاسبتهم، وأصبحوا يجنون المرابح الخيالية الناجمة عن السعر المرتفع لمستورداتهم ذات الجودة المتدنية التي تعج بها أسواقنا دون حسيب أو رقيب!.

التأكيد على الكفالة والجودة
إن جميع المواد المستوردة يجب أن تباع مع كفالة وفقاً للأستاذ علي الخطيب، مدير حماية المستهلك، وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وفي حال الإخلال بالكفالة من قبل التاجر، أو مخالفة المنتج للشروط والمواصفات فإنه يحق للمستهلك الاتصال الفوري مع جهاز حماية المستهلك، وتقديم شكوى حول الخلل الحاصل في المنتج المستورد، وكانت الوزارة قد قررت أحقية المستهلك في إعادة القطعة المشتراة إذا كانت مخالفة للشروط المتفق عليها، أو المواصفات القياسية، أو تتضمن عيوباً صناعية، ويقوم جهاز حماية المستهلك بسحب عينات من أية مواد مستوردة مشتبه بها لفحصها في المخابر المختصة للتحقق من جودتها، ومطابقتها للمواصفات القياسية، إضافة لتدقيق بطاقة البيان، والفواتير، وشهادات المنشأ للحد من مظاهر التزوير والتقليد تحت طائلة حجز البضاعة المخالفة، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها أصولاً، وأكد الخطيب أن تحديد أسعار المواد يتم وفق الفواتير الجمركية مع هامش الربح المحدد قانوناً، أما بالنسبة لمستوردي الملابس فهم ملزمون في حال الشكوى ضدهم أو الشك بمنتجاتهم بتقديم بيانات الكلفة الحقيقية للتحقق منها.

لن نطيل النواح
إن التذرع بالأزمة، وارتفاع سعر صرف الدولار، والحصار الاقتصادي بين الفينة والأخرى، لن يلغي هذه المشكلة الكبيرة التي أصبحت بحاجة للحل السريع، وتصريحات الجمارك التي تارة تقول: لن نداهم الأسواق، وسنكتفي بالمستودعات، وتارة أخرى تقول: سنلاحق التهريب أينما وجد، ومع ذلك نشاهد بضائع التهريب موجودة أينما توجهنا، وحتى لدى الوكالات التي تستورد في الأصل مواد ممنوع استيرادها تماشياً مع سياسة إحلال المستوردات، أما المواطن ذو الدخل المحدود فسيسعى دائماً نحو السعر المنخفض، واقتناء المنتج الكهربائي والالكتروني الذي لم يعد من الكماليات، وخاصة مع ارتفاع سعر المنتج الوطني، وتراجع جودته حالياً، ولا أعتقد أن هناك من حل أفضل من السماح بالاستيراد لهذه المواد وبصورة نظامية وقانونية ومدروسة تفيد الخزينة بالرسوم الجمركية، وتساعد في بسط الرقابة على هذه المستوردات، فعدة ضبوط تموينية لن تغني من فقر، أو تسمن من جوع طالما من أدخل البضائع المهربة متابع لنشاطه دون حسيب أو رقيب.
بشار محي الدين المحمد