أخبارصحيفة البعث

البرلمان الليبي: الاتفاق بين “الوفاق” والنظام التركي انتهاك لأمن ليبيا وسيادتها

استنكر مجلس النواب الليبي، ومقره مدينة طبرق (شرق البلاد)، وبأشد العبارات، توقيع ما يسمى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بطرابلس، فايز السراج، على اتفاق أمني وبحري مع النظام التركي.

وجاء في بيان، صدر عن لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس النواب، أنها تدين الاتفاق الذي أبرمه السراج، رئيس حكومة “الوفاق” الليبية، مع “النظام التركي برئاسة رجب أردوغان الداعم للإرهاب والمليشيات”، ولفتت إلى أن الاتفاق يتيح للجانب التركي “استخدام الأجواء الليبية وكذلك البرية والدخول للمياه الإقليمية من دون أخذ إذن من الجانب الليبي، وكذلك إنشاء قواعد عسكرية في ليبيا”.

وأشار البيان إلى أن “هذا الاتفاق يعتبر تهديداً حقيقياً وانتهاكاً صارخاً للأمن والسيادة الليبية، واعتداء كاملاً على صلاحيات مجلس النواب المنتخب من الشعب الليبي صاحب الحق الأصيل والوحيد في الإقرار والتصديق على المعاهدات والاتفاقات الدولية”، وأضافت: إن “هذا الاتفاق لا يعني شيئاً وغير معترف به ولا ينتج عنه أي أثر قانوني”.

وبحسب اللجنة البرلمانية، فإن ما يقوم به المجلس الرئاسي في طرابلس يشكل تهديداً “للأمن القومي العربي وللأمن والسلم في البحر الأبيض المتوسط بشكل عام”، كما أنه “يرقى إلى تهم الخيانة العظمى بتحالفه مع النظام التركي”.

كما أشار البيان إلى أن الهدف من الاتفاق هو تزويد “تحالف المليشيات والتنظيمات الإرهابية” المنضوية تحت المجلس الرئاسي بالطائرات المسيّرة والسلاح والذخائر والخبراء العسكريين الأتراك، “في تحد صارخ لقرارات مجلس الأمن بشكل علني على مرأى ومسمع البعثة الأممية في ليبيا”.

ودعت اللجنة الأمم المتحدة إلى الاضطلاع بمسؤولياتها إزاء “هذا التصعيد الخطير”، مؤكدة أن “مجلس النواب الليبي والمؤسسات المنبثقة عنه، وعلى رأسها القيادة العامة للقوات المسلحة، لن تقف مكتوفة الأيدي وهي تسمع وتشاهد حلقة جديدة من حلقات تآمر نظام أردوغان والمجلس الرئاسي المتحالف مع المليشيات والتنظيمات الإرهابية على أمن وسلامة وسيادة الدولة والشعب الليبي”.

وسابقاً، أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة، التي مقرها في شرق ليبيا، والمعارضة لحكومة الوفاق، رفضها القاطع للاتفاق بين طرابلس وأنقرة، واصفة إياه بغير الشرعي، وأضافت: “نعلم علم اليقين -وبالأدلة الدامغة- ما يشوب علاقة ما تسمى بحكومة الوفاق وتركيا من جدل وشبهات، لكون الوفاق المزعوم وشخوصه يسعون لتحقيق مآرب أردوغان الاستعمارية وإعانته على تحقيق حلمه في إقامة امبراطورية عثمانية ثانية من خلال الحصول لها على موطئ قدم في ليبيا”.

وكان المجلس الرئاسي الليبي قد أعلن أن رئيسه، فائز السراج، قد عقد في اسطنبول، الأربعاء، محادثات مع أردوغان، توجّت بتوقيع الطرفين على مذكرتي تفاهم بحري وأمني.

وشدّدت الحكومة الليبية في بيانها على رفض التدخل التركي في شؤون ليبيا، حيث جاء في البيان: “نضع المجتمع الدولي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا أمام مسؤولياتهم لمنع هذا التدخل، ونطالبهم بالتحقيق في كسر تركيا لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن من خلال تزويد الوفاق غير الدستوري بالسلاح الذي ذهب جله إلى الإرهابيين بما يهدد السلم والأمن الدوليين”.

وتعاني ليبيا، منذ عدوان الناتو عام 2011، انقساماً حاداً في مؤسسات الدولة بين الشرق، الذي يديره البرلمان بدعم من “الجيش الوطني” بقيادة المشير خليفة حفتر، والغرب الذي تتمركز فيه حكومة الوفاق، التي فشلت في الحصول على ثقة البرلمان.

وذهب النظام التركي بعيداً في دعم الجماعات التكفيرية في ليبيا سرّاً منذ سنوات، لكن تدخلاته في الأشهر الأخيرة باتت علنية وأكثر فظاظةـ فمن تسليح تلك الميليشيات، إلى المشاركة ميدانيا بقوات خاصة في مواجهة قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وفق ما أعلن مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني الليبي العميد خالد المحجوب.

وانتقل أردوغان من التسليح السرّي للميليشيات التكفيرية إلى التسليح العلني، منتهكاً القرار الدولي بحظر السلاح على ليبيا، بإرساله طائرات مسيرة وشحنات ذخيرة على أمل تغيير موازين القوى لصالح حكومة الوفاق، لكن الثقل العسكري التركي، وإن نجح في إبطاء عمليات الجيش الوطني الليبي فإنه عجز عن تفتيت عزيمته في تطهير العاصمة من الميليشيات الإرهابية وفي التصدي لهجماتها، وآخرها تلك التي استهدفت قاعدة الجفرة من ثلاثة محاور.