الصفحة الاولىصحيفة البعث

مخطط استيطاني للسيطرة على قلب الخليل

 

 

بعد إعلان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في الثامن عشر من تشرين الثاني الماضي أن الإدارة الأمريكية لا تعتبر المستوطنات الإسرائيلية متعارضة مع القانون الدولي، متجاهلاً بذلك كل القرارات الدولية، صعّدت سلطات الاحتلال محاولاتها لتهويد مدينة الخليل، وخاصة البلدة القديمة ومحيط الحرم الإبراهيمي الشريف، وآخر تلك المحاولات إعلانها، أمس، عن مخطط استيطاني جديد لإقامة بؤرة استيطانية في سوق الخضار بالبلدة القديمة بمدينة الخليل في الضفة الغربية، وأفاد رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة بأن مخطط سلطات الاحتلال الجديد يهدف إلى السيطرة على قلب الخليل لتهويدها وطمس هويتها العربية الإسلامية. وذكرت “القناة 13” الإسرائيلية أن الحي الاستيطاني سيقام فيما يعرف بـ”سوق الجملة”، وأضافت: “إن إقامة هذه المستوطنة الجديدة ستؤدي إلى “تشكيل تواصل استيطاني جغرافي بين الحرم الإبراهيمي وحي “أبراهام أفينو” الاستيطاني القريب، وبالتالي مضاعفة عدد المستوطنين في المدينة”، وأشارت إلى أنه “سيتمّ هدم مباني السوق (المملوكة للفلسطينيين وعددها نحو 50 متجراً)، وسيتم بناء متاجر جديدة مكانها”.
وسوق الجملة (الحسبة)، هو سوق خضار أغلقته قوات الاحتلال بقرار عسكري أمام الفلسطينيين، عقب مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994، والفلسطينيون ممنوعون من الاستفادة من متاجرهم بالسوق منذ ذلك العام، رغم أن ملكية هذه المحال تعود الى بلدية الخليل.
ويقع السوق في محيط البلدة القديمة من الخليل ويتداخل فيها، كما أنه قريب من الحرم الإبراهيمي في منطقة السهلة، المغلقة أمام الفلسطينيين والتي حوّلتها “إسرائيل” إلى منطقة استيطانية، ومنذ احتلال الخليل عام 1967، والبلدة القديمة بما فيها سوق “الحسبة” في مرمى سهام الاستيطان، إذ يسكن فيها حوالي 400 مستوطن يحرسهم نحو 1500 جندي للاحتلال.
إلى ذلك اقتحم 138 مستوطناً المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة، ونفّذوا جولات استفزازية في باحاته، بحراسة مشددة من قوات الاحتلال.
وكان الفتى بدوي الشلش استشهد لدى إطلاق قوات الاحتلال النار عليه قرب بيت عوا جنوب الخليل، وعقب إطلاق النار، اعتقلت قوات الاحتلال شابين آخرين، أحدهما مصاب بجروح خطرة كانا برفقة الشهيد، وقد زعم الاحتلال أن الثلاثة كانوا يلقون زجاجات حارقة باتجاه برج المراقبة العسكري الإسرائيلي.
كما اقتحمت قوات الاحتلال بلدات بيت عوا في الخليل والجاروشية شمال طولكرم وزعترة جنوب بيت لحم واليامون شمال جنين، واعتقلت خمسة فلسطينيين، فيما اعتدت على الطلبة الفلسطينيين في قرية اللبن الشرقية جنوب مدينة نابلس بالضفة الغربية، ومنعتهم من الوصول إلى مدارسهم.
وقال مدير التربية والتعليم جنوب نابلس: إن قوات الاحتلال منعت الطلبة من عبور الشارع الرئيسي الواصل للمدرسة، موضحاً أن بعضهم اضطروا لسلوك طرق ترابية طويلة ووعرة للوصول إليها، فيما العدد الأكبر لم يستطع، وأشار إلى أن قوات الاحتلال تتواجد يومياً أمام المدرسة، وتعتدي على الطلبة، وذلك في إطار تنفيذ مخططات الاحتلال لإخلاء المدرسة واستهداف التعليم الفلسطيني.
وتطالب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية المجتمع الدولي باستمرار بوضع حد لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق قطاع التعليم وإنهاء معاناة الطلبة الفلسطينيين.
وفي السياق نفسه، أكد مركز أسرى فلسطين للدراسات بأن سلطات الاحتلال واصلت خلال الشهر الماضي عمليات الاعتقال التعسفية بحق أبناء الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه، وقال في تقريره الشهري: تمّ رصد 360 حالة اعتقال خلال تشرين الثاني، من بينهم 8 سيدات، 58 طفلاً قاصراً، أصغرهم الطفل باسل هاني عاشور (10 أعوام)  من خربة قلقس بمدينة الخليل، خلال عودته من المدرسة مع اثنين من زملائه تم اعتقالهم أيضاً، كذلك الطفل رضا محمد جوابرة من مخيم العروب شمال الخليل الذى يبلغ من العمر 11عاماً، مشيرة إلى أن قائمة شهداء الحركة الأسيرة ارتفعت الشهر الماضي لتصل إلى 222 شهيداً، وذلك بعد استشهاد الأسير سامى أبو دياك (37 عاماً)، من مدينة جنين في مستشفى سجن الرملة نتيجة الإهمال الطبي.
وفي ردود الفعل، جدّدت وزارة الخارجية الفلسطينية التأكيد على أن صمت المجتمع الدولي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وصمة عار في جبين العالم، وتواطؤ مع القتلة والمجرمين الإسرائيليين، وأوضحت في بيان أن عمليات القتل والإعدام المتواصلة التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم والاعتداء على مقدساتهم وممتلكاتهم ومنازلهم تأتي في إطار مخططات الاحتلال لضرب مقومات صمود الشعب الفلسطيني ووجوده في أرضه.
ولفتت الخارجية إلى أن سلطات الاحتلال تتجاهل صيغ وعبارات الإدانة والتعبير عن القلق التي تصدر عن الدول والمسؤولين الأمميين، لأنها لا تترافق مع إجراءات عملية وضغوط حقيقية لثنيها عن ارتكاب انتهاكاتها وجرائمها، مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بسرعة فتح تحقيق في جرائم الاحتلال وصولاً لمساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها.